مخاض الشرق الأوسط... سورية تعود للمشهد الدولي*مأمون المساد
الدستور
في ظل تزايد بؤر التوتر والحروب في الشرق الأوسط وغياب الوضوح في الأدوار الإقليمية والدولية، كيف ترسم معالم المنطقة ولمصلحة من؟ أسئلة باتت على لسان الجميع في منطقتنا التي ودعت الاستقرار والأمن في الملعب المفتوح لكل القوى الدولية والعالمية وبحسابات مختلفة لكل قوة والهدف الأساسي اقتسام ورثة الرجل المريض.
السيناريوهات القادمة قاتمة للأسف، فإقليم الشرق الأوسط حتى وقت قريب ( السابع من أكتوبر 2023)، بات مسرح العمليات من العدوان على غزة إلى الحرب على لبنان، واليوم سوريا التي ما تزال مآلاتها غير واضحة، والزلزال العسكري والسياسي فيها، حيث كان فعل المعارضة السورية مفاجأة للجميع وشكل صدمة في التوقيت وحجم الفعل والإنجاز على الأرض، بدءا من العصب الاقتصادي في المدن الحدودية بدءا من حلب وحماة وحمص ودرعا، وهو ما يعطي خيارين في ظل الأوضاع الراهنة أولهما الفوضى العارمة التي تسود اليوم وربما تستمر. لاشهر وسنوات طويلة في ظل تعدد المليشيات والقوى المتقاتلة ومرجعياتها التي تصب الزيت على النار، وتعنت أطراف النزاع التي صعدت منذ العام 2012 على شجرة المغالبة، والمكاسرة ولا تعترف للاخرين بحقوقهم كما الطرف الآخر الذي يريد نزع الشرعية والسيادة، أما الخيار الآخر وسط هذا الغبار الكثيف الذي يحجب الرؤية فقد يكون بداية لعملية سياسية تبعد موسكو وطهران عن المشهد السوري بضغط أمريكي وتركي واسرائيلي.
اللاعبون في مسرح الشرق الأوسط قد يجدون في الجبهة السورية الرئة الأهم في العمليات التي يمكن أن تغيير وجه الاقليم، ففي سوريا يتواجد الروسي والتركي والايراني والأمريكي وأن المغالبة في هذه الجبهة بدأت في فصل جنوب لبنان وحزب الله عن المعركة الكبرى التي تضعف القدرات الإيرانية والمحطة اللوجستية للمليشيات الحاضرة على بوابة إسرائيل الشمالية، وهي الفرصة التي لا تتكرر في تفكيك فكرة وحدة الساحات المقاومة للوجود الإسرائيلي.
المنطقة - كما أشرت سابقا - أمام مشاريع توسعية ثلاث ( المشروع الاسرائيلي، المشروع الايراني، والمشروع التركي ) وكل يلقي بثقله في الجبهة السورية ويريدها نقطة ارتكاز باتجاه البوابة الغربية للاقليم، وتعمل هذه المشاريع والقوى على قدم وساق، في السر والعلن على إنفاذ مخططاتها، إسرائيل التي أجهزت وانجزت على حزب الله تقصف طائراتها في دمشق اهدافا تقول انها إيرانية معادية، وإيران لا تريد أن تترك الساحة ولا تريد الاعتراف بهزيمتها في لبنان، ووصلت مسيراتها إلى إسرائيل كما وصلت مسيرات إسرائيل لها، ولها مصالح ومشروع الهلال الشيعي الممتد في مواجهة الخليج العربي والمصالح الأمريكية، أما تركيا التي تنفي دعمها المباشر لقوى المعارضة في الشمال السوري، فهي الأكثر استفادة مما يحدث هناك، ويخدم بشكل اساس الجانب الاسرائيلي، وبالنتيجة نحن اذن امام لعبة الليغو اليوم في الإقليم، ومن سيفوز وينتصر في اللعبة من يتعامل باستراتيجية التحالفات وتحديد الأهداف بعناية... ويبقى المشهد مفتوحا على اللانهايات.