معاریف
إلى أن یلقى القبض على المخرب ویخضع للتحقیق لدى جھاز الأمن العام، من الصعب أن نمیز
عملیة الإرھاب التي وقعت أمس في الضفة: ھل عمل وحده على نمط ”المنفذ الفرد“، أم كان لھ
شركاء في السر؟ ماذا كانت دوافعھ – شخصیة أم ایدیولوجیة؟ ھل لھ أو لأبناء عائلتھ انتماء تنظیمي؟ ھل تلقى الھاما من عملیات سابقة أم خرج إلى حملة القتل بقرار عفوي، في نزوة ما؟
سطحیا، تبدو الحادثة نتیجة لسلسلة حالات اختلط فیھا انعدام الحظ ورد الفعل البطيء وربما غیر
المناسب من جانب الجنود، رغم أن المخرب اصیب بالنار، مما یبعث على الاحساس بانھ كان ممكنا وقف العملیة في موعد مبكر أكثر. فقد وصل المخرب وھو یحمل سكینا، ھاجم جندیا، سیطر على سلاحھ، اطلق النار على سیارات تمر في الطریق، قتل جندیا وسیطر على السیارة التي یستقلھا، في ظل اطلاق النار والفرار.
تذكر العملیة بالعامل الفلسطیني في المنطقة الصناعیة برقان، على مسافة غیر بعیدة من اریئیل.
فالمخرب من برقان كان مزودا برشاش من صنع محلي یسمى ”كارلو“، قتل إسرائیلیین اثنین، ونجح في الفرار والاختفاء على مدى نحو شھرین من اذراع الجیش الإسرائیلي والمخابرات الذین شرعوا بمطاردتھ. فالتقدیر في جھاز الأمن ھو أنھ آجلا أم عاجلا، فإن المخربین من یوم أمس سیلقى القبض علیھم أیضا. بعض من ابناء عائلاتھم اعتقلوا منذ الآن.
ولكن حتى دون أن تكون اجوبة واضحة على كل الاسئلة، ھناك واقع آخذ في الاتضاح. القضیة الفلسطینیة، التي تحاول حكومة إسرائیل الافلات من معالجتھا معالجة شاملة، ترفض أن تغیب عن حیاتنا. منذ زمن ما وإلى جانب حرب الاستنزاف الدائرة في غزة – وفي نھایة الأسبوع جاء تذكیر آخر بھا – الضفة أیضا تعتمل من تحت سطح الارض وفیھا اضطراب یرتفع بین الحین والآخر إلى فوق السطح. وقد وجد الأمر تعبیره في التوتر في الحرم.
أمس أخذت المحكمة بقرار الدولة اغلاق المسجد المعد على عجل والذي سیطر علیھ الفلسطینیون قرب باب الرحمة. یمكن الافتراض بان یكون للقرار آثار من الاحتجاج، الصلوات الجماعیة وربما أیضا مواجھات مع الشرطة في الایام القادمة أو في صلاة یوم الجمعة. ویضاف إلى ذلك قرار الحكومة تقلیص نصف ملیار شیكل من أموال الضرائب التي تعود للسلطة الفلسطینیة وتتسبب بضرر اقتصادي تشعر عشرات آلاف العائلات في الضفة بھ في جیوبھا.
ان حالة التفجر في الضفة وفي غزة، التي عاد الیھا وفد المخابرات المصریة في محاولة للوصول إلى تسویة بعیدة المدى بین حماس وإسرائیل، أساسھا ضخ مزید من المال القطري لتحسین الضائقة الاقتصادیة مقابل الھدوء – بقیت عالیة. وإلى كل ھذا ینبغي أن تضاف مظاھرات سكان غزة ضد حماس، والتي من أجل صرف الانتباه عنھا قد یستأنف العنف ضد إسرائیل.
في الوضع الحالي كل حادثة صغیرة (أمس أیضا اطلقت بالونات متفجرة وحارقة نحو إسرائیل) أو عملیة متدحرجة مثلما في اریئیل، تنطوي على بذور الاضطراب التالي. وھذا على ما یبدو سیرافقنا حتى الانتخابات بعد ثلاثة أسابیع، وعلى أي حال بعدھا أیضا، إلى أن تقوم حكومة جدیدة.