عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Aug-2024

"شومان" تصدر كتاب "أدب الأطفال في الأردن.. آفاق المتعة والفائدة"

 الغد-عزيزة علي

صدر عن دار الأهلية للنشر والتوزيع، كتاب بعنوان "أدب الأطفال في الأردن.. آفاق المتعة والفائدة"، وكتب تقديما للكتاب أستاذ الأدب والنقد في جامعة فيلادلفيا د. محمد عبيد الله، وأعدته مؤسسة عبدالحميد شومان.
 
 
الكتاب عبارة عن أوراق ملتقى أدبي أقامته مؤسسة عبدالحميد شومان، وشارك فيه كل من: "محمد عبيدالله، عبير النوايسة، تغريد النجار، آية يونس، هيا صالح، لما عازر، روضة الفرخ الهدهد، ناصر شبانه، راشد عيسى، صبحة أحمد علقم، محمود أبو فروة الرجبي، أماني سليمان داود، هديل مقدادي، فلورا مجدلاوي، منير حسني الهور، محمد جمال عمرة، يوسف البري، رمزي الغزوي، سوزان غاوي، سناء الحطاب، وناهد الشواء".
 
د. عبيدالله يقول في تقديمه للكتاب: "إن أدب الأطفال صنفا حيويا من الأدب المتداول في عصرنا الراهن، وهو يستند إلى تاريخ طويل من التطور في مختلف الثقافات شرقا وغربا، كغيره من أصناف الأدب الكبرى، وتحت هذه التسمية الشاملة نجد أنواعا فرعية تمثل ألوانا من الشعر والقصة والرواية والمسرحية، مثلما تنقسم هذه الأنواع إلى أنماط أخرى وفق أساليبها أو موضوعاتها، ولكل منها تاريخ مميز بعلامات وإنجازات وكتابات تتفاوت في قيمتها واستمرار حياتها، ولا شك أن أهمها تلك النصوص والآثار التي قاومت الزمن وانفلتت من عقاله، فاستمرت في الحياة والفاعلية والتأثير، مما مكنها من ضمان حضورها حتى أيامنا الراهنة".
ثم يشير عبيدالله إلى تجربة أدب الأطفال في فلسطين والأردن، مبينا أنها نشأت مبكرا من خلال عدد من الأدباء والتربويين الذين حرصوا على وضع نماذج من أدب الأطفال شعرا ونثرا في الكتب المدرسية والكتب الأدبية وكتب المطالعة الداعمة للتعليم، أمثال: "راضي عبدالهادي، إبراهيم البراوشي، إسحق موسى الحسيني، خليل السكاكيني، فائز علي الغزل، حسني فريز، وعيسى الناعوري"، وغيرهم من الرواد والكتاب الأوائل.
ويشير عبيدالله إلى أنه بعد هؤلاء اتسع الاهتمام وكثر عدد الأدباء المهتمين بالكتابة للأطفال، وأفادوا من ظهور المجلات الموجهة إلى الأطفال، وكذلك حرصت الصحافة الأردنية على تخصيص صفحات أو ملاحق للأطفال، إلى جانب اتساع دور المؤسسات الرسمية والأهلية وكثرة دور النشر وتطور المطابع وظهور الهيئات المتخصصة في الطفولة، واتساع الوعي بثقافة الأطفال، وتأسيس الجوائز المخصصة لهذا المجال، وصولا إلى تدريس مواد تعليمية متخصصة في أقسام اللغة العربية وأقسام التربية في مجال "أدب الأطفال"، أو "ثقافة الأطفال"، وإعداد الرسائل الجامعية والبحوث والدراسات النقدية والتاريخية المتعلقة بهذا المجال، مما ينم عن الرصيد الإبداعي الواسع المشجع على الدراسة والبحث.
وينوه عبيدالله إلى اتساع مساهمة المرأة التي بدأت في سبعينيات القرن العشرين الدخول في مضمار أدب الأطفال وثقافتهم، فتأسست صورة الكاتبة الأم التي تؤلف وتقرأ قصصها وأشعارها للأطفال في مدارسهم وصفوفهم، وليس أدل على ذلك من اتساع المشاركة الإيجابية للمرأة في مجال أدب الأطفال من مشاركة ثلاث عشرة كاتبة وباحثة في الكتاب الذين بين أيدينا، من مجموع عشرين مشاركا ومشاركة، مما يعني أن 65 %، من المشاركين في الملتقى، هم من النساء المهتمات بأدب الأطفال إبداعا ونقدا وبحثا.
وينوه عبيدالله إلى الاهتمام بأدب الأطفال من قبل فئات واسعة من الناس، بدءا من الكتاب الذي ينتجونه، وصولا إلى الأطفال الذين يتلقونه ويستهلكونه، إلى جانب الأسر والمدارس والمؤسسات المعنية بالأطفال، فضلا عن النقاد والمهتمين بالأدب، والمعلمين والتربويين، والرسامين والخطاطين والمصممين الذين يساهمون في الرسم والخط والتصميم والإخراج، إلى جانب قطاع الطباعة والنشر الذي تطور اهتمامه بأدب الأطفال حتى صار هناك دور نشر متخصصة بكتب الأطفال ونشرها بشكل عصري وجذاب، والهدف هو أن يصل إلى فئات متعددة من الناس ممن يرون أن هذا الحقل يخصهم أو يعنيهم، ويريدون له الاستمرار والازدهار.
ويشير إلى أنواع أدب الأطفال وأصنافه، حيث يتضمن ضوابط وقواعد متعارف عليها، فإن أدب الأطفال له ضوابط وإكراهات، كما يسميها بعض النقاد، وهي إكراهات لأن الكاتب مجبر على الخضوع إليها، والاحتكام لحدودها، فالكاتب ليس حرا حريته التامة التي يكتب فيها بقية الأدباء ممن يكتبون للكبار، ولعل أدب الأطفال من أوضح أصناف الأدب التي يحتكم فيها الكاتب للمتلقي وطبيعته وحدوده، وإذا كان الأديب أو الشاعر الذي يكتب للكبار ليس مقيدا تمام التقييد بمثل هذا الشرط وبمكنته أن يعارض المتلقي وألا يخصع له، وأن يطلب منه أن يفهم ما يقال، فإنه في حالة أدب الأطفال لا يتمتع بهذه الحرية، ذلك أن المتلقي/الطفل، بحكم سنه ومرحلته العمرية، ورغم كل التقدير لذكائه الفطري، والاحترام لعقله، فإنه في مرحلة من النمو والتحول والتطور باتجاه الرشد والنضج، من نواح عديدة؛ عقلية وجسمية ونفسية ولغوية، والتربويون وعلماء النفس يعرفون بدقة طبيعة هذه المراحل من التكون والنمو باتجاه تحقيق الهوية واكتمال الشخصية، فهذا الكائن المختلف عن الكبار كائن قيد النمو، وإن كنت اخترت مخاطبته، فلا بد أن تعرف الكثير عن طبيعته ومحددات شخصيته.
ويرى أنه لا بد للأدب الذي يخاطب الأطفال أن يتلاءم ويتكيف مع حاجاته النفسية والجسدية والعقلية واللغوية، وأن يكون عاملا في بناء شخصيته ونمائه. وهذا أبسط قدر من تلك الإكراهات التي تحدد كاتب أدب الأطفال، فهو إذن بجانب مقدرته الأدبية واستعداداته اللغوية والجمالية، لابد أن يكون تربويا ملما بنفسية الطفل وشيء من علم نفس النمو، إلى جانب الاتصال المباشر بالأطفال وعالم الطفولة، ليكون قريبا من هذا العالم المركب غير السهل، فلا تعني الطفولة ما قد يتبادر إلى بعض الأذهان من البساطة أو السذاجة، وإنما هي مرحلة مهمة وحيوية في عمر الإنسان، لها مكوناتها ولغاتها وأساليب مخاطبتها والتأثير الإيجابي فيها.
ويؤكد عبيدالله أن أدب الأطفال هو فرع من ثقافة الأطفال وسبيل من سبل تربيتهم وتعليمهم، ومن يقرأ تاريخ أدب الأطفال، سيجد أن هذا الأدب نشأ في أحضان البيئة التعليمية والتربوية، وأنه ما يزال حتى اليوم مقترنا بها لا يستطيع منها فكاكا، فعلاقته بالمدرسة والمعلم والبيئات التربوية علاقة وثيقة، وهو في أفضل حالات استقلاله يعد رديفا وداعما للتعليم المنظم الذي يناله الطفل في الحضانة والمدرسة. وقد لاحظ العديد من الكتاب والباحثين هذه العلاقة سواء في مرحلة النشأة المبكرة لهذا الأدب في الأردن والعالم العربي، أو في مراحل التطور حتى اليوم.  ويقتضي ذلك أن يتضمن أدب الأطفال ضربا من التعليم غير المباشر، وأن ينسجم مع النتاجات التعليميمة التي تتوخاها مراحل الدراسة المختلفة، بل ربما كتبت بعض النماذج للتوافق مع الصفوف والمراحل التي يمر بها الأطفال وفق النظام المدرسي، فيكون لدينا أدب ملائم لمرحلة ما قبل المدرسة يجري التركيز فيه على الصورة أكثر من الكلمة، ثم أدب لمرحلة الطفولة المبكرة المرتبطة بالصفوف الثلاثة الأولى، وأدب للطفولة المتوسطة، ثم أدب الطفولة المتقدمة، وصولا إلى أدب الفتيان والفتيات أو أدب مرحلة المراهقة أو أدب اليافعين كما يسميه بعض المتخصصين.
ويرى عبيدالله أنه من أهم وظائف أدب الأطفال عندما نقرنه بالمدرسة مسألة التشجيع على القراءة وغرس عاداتها الحميدة، ويترتب على ذلك العناية بالمكتبات المدرسية وحصة أو أكثر للمكتبة، يجري فيها الاهتمام بأدب الأطفال، وتشجيع الأطفال على القراءة لتغدو سلوكا مرغوبا ممتعا لا يتخلون عنه، إلى جانب تطوير أندية القراءة والمسابقات والجوائز المحفزة على القراءة.
وخلص عبيدالله إلى أن حدود أدب الأطفال تتسع، فلا تقف عند الحد الضيق لمدلول مصطلح الأدب بمعناه الأساسي، وإنما تستعيد دلالاته القديمة الواسعة التي تشمل الطبيعة والوظيفة معا، مثلما تشمل ألوانا وأصنافا قد لا يراها أحدنا فيه بشروط الأدب بمعناه الضيق، ومع تفهم مسألة "أدبية الأدب"، واشتراطاته الجمالية والفنية واللغوية، فإننا إزاء هذا الصنف نميل إلى توسيع حدوده حتى يكاد يكون مرادفا لثقافة الأطفال بألوانها المختلفة من كتابات أدبية وعليمة وصحية، وبدلا من ترك الأطفال نهبا للبرمجيات والألعاب الجاهزة، فيفترض بنا إدماج الأدب الموجه والرصين والملتزم بطبيعة ثقافتنا المحلية والعربية بهذه الوسائل الحديثة، لإنتاج أشياء جديدة تلائم طفل اليوم والغد.