عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2019

لبسة المهباش* رمزي الغزوي
الدستور -
اللبسة هي الاسم الحركي للثياب التي كان شائعاً تقديمها كهدية في البادية والأرياف في الأيام الخوالي، ومنها لبسة (الحسنى) التي يمنحها الرجل لمن أساء إليه، بعد أن يتمكن منه، على اعتبار أن أفضل العفو عند المقدرة، وهناك ما يعرف بلبسة العرس، وهي لبسة عويصة، ترهق كاهل العريس وتلعن سلسفينه، إذ لا تتضمن لباس العروس وجهازها فقط، وإنما ينضاف إليها عباءة للأم، وعباءة للخال والعم!!.
وأصداء البادية كانت تتداول بفخر وكبرياء خبر لبسة الجرن، وهي الثياب التي يمنحها زعيم القبيلة للفداوي (الخادم المسؤول عن دق القهوة وتحضيرها)، إذا انكسر الجرن (المهباش) بين يديه، خلال مهمة دق القهوة، فكسر الجرن فأل حسن في العرف البدوي، ويدل بشكل أكيد على كرم هذا الزعيم وسماحته، وكثرة استخدامه للقهوة، الدالة على زخم ضيوفه وعمارة ديوانه!.
وهناك لبسة الراعي الذي يسرح ويعتني بالأغنام، إذ يشترط شرطاً على صاحب الحلال، يتضمن الأجرة السنوية، وبعض البهم (صغار الغنم المتولدة حديثاً)، بالإضافة إلى ثياب جديدة بضمنها الحذاء والدشداش والفروة (عباءة الصوف)!.
أحد الرعاة البائسين قاده الحظ العاثر إلى السراحة عند أخواله، متأملاً في نفسه أنهم سيزيدون له في شرطه، إذا حال الحول، ويمنحونه أحسن الثياب، والكثير من البهم، فهو ابن أختهم، ولا بد أن يراعوا هذه الصلة الوثقى!.
أخوال الراعي راودهم هاجس يعاكس هاجسه، فهم يتأملون في قراره أنفسهم، بأن راعيهم هو ابن أختهم الغالية، وعيب أن يطلب شرطاً منهم، كما يطلب الرعاة الآخرون، وتسير الأمور تحت ضباب الغموض، وكلا الطرفين يمني نفسه هواءها، حتى انقضت السنة، وآن أوان الشرط، فما كان نصيب الراعي المسكين ألا.. الخيبة!.
المواطن بحاجة دائمة إلى أن يقدم لبسة الجرن لمستحقيها من أصحاب الشركات والتجارات والقرارات، فليس هناك دق أكثر وأشد ضراوة من دقنا وهرسنا بجرن أسعار بعضهم ومهباشهم الذي انكسر أكثر من مرة في هذه الأيام، وليست غلايانات طمع بعضهم وجشعهم أقل حرارة من غلينا كالقهوة في دلالها!.
ومع أننا مع كل سعار للأسعار لا ننتظر منهم شرطاً، ولكننا نهجس في همس نفوسنا، أننا تحت رعاية أخوالنا التجار، ولن يكووننا بلهيب سياطهم، ومن الجهة مغايرة سيهجسون في صمتهم الباسم، أن لديها ناس (برنجه)، لن يطلبوا شرطاً أو لبسة، ولن تتخرج من زفرة غضب أو عتب، حتى أنهم سيشلحون جلدهم فدوة لعيون أخوالهم.