القدس المحتلة – استيقظت دولة الاحتلال الإسرائيلي أمس على حكومة جديدة برئاسة الزعيم اليميني المتطرف نفتالي بينيت والانظار تتوجه إلى برنامجه، وإلى ترجمة وعود ائتلاف “التغيير” على أرض الواقع بعد طي 12 عاما من حكم بنيامين نتنياهو.
وأطاح الائتلاف الذي يضم أحزابًا إسرائيلية متباينة في توجهاتها وتشكيلة من قدامى القادة السياسيين وعددا كبيرا من النساء بنتنياهو بعد أن جمعتهم مهمة إنهاء حياته السياسية.
وحصل الائتلاف الحكومي الجديد على أصوات 60 نائبا في حين عارضه 59 نائبا معظمهم من أحزاب اليمين واليمين المتطرف بينما امتنع نائب واحد عن التصويت.
وفي افتتاحية صحيفة معاريف الوسطية، كتب الصحفي المتخصص في الشؤون السياسية بن كاسبيت “هذا الصباح يصادف فجر يوم جديد. … إنه صباح العمل الشاق اللازم لإعادة البناء”.
وقال “رغبة عدد كبير من الإسرائيليين في العيش بسلام دون تحريض على العنف ودون كراهية، وقبل كل شيء دون أكاذيب لا تنتهي كتلك التي خلفها نتنياهو”.
وفي تعليقه على الحكومة الاسرائيلية الجديدة قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن “الامتحان أمام أي حكومة في اسرائيل بالنسبة لنا هو تعهدها بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالحق التاريخي والسياسي السيادي للفلسطينيين بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس”.
وأكد على أن برنامج نتنياهو قام على تدمير اي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.
أما وزارة الخارجية الفلسطينية فقالت إن وصف الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأنها “حكومة تغيير … غير دقيق إلا إذا كان المقصود بالتغيير إزاحة نتنياهو”.
أما بالنسبة لسياسات بينيت فكتبت الوزارة “أنها لن تتغير إن لم نشاهد أسوأ منها” من فترة نتنياهو.
على الجانب المقابل تعهد نتنياهو (71 عاما) في خطابه الأخير أمام الكنيست بأن عودته ستكون “قريبة”، على الرغم من مواجهته تهم فساد قد تدخله السجن، وتنحيته تعني أنه لم يعد يتمتع بأي حصانة.
من جانبه أكد الرئيس الاميركي جو بايدن بعد تهئنة بينيت أمس التزام إدارته الكامل بالعمل مع الحكومة الاسرائيلية الجديدة “للدفع قدما بالأمن والاستقرار والسلام بالنسبة الى الاسرائيليين والفلسطينيين والشعوب في أرجاء المنطقة.
وفي اتصال هاتفي اتفق بايدن وبينت “على أنّهما وفريقيهما سيتشاورون عن كثب بشأن كلّ الأمور المتعلّقة بالأمن الإقليمي، بما في ذلك إيران” على ما أكد البيت الأبيض.
كما هنأ كل من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والمستشارة الأميركية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ووزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد.
وأمس، كتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة نشرها الكرملين متوجها إلى بينيت بعد أن هنأه: “آمل أن يسهل عملك على رأس الحكومة مرحلة جديدة من التعاون الثنائي البناء في جميع المجالات”، معتبراً أن التعاون الروسي الإسرائيلي سيعزز “السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”.
ويعتمد الائتلاف الحكومي الجديد على التناوب وسيترأسه زعيم حزب يمينا لعامين قبل أن يسلم المنصب في آب (أغسطس) 2023 ليائير لبيد الذي يتولى حاليًا حقيبة الخارجية.
لكن الائتلاف الهش الجديد يواجه تحديات عدة وعلى رأسها تعافي الاقتصاد بعد انتكاسة كبيرة بسبب تفشي فيروس كورونا، بالإضافة إلى النزاع مع الفلسطينيين.
يأتي ذلك على وقع تنظيم الجماعات اليمينية المتطرفة مسيرة مثيرة للجدل من المقرر أن تصل إلى القدس الشرقية المحتلة التي تشهد منذ نحو شهرين احتجاجات شبه يومية.
واندلعت الاحتجاجات في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح جمعيات استيطانية.
وأدى ذلك إلى تصعيد أعقبه عدوان على قطاع غزة استمر 11 يوما وتسبب باستشهاد 260 فلسطينيا بينهم 66 طفلا وألحق دمارا هائلا في القطاع المحاصر، وفي الجانب الإسرائيلي قتل 13 شخصا بينهم جندي.
وأنهى وقف إطلاق النار بوساطة مصرية المواجهات، لكن المحادثات من أجل هدنة دائمة لم تنجح وهذا ما سيشكل تحديًا آخر للحكومة الجديدة.
المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم علق أول من أمس بالقول إن “سلوك هذه الحكومة على الأرض سيحدد طبيعة ومسار التعامل الميداني مع الاحتلال”.
ورأى المعلق السياسي ناحوم برينع في مقال له نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت أن “هذه الحكومة ستواجه صعوبة في اتخاذ القرارات”.
وتعهد وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لبيد بتحسين العلاقات مع الحزب الديموقراطي الأميركي، وإنهاء “التعامل العدائي” مع أوروبا الذي اتهم بنيامين نتنياهو بتعزيزه.
وقال الزعيم الوسطي والذي كان مهندس الائتلاف الحكومي الجديد الذي أطاح بنتنياهو في تصريحات لموظفي وزارة الخارجية إن إسرائيل “تخلت عن الساحة الدولية” في ظل حكم نتنياهو الذي استمر 12 عاما دون انقطاع.
وقال “علاقتنا مع العديد من الحكومات أهملت وأصبحت عدائية”. وأضاف أن “إعلاء الصوت والقول بأن الجميع معادون للسامية ليس سياسة أو خطة عمل حتى لو كان ذلك عن وجه حق في بعض الأحيان”.
ورأى لبيد إن “إدارة العلاقة مع الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة كانت خطيرة ومتهورة … حذرت من ذلك أكثر من مرة لكن الحكومة المنتهية ولايتها قامت بمغامرة متهورة وخطيرة بالتركيز على الحزب الجمهوري بشكل حصري”.
وقال إنه تحدث إلى نظيره الأميركي أنتوني بلينكن وأنه وافق على “تغيير طريقة عملنا معهم” أي مع الرئيس الديمقراطي الأميركي جو بايدن ومجلس النواب، مشيرًا إلى أنهم “غاضبون”.
وأكد لبيد أيضا أنه سيعمل على تعزيز العلاقات مع القادة الأوروبيين مشيرا إلى أنه “تبادل الرسائل” مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأنه تحدث أيضا إلى المفوض العام للسياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل.
وحول الاتفاق النووي الإيراني تعهد وزير الخارجية بأن “إسرائيل ستفعل كل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية” وقال “ما أزال أعارض” الاتفاق الجديد الذي أيده بايدن.
وعلى صعيد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، قال لبيد “كالعادة ستحدد الساحة الفلسطينية إلى حد كبير ساحات أخرى أيضا”.
وأضاف “ربما لا نتوقع اتفاقا بشأن الوضع النهائي قريبا لكن هناك الكثير الذي يمكننا القيام به لتحسين حياة الفلسطينيين والحوار معهم بشأن القضايا المدنية”.-(أ ف ب)