عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jun-2020

مربع أولويات التحول الرقمي (2-2) - م. بلال خالد الحفناوي

 

الراي - تطرّق المقال في جزئه الأول إلى الحديث عن التعليم والعمل عن بعد بوصفهما الزاويتين الأولى والثانية لمربع أولويات التحوّل الرقمي والذي يعني المجالات ذات الأولوية القصوى للتحوّل الرقمي فيها، أما الزاوية الثالثة في هذا المربّع فهي الصحّة والتي يتّسع فيها المقام للكثير من التغييرات الممكنة والهامة لتحسين وتطوير ورفع سوية القطاع الصحي من خلال تعزيز نطاق التحول الرقمي فيه، ومن هذه الإجراءات: إعداد سجلّ موحد للوضع الصحي لكلّ مريض بناء على رقمه الوطني، وعمل شبكة موحدة لربط وإدارة معلومات المستشفيات وشركات التأمين والصيدليات، وتسهيل الإجراءات وسرعة الموافقات للعلاجات لتكون إلكترونية ولحظية، وأتمتة عمليات تنظيم وتنسيق المواعيد إلكترونيا مع إمكانية الاطلاع على كافة نتائج الفحوصات والصور من قبل المريض وذلك لتسهيل المتابعة على المواطنين. كما يتوجب عمل مظلة متكاملة للتأمين الصحي تشمل أكبر شريحة ممكنة من الأطباء والمستشفيات والمراكز الصحية، لكنها تختلف بقيمة التحمل حسب درجة التأمين، مع أهمية أن يخضع ذلك للجهات الرقابية الصحية الضامنة لتقديم أفضل مستوى من الخدمة.

وبشأن التقنيات المستخدمة في القطاع الصحي، يتوجب ربط المراكز والمستشفيات الصحية بمراكز استشارات رئيسية بخصوص الحالات التي لا يتوفر علاجها بتلك المراكز وذلك باستخدام تقنيات الاتصال المرئي للكشف عن الحالات وتقييمها عن بعد بناء على عمل فحوصات وتشخيصات وتقديم خدمة الاستشارات الطبية من خلال أطباء خبراء وأكفاء، كما يتوجب بناء قاعدة بيانات كبيرة للاستفادة من التشخيصات المسبقة للحالات المتكررة ويتم فيها توظيف تقنيات الذكاء الصناعي وتعلم الآلة وتحليلات البيانات الضخمة لتوجيه الأطباء باتجاه الحلول العلاجية الأفضل في مختلف الحالات، كما يتوجب استخدام إنترنت الأشياء لمتابعة فئات المرضى الذين تستوجب حالاتهم رعاية خاصة ومراقبة حثيثة وتدخلًا مباشرًا.
واما الزاوية الرابعة فهي المعاملات، والمقصود هنا كلّ أنواع التعاملات والخدمات والإجراءات التي يتعامل بها المواطنون في حياتهم اليومية، سواءً أكانت تقدّم من القطاع الحكومي أو الخاص، كالتحويلات المالية، أو تسديد الاشتراكات، أو ثوثيق عمليات البيع والشراء، أو استخراج الشهادات أو التصاديق أو الوكالات القانونية، او عمليات الترخيص و التسجيل وغيرها.
والمطلوب هنا هو العمل على تبنّي نهج تحولٍ رقمي حقيقي في تلك العمليات وتفعيل التوثيق والتوقيع الإلكتروني اختصارًا للوقت والجهد وزيادة الكفاءة والإنجاز والإنتاجية، وذلك بربط الدوائر ذات الاختصاص بمراكز المعلومات، وعمل مرجعية واحدة للمواطن في كافة تعاملاته، أو للشركات في كافة تعاملاتها، ودعم ذلك بنظام دفع إلكتروني موحد لا يحمّل المواطن أي تكلفة للدفع وإنما يتم تحصيل نسبة رمزية جدا وغير ربحية من كافة الجهات المرتبطة فيه لضمان استمراريته بشكل خدمي وغير ربحي، ويكون هذا النظام موثوق و مرن وسهل التعامل، وترتبط فيه كافة الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة والجهات التي لها تعاملات مع المواطنين والجمهور. ومن هنا أقترح توحيد الجهود في عمليات التحول الرقمي، بحيث تصب في نفس الاتجاه وتكون عامة وشاملة لجميع الخدمات في كافة القطاعات، وأن يكون هناك خطة تفصيلية واضحة لشمول كافة الخدمات خلال جدول زمني واضح، وأن تكون مرجعية واحدة لإدارة التحول الرقمي.
لقد كشفت جائحة كورونا كثيرًا من التحديات التي واجهت دول العالم وأظهرت مستوى جاهزية هذه الدول وأسلوب تعاملها مع الأزمة في مختلف المجالات، وبناءً على كثيرٍ من المعطيات فإنّ الحاجة تبدو واضحةً وماسّة لإعطاء الأولويات للتعليم وقطاع الأعمال والصحة والمعاملات في قمة أولويات التحولات الرقمية القادمة، عن طريق رسم السياسات التي تؤدي لذلك الاتجاه وتوجيه الاستثمار بهذه المجالات وخلق فرص استثمارية من كافة المؤسسات ذات العلاقة.