عمان- عاين أستاذ النقد في جامعة الزيتونة الأردنية د. تيسير أبو عودة مفاهيم التربية والتعليم والتفكير النقدي في الوطن العربي في محاضرة ألقاها مساء أول من أمس في مقر الجمعية الفلسفية الأردنية بعمان.
وقال د. أبو عودة في المحاضرة التي حملت عنوان “التربية النقدية ودياليكتيك السلطة والمعرفة في الوطن العربي”، “إن الحديث عن التعليم ومآلاته الثقافية والحضارية في الوطن العربي تحفه مزالق معرفية ونمطية ودوغمائية لا حصر لها”، موضحا أن كثيرا من منظري التربية ونظريات البيداغوجيا يقعون في فخ الاستشراق التربوي والمعرفي بنسخته الأوروبية المركزية. وأضاف: “إذا استثنيا عبدالرحمن الكواكبي ومحمد عبده وطه حسين وخليل السكاكيني وأنور عبدالملك وإدوارد سعيد وجورج طرابيشي وغيرهم من مثقفي النزعة التصحيحية والثورية وأصحاب المشروع الإنسانوي والتحرري قلبا وقالبا، نجد الكثير من منظري التربية والسوسيولوجيا في الوطن العربي الكبير يتوسلون بخطاب يبدو ظاهريا تنويريا لكنه مدجج بنبرة الهزيمة وجلد الذات والشعور بالدونية والسقوط في وحل التماهي المفرط مع الخطاب الغربي المركزي رغم البون الشاسع فيما يخص السياق التاريخي والسياسي والسوسيولوجي”.
ولفت المحاضر الى أن المأزق السياسي والثقافي الوجودي للوطن العربي في صورته الجمعية في حقبة ما بعد الاستعمار وما بعد ما أطلق عليه “ثورات الربيع العربي” على وجه الخصوص، يدفع لزاما الى مواجهة أخلاقية ومعرفية لواقع التربية النقدية وديالكتيك السلطة والمعرفة في الجامعات العربية.
وأشار أبو عودة الى أنه على أرض الواقع وكما يرى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في أطروحته الموسومة “محاضرات في البيداغوجيا”، فإن أنسنة الخطاب المعرفي والتربوي ومقاومته لخطاب السلطة الشمولي والبرجوازي هي مطلب أخلاقي وسياسي عندما يتعلق الأمر بالوعي السياسي والاجتماعي الجمعي والفردي في سياق ثالوث الثقافة والحضارة والأخلاق، والذي يشكل بنية أي مجتمع مدني ينظر للإنسان من نافذة قيم الحرية والعدل والكرامة والمساواة والتحرر المعرفي الإيديولوجي من دوغمائية السلطة المؤسساتية والسلطة المعرفية.
ورأى المحاضر أنه في سياق مشحون بالتوتر التأويلي والإيديولوجي والتاريخي، نجد أنفسنا في مواجهة أخلاقية محسومة وضرورية لتقديم الجامعات العربية لمحاكمة تاريخية وأخلاقية و”ابيستومولوجية”.
واعتبر أبو عودة أن التراتبية الداروينية في تصنيف البحث العلمي بناء على مدخلات سطحية وتقنية يتم إقحامها في سياق عربي مختلف تماما من حيث البنية والثيمة ومن حيث الطبيعية النيوليبرالية لمثل هذه التراتبية المعيارية.
وبحسبه، فإن التحولات الجوهرية في طبيعة الجامعات العربية ووظائفها التقنية التسويقية في زمن بعد الاستعمار تمثلت بتأصيل القطيعة بين التخصصات الإنسانية والعلمية من جهة والقطيعة التاريخية والمعرفية بين الجامعات والمجتمعات العربية وآمالها وآلامها من جهة أخرى. وفي ختام المحاضرة التي حضرها عدد كبير من المثقفين والأكاديميين والمهتمين، جرى حوار معمق بين الحضور والمحاضر حول عدد من محاور المحاضرة.-(بترا)