الغد
أهداف مختلفة لكل من سورية والولايات المتحدة، قادت الرئيس السوري لزيارة الولايات المتحدة، فالشرع حمل عنوانا رئيسيا لزيارة وهو رفع جميع العقوبات المفروضة على بلاده.
على الطرف الآخر ترى الولايات المتحدة، في زيارة الشرع فرصة لتقريب وجهات النظر حيال انضمام سورية للاتفاقيات الابراهيمية، خاصة وأن تصريحاته وعددا من المسؤولين السوريين لم ترفض الامر، بل رهنته باستعادة مرتفعات الجولان من الاحتلال الاسرائيلي، وما احتلته تل أبيب العام الماضي، مع سقوط نظام الاسد.
وتحاول الولايات المتحدة وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب بكل السبل سحب سورية باتجاه النظام العالمي، والانضمام الى الدول المنضوية تحت راية ما يسمى "الاتفاقات الابراهيمية"، وكذلك ترغب الولايات المتحدة في التوصل إلى تفاهمات وإطار تسوية بين سورية وكيان الاحتلال الإسرائيلي.
إلا أن العقبة في سبيل ذلك إصرار القيادة السورية وعلى رأسها الشرع، أنه لا يمكن توقيع اتفاق سلام مع تل أبيب وهي ما تزال تحتل مرتفعات الجولان، وترغب الادارة السورية الجديدة بالعودة الى اتفاق فك الاشتباك التي وقعت في العام 1974.
وفي هذا السياق نشرت وسائل إعلام أميركية، أن "هناك محاولات تجري راهنا على أساس تبادل للأراضي بين سورية والاحتلال، والانسحاب جزئيا من مرتفعات الجولان، وليس شاملا، إلا أن محللين يشككون بإمكانية موافقة حكومة الشرع على هذا الطرح".
الشرع وفق محللين يرى بزيارته للولايات المتحدة، صعودا لأكبر درجات سلم الانضمام الى المجتمع الدولي، بعد قطيعة استمرت لسنوات بعهد نظام الاسد.
العنوان الثاني الذي حمله الشرع كان حث المتجمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، للمشاركة بجهود إعادة إعمار سورية والاستثمار بها، بعد صراعٍ دامٍ عاشته البلاد لما يزيد على 13 عاما.
وتشكل إعادة الإعمار أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطة الانتقالية، إذ يُقدر البنك الدولي احتياج سورية إلى قرابة 216 مليار دولار، من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية وما دمرته الحرب السورية.
وكان المبعوث الأميركي إلى سورية، توم براك، قد قال مطلع الشهر الحالي إنه يأمل أن يُوقع الشرع خلال الزيارة على اتفاق انضمام سورية إلى التحالف الدولي.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قال في مؤتمر صحفي عقده مساء أول من أمس في واشنطن، إن الاجتماع الذي جمعه بنظيريه السوري أسعد الشيباني والأميركي ماركو روبيو، ناقش رؤى الدول الثلاث وسبل تعزيز التعاون المشترك، مشيرا إلى أن اللقاء يأتي استكمالا لاجتماع سابق استضافته أنطاليا التركية خلال أيار (مايو) الماضي.
وأكد فيدان أن أحد أبرز محاور الاجتماع كان مناقشة العقوبات الأميركية المفروضة على سورية بموجب "قانون قيصر"، مشددا على ضرورة رفع هذه العقوبات لدعم تعافي الاقتصاد السوري.
السويداء وقسد
كما تناول الاجتماع الثلاثي أيضا تطورات الأوضاع في محافظة السويداء السورية، التي شهدت في تموز (يوليو) الماضي اشتباكات مسلحة بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، أسفرت عن قتلى قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
كما ناقش المجتمعون أوضاع شمال شرق سورية، حيث تنتشر ما تعرف بقوات سورية الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا، في حين أكد فيدان أهمية هذه المحادثات من حيث بحث مستقبل تلك المناطق، بحسب الأناضول.
وكان الشيباني قال أول من أمس إن رئيس البلاد أحمد الشرع عقد "اجتماعًا بنّاءً" مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، جرى خلاله "التأكيد على دعم وحدة سورية وإعادة إعمارها".
وأوضح الشيباني على موقع "إكس" أنه "بعد تحضيرات مكثفة استمرت لأشهر، عقد الرئيس أحمد الشرع اجتماعًا بناءً مع الرئيس دونالد ترامب، جرى خلاله بحث الملف السوري بجميع جوانبه".
وأضاف أنه "تم التأكيد على دعم وحدة سورية، وإعادة إعمارها، وإزالة العقبات أمام نهضتها المستقبلية".
من جانبها، قالت وزارة الخارجية السورية في بيان، إن "اللقاء التاريخي" بين الشرع وترامب "استمر لأكثر من ساعة، وسادت خلاله أجواء ودية وبناءة".
وأفادت بأن ترامب عبر خلال اللقاء "عن إعجابه بالقيادة السورية الجديدة وبالشعب السوري، مشيدًا بجهود سورية في قيادة المرحلة السابقة بنجاح، وبما تحقق من إنجازات على صعيد التحرير وإعادة الاستقرار إلى ربوع البلاد".
وأكملت الخارجية السورية: "كما أكد ترامب استعداد الولايات المتحدة لتقديم الدعم اللازم الذي تحتاجه القيادة السورية لإنجاح مسيرة البناء والتنمية في المرحلة المقبلة".
واتفق الجانبان خلال المباحثات، بحسب البيان، على المضي في تنفيذ اتفاق 10 آذار (مارس) الماضي، بما يشمل دمج التنظيم المعروف باسم "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ضمن صفوف الجيش السوري، "في إطار عملية توحيد المؤسسات وتعزيز الأمن الوطني".
وحسب الخارجية السورية، فإن "الجانب الأميركي أكد دعمه للتوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل يهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي".
وفي الشق الاقتصادي عبر الرئيس ترامب، بحسب بيان الخارجية السورية، عن "دعم بلاده لجهود النهضة والاستثمار في سورية، مؤكدًا التزام الولايات المتحدة بالمضي في رفع العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، بما يتيح تعزيز فرص التنمية وجذب الاستثمارات".
وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان، تعليق العقوبات المفروضة على سورية ضمن "قانون قيصر" لمدة 180 يوما.
ويحل هذا التعليق محل إعفاء صدر في 23 مايو/أيار الماضي، والذي منح أيضا إعفاء لمدة 180 يوما من عقوبات "قانون قيصر"، وفق البيان.
وفي 11 كانون الأول" ديسمبر" 2019 أقر الكونغرس الأمريكي "قانون قيصر" لمعاقبة أركان نظام الأسد على "جرائم حرب" ارتكبها بحق المدنيين في سورية.
إلا أن استمرار القانون بعد سقوط النظام يؤثر سلبا على الشعب السوري، كونه يفرض عقوبات على أي جهة محلية أو أجنبية تستثمر أو تتعامل مع البلاد في قطاعات مثل الطاقة والطيران أو البناء والمصارف.
ووفق بيان الخارجية السورية، فإن اللقاء بين ترامب والشرع، "اختتم بتبادل الهدايا التذكارية بأجواء ودية تعبّر عن الرغبة المشتركة في بناء صفحة جديدة من العلاقات السورية الأميركية، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للشعبين الصديقين".
ووفق البيان، فإنه "بتوجيه من الرئيس ترامب عقد اجتماع عمل موسع ضم وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان لمتابعة ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين ووضع آليات تنفيذ واضحة له".
وبحسب "الإخبارية السورية"، فإن الشرع،غادر الاثنين، البيت الأبيض، بعد لقائه المغلق مع ترامب.-(وكالات)