عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Feb-2020

الأفكار السلبية.. نظرة سوداوية تربك حياة المرء

 

ديمة محبوبة
 
عمان– الغد-  تعلق الأفكار في العقل الباطن للإنسان، وحتما أكثر هذه الأفكار تلك التي تأخذ حيزا كبيرا في حياته، وعادة ما تكون الأفكار السلبية، فهي تؤرقه، ويبدأ بتحليلها وتحليل عواقبها وتؤدي لإجهاده، حتى البعض من الممكن أن يصاب بأمراض نفسية وجسدية جراءها، إذ أثبت المختصون أن الحالة النفسية السلبية تخفض مناعة الجسم، ما يضر بصحتها، وإصابتها بالأمراض أكثر.
“بعد فقداني لصديق طفولتي بمرض السرطان العام الماضي، دخلت بحالة اكتئاب، جراء التفكير بأن كل ما يقوم به المرء لا قيمة له، فالمصير واحد بشكل أو بآخر، حتى أني تركت عملي، وتركت أصدقائي، وحاولت الابتعاد عن الجميع”، بهذه الكلمات وصف أحمد علي حالته النفسية “السلبية”.
ويكمل بأن صديقه كان من الشخصيات الناجحة، والجميع يوده، ويتمتع بطاقة إيجابية عالية، حتى أثناء علاجه ومراحل مرضه، بل كان “سببا” في تفاؤل من حوله.
ويضيف، “لكن، وبعد كل هذا غيبه الموت”، ما جعل أحمد لا يفكر بأي شيء إيجابي، ويعتقد بأن الحياة لا تستحق الجهد والتعايش!
ويقول، “هذه النظرة السوداوية استحوذت على أفكاري، ولم تفارقني طوال الوقت، وسلبت طاقتي أمام أهل بيتي، بل أثرت عليهم كثيرا، وباتت المشاكل أكبر بيني وبين زوجتي، وبين أسرتي التي لم تجد حلا لخروجي مما أنا فيه”.
وزاد الأمر سوءا ما يقارب ثلاثة شهور، فأصبح شبيها بـ “شبح”، لا يأكل، ولا يمارس أي نشاط، إلا أن موقف ابنته منه كان بمثابة “اليقظة” له، عندما أصغى لحديثها مع والدتها “أنا اشتقت لبابا القديم، وأشعر أن أبي مسافر أو اختفى أو مثل عمو فراس الذي مات”.
ويبين أن هذه الكلمات وقعت كالصاعقة على مسامعه، وأدرك حقيقة “أن لا ذنب لمن يعيش معه بهذه السلبية، وأن الموت حق على الجميع، ويتوجب على المرء أن يترك انطباعات جميلة ومختلفة ومحببة لأولاده وزوجته وعائلته وأصدقائه من بعده.
ويستذكر أول شيء قام به في اليوم الآخر لحالة “العزلة”، هو دخوله للاستحمام الذي كان يتثاقل منه في الآونة الأخيرة، إذ قام بتشذيب لحيته، وارتدى ثيابا زاهية اللون، وقرر تناول الفطور مع عائلته خارج المنزل.
انتصر أحمد على تلك الحادثة بعد مرور عام كامل، ويسعى لطرد أي أفكار سلبية تراوده بين الحين والآخر، على حد تعبيره، مؤكدا، بأن العيش بسلام ومرح مع عائلته من حقه وحقهم، ويجب أن يتغلب الفرح على الحزن، فالتفكير السلبي يتمكن من المرء إن لم يتصدّ له ويقاومه.
ويعرف اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة الأفكار السلبية، بأنها مجموعة من الأفكار تدور حول التشاؤم، وإقصاء أي شيء إيجابي، حتى أحيانا تحويل الأمور الإيجابية إلى سلبية، فهي نظرة سوداوية عامة لأي شيء.
ويؤكد مطارنة أن هذه النظرة عادة ما تأتي من خلال نماذج ومواقف حدثت بالفعل في الأسرة أو في العمل، وأفقدت الشخص ثقته بذاته وبمن حوله، وأثرت على حالته النفسية، ما جعل بعض الاكتئاب يتسلل إلى حياته، ومن الممكن أن يتملكها بشكل كامل.
ويكمل بأن هناك نتائج أخرى من الحياة الواقعية تجعل الفرد سلبي، والأفكار السلبية تتمحور في حياته، وأهمها الفشل، وذلك بإجراء المقارنة بينه وبين الآخرين في عمله أو بين أفراد أسرته أو مع أصدقائه.
ويرى أن الشخص ذا التوجه السلبي في حياته يجعل نفسه عرضه لدرجات عالية من الاكتئاب، كالهروب من النور ومحاولة إغلاق النوافذ والستائر، حتى الاستماع للأغاني الحزينة والأفلام الحزينة، إلى جانب الابتعاد عن مخالطة الأصدقاء والخروج معهم للترفيه.
ويشير مطارنة إلى إمكانية التخلي عن الحالة النفسية السلبية من خلال أخذ القرار في البداية بالابتعاد ومحاولة التغيير، فيقوم الفرد بكتابة لائحة تحمل قناعاته السلبية بمواقف معينة في حياته، إن كانت في عمله مع أسرته مع أصدقائه، ولماذا يراها سلبية، وأن يحاول أن يكتب بجانبها ما الذي يتمناه، وأن يكون إيجابيا في كل موقف، أو بالأحرى عكس قناعاته الحقيقية.
وهذا التدريب، بحسب مطارنة، يجعل الفرد يفكر بشكل مختلف وإن كان لحظيا، ففكرة التحرر والابتعاد قليلا عن السلبية من الممكن أن تكسر وتذيب قالب الثلج الذي وضع نفسه فيه.
ويلفت إلى أن العقل الباطن هو أساس أي معتقد، وأي حالة يكون عليها الفرد في الصباح بشكل عام، فعلى الفرد أن يقرأ لائحة الايجابيات والمقولات التحفيزية قبل نومه ويرددها بشكل يومي، ومع الوقت سيدرك أن طريقة تفكيره اختلفت، وأن لديه قناعات أخرى، ويجد نفسه محررا بكل ما هو سلبي في حياته.
وينصح مطارنة بأن على الأفراد السلبيين تغيير نمط تفكيرهم سريعا وأن يبذلوا قصارى جهدهم لارتباط الحالة النفسية بكثرة الأمراض الصحية، فالحالة النفسية السلبية تقلل المناعة ما يجعل الجسم أكثر عرضة للمرض.