عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Oct-2019

ترامب وسياسة صناعة الأعداء والأضداد ...!! (2-3) - د.عبد الرحيم جاموس

 

الدستور- لم يعد خافياً على أحد كيف تم صناعة العدو الوهمي للولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتجسيده في الإسلام السياسي المتطرف وتتويج ذلك في عهد إدارة الرئيس بوش الإبن عند وقوع حادثة الإعتداء على برجي التجارة العالمية في 11 سبتمبر / 2001م، والعمل على إظهار نسخة سياسية إسلاموية معتدلة يمكن أن تكون حليفاً للولايات المتحدة في مواجهة (الإرهاب الإسلامي) ممثلاً في القاعدة ومستنسخاتها من داعش وغيرها .. الخ من التشكيلات التي قد تظهر بين الفينة والأخرى، ثم الإعلان من طرف كونداليزا رايس في عام 2006م عن العمل على إقامة شرق أوسط جديد وتبني سياسة الفوضى الخلاقة .. إلى التدخل السافر في شئون الدول العربية فيما عرف بالربيع العربي منذ نهاية 2010م ودعم حركات التغيير التي تزعمتها بالأصل (قوى إسلاموية سياسية) من حزب النهضة إلى الأجنحة المختلفة لجماعة الإخوان المسلمين، تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن وحتى في دول الخليج وتوفير ما يلزم لها من الدعم المالي، إلى الانقلاب عليها مع بداية عهد الرئيس ترامب.
إن هذه السياسة الأمريكية التي باتت واضحة للعيان ولا تحتاج لجهد كبير لاكتشافها والمنتهجة من قبل الإدارات الأمريكية المختلفة والمتعاقبة والتي تقوم على صناعة الأعداء وصناعة الأضداد في المنطقة والتي توفر المناخ الملائم والمناسب لضمان المصالح الأمريكية في المنطقة العربية وضمان أمن إسرائيل وتفوقها، وضمان تدخلها المباشر في دول المنطقة كما حصل في العراق وليبيا وسوريا ..الخ.
لقد بات فن صناعة الأعداء والأضداد صناعة أمريكية متفوقة على السياسة التي كانت تنتهجها بريطانيا العظمى أيام كانت إمبراطورية لا تغيب الشمس عن مملكتها والتي كانت تقوم على مبدأ (فرق تَسُد)، وقد ورثتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية مباشرة وإلى الآن كقوة عظمى تتصدر دول العالم في الهيمنة والنفوذ والمصالح العابرة للدول والقارات، إن السلام الدولي الحقيقي والسلام بين الشعوب داخل الدولة الواحدة .. كل هذا يتعارض مع المصالح والسياسات المنتهجة والمتبعة من إدارات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة لأنه يلغي مبررات تدخلاتها وفرض هيمنتها على الأخرين وجعلهم أسواقاً لمنتجاتها المدنية والعسكرية وغيرها.
لماذا لا تنقسم أمريكا ؟! في حين مسموح لكل الدول والشعوب أن تنقسم، ينقسم السودان وتنقسم سابقاً فيتنام وكوريا، والصين، ويفكك الإتحاد اليوغسلافي والاتحاد السوفيتي وينقسم العراق وسوريا واليمن وأي دولة أخرى، كما تنقسم أسبانيا وغيرها من دول العالم وحتى غزة والضفة تحت الإحتلال تنقسم بالإرادة والتخطيط الأمريكي، ولكن الولايات المتحدة المترامية الأطراف والمتعددة الأعراق والديانات والمشكلة من خمسين ولاية (دولة داخلية) لا يسمح لها أن تنقسم ولا يوجد هناك مبررات الانقسام التي تنقسم على أساسها الدول والشعوب الأخرى سواء كانت مبررات إثنية أو دينية أو طائفية أو اقتصادية أو غيرها ...!!
أليست إذن سياسة (فرق تسد) لازالت سائدة ..؟! بل تطورت في العهد الأمريكي وأخذت مناحي أكثر عمقاً وإستراتيجية، وهناك من في مختلف الدول والشعوب يرقصون طرباً على لحن هذه السياسات الجهنمية ومبدأ حق تقرير المصير والتي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية....
...يتبع