عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Dec-2019

مشوار كلية الطب رحلتي من الابتدائية للأستاذية

 

أ. د كميل موسى فرام
استحقاقات رئاسة القسم
الراي - ذكرت بحلقة سابقة أن ترقيتي لرتبة استاذ مشارك وتثبيتي بالخدمة الدائمة بالجامعة، ستترتب عليها بعض الاستحقاقات؛ الأكاديمية والمهنية والادارية، والتي تشكل جزءاً من مدخلات المرحلة العمرية اللاحقة بسلم الحياة الجامعية؛ طموح الفصل والفعل، فالرتبة الأكاديمية كاستحقاق تحتل المرتبة الأولى وتفرض التمتع بدرجة من الانضباطية والمتابعة لأحدث المستجدات العلمية في حقل الاختصاص، فالحقل الطبي واسع ومتغير على مدار الساعة، والاستاذ الجامعي مطالب بمواكبة هذا التغيير، عربون ثقة متبادلة مع الطلبة والمقيمين، فهناك فئة متعمدة لتبني مواقف الاحراج، أو شكل من أشكال الامتحان غير المباشر لحداثة المعلومة وتهذيب فقراتها، يساعد في ذلك سهولة الحصول عليها لامتلاك الباحث المعلوماتي بأجهزة الحواسيب، والتي لم تعد حكرا لأحد بعد انتهاء مهلة نقلها كمسلمات غير قابلة للنقاش، مؤشرات تفرض على الاستاذ الجامعي أن يقرأ شعائر المستقبل بشكل مختلف وبعيدا عن قواسم الروتين أو التمسمر خلف قضبان الأنانية بالمعرفة، لنجد هنا ضرورة الوعي والادراك للبقاء بقلب الدائرة يستقطب المحيطين بمحبة، وهنا، يبقى لحضور المؤتمرات العلمية قدر بزيادة رصيد كنز المعرفة، ويوسع آفاق التفكير وتبادل المعلومات، خصوصا المؤتمرات التي تعقد في البلاد الغربية صاحبة الفضل بالتطورات العلمية والتي لا تجامل أو تبالغ بإنجازاتها، كما أن نشر الأبحاث العلمية بمجلات الفئة الأولى المحكمة والمعتمدة بشروط قاسية لأهداف الترقية بالجامعة الأردنية، يفرض البحث والمشاركة بدرجة أدق ويزيد من عبء المسؤولية على الباحث لأن الأبحاث المرسلة للنشر ستدقق وتراجع من قبل علماء المجال، وتفلتر بشكل سليم لا يحابي لأخذ إذن النشر بعد مراجعات وتصليحات، وسوف تعود هذه الأبحاث لدائرة الضوء مرة ثانية عند التقدم للترقية التالية بظروفها ومواعيدها، فيرسل الانتاج العلمي لمحكمين معتمدين يتم اختيارهم بطريقة سرية للحكم على المحتوى ومدى المساهمة والاضافة بمجال الاختصاص.
الاشراف على إعداد الرسائل الجامعية كمتطلب أكاديمي بالتوازي مع تدريس الطلبة بمرحلة البكالوريوس والدراسات العليا، واجب آخر من واجبات عضو هيئة التدريس، له من الشروط والمتطلبات قائمة متسلسلة لا يمكن العبث بفقراتها، تحتاج للدقة والمراجعة والاعداد، كما أن الاشتراك بمناقشة الرسائل الجامعية يمنح قيمة مضاعفة للثقة التي يتمتع فيها عضو هيئة التدريس كباحث وعالم، ثقة من إدارة الجامعة التي منحته الإذن الأدبي للتوقيع نيابة عنها بمنح درجة الماجستير أو الدكتوراة لمستحقيها، أجد فيها شخصيا متعة الابحار بمحيطات المعرفة، أقرأ سطورها بعناية مع ربط فقراتها وفواصلها لتحديد النتائج والتوصيات بالجديد.
الاستحقاق الثاني هو المهني (الفني) من خلال المهارات والخدمات الطبية التي تقدم لمتلقي الرعاية الصحية بظروفه المرضية المتغيرة، فشخصية الطبيب وسمعته الأساسية تشكل وتنقش في أسلوبه وفنونه تقديم الخدمة الطبية، لأن مصادر المعرفة واحدة، ولكن دلفها بالتوقيت المناسب للحاجة الماسة يختلف بين الأشخاص، وربما من القواعد الطبية غير الخلافية أسلوب نقل المعلومة للمريض لأنه مهارة وفن، خصوصا بنقل الخبر المزعج بمهنتنا بضرورة وحتمية مراعاة لواقع الظروف الاجتماعية التي لا تقبل القسمة أو الاعتراف في الحقيقة، وأزعم أنني أمتلك تلك المَلَكَةَ بنقل المعلومة أو هكذا أخبرني زملائي من المقيمين مقارنة مع زملاء آخرين، بالرغم أن الاسلوب لن يؤثر على خطوات العلاج أو ترتيب أولوياته، ولأنني عاشق للمهنة، سخرت جزءاً يسيراً من الوقت لصقلها وامتلاك أطلالها، لا أقامر بالوقت على حساب سماع الشكوى بفقراتها أو حتى بالجزء المحاذي لها نزولاً لرغبة المريض الذي يعتقد بأهميتها، أمارس خطوة الفحص السريري كما تعلمتها في البدايات التي لم تتغير وبواحدة من أهدافها أيصال رسالة للجيل الجديد؛ جيل جوجل والسرعة والاختصار والخلوي اللعين، بأن مهنة الطب الانسانية تعتمد على سلامة التفكير بالتشخيص النابع من حسن المعرفة والاصغاء للشكوى المرضية، وربط محكم بين الشكوى وشكوك التشخيص للحصر، على أن يكون الهدف من إجراء الفحوصات الطبية بمختلف تصنيفاتها كإجراء مساعد لتأكيد التشخيص أو نفيه، وهذا الواقع المطبق بالممارسة يمثل واحدا من عوامل زيادة الثقة وأعداد المرضى التي تنعكس على السمعة والرضى والاكتفاء.
الاستحقاق الثالث هو الإداري، خصوصا أن محصلة من قواعد الإدارة تنفي ضرورة أو إلزامية الربط بين النجاح المهني والإداري، فرئاسة القسم بمؤسساتنا تحتاج للمغامرة والجرأة المقننة بإتخاذ القرار، للمحافظة على العلاقة العائلية مع الزملاء عند اختلاف نقاط التفسير والاجتهاد بسبب الطبيعة الهيكلية للإدارة والتي تمنحك درجة الرضى المتواضعة، فكنت رئيسا للقسم الأكاديمي؛ قسم النسائية والتوليد ليكون المسؤول المباشر عني عميد كلية الطب، ومحور الاهتمام التدريسي نابع من الوظيفة والرتبة، مرورا بالإشراف على عقد الامتحانات والدورات، تنظيم المحاضرات والنشاطات، المحافظة على البيئة العائلية داخل الجدران، حتمية الاستمرار بالعلاقات الدافئة مع الأقسام الأخرى، استخدام مهنة المحاماة والقانون للدفاع عن حقوق الزملاء والقسم، وبذات الوقت، فأنا مدير للدائرة النسائية والتوليد بهيكل مستشفى الجامعة، ليكون المسؤول المباشر عني عطوفة المدير العام، حيث الاهتمام بالجانب العلاجي والخدمات الطبية المقدمة للمرضى، ولأعترف هنا بعدم وجود تداخل بين الوظيفتين، إلا أن ذلك يحتاج لجهود مضاعفة للتوفيق بينهما لمن يؤمن بقدرته الإدارية للأداء الصحيح، فلا ترحيل للمشاكل، ولا تردد باتخاذ القرارات الصحيحة بعد الاستئناس برأي الزملاء في القسم حيث يوجب ذلك، وشهادة أوثقها بأمانة بالتعاون والاحترام الكامل مع الإدارتين اللتين تعاملت معهما وللحديث بقية.