عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Dec-2018

العلاقات المؤذية نفسيا.. متى ينبغي الانسحاب؟

 

إسراء الردايدة
 
عمان–الغد-  العلاقة بين الشريكين ترتبط بأساس المشاركة، التفاعل، الانسجام، ولكن حين تميل الكفة ويصبح أحد الطرفين هو الذي يحمل الجزء الأكبر، تتحول الأمور لمزاج سيئ، لحظات عصيبة، عواطف جافة ونقاشات حادة، فضلا عن فجوة تبدأ بالتوسع شيئا فشيئا.
فلحظات المرح تقل تدريجيا، ويتحول الأمر لمساومات لا تنتهي وتنازلات على حساب أمور حيوية وأساسية، خاصة حين يتكرر الأمر، ما يصعد من التوتر بينكما، ويجعل أحد الطرفين يؤلم الآخر على تعاسته، فيما الآخر يتهرب من المسؤولية فتغدو العلاقة مشاعر من الذنب والثقل التي تثير مشاعر الغضب، وتختفي مراعاة المشاعر أو تلبية الرغبات، فيختفي الإصغاء، يكبر حجم الابتعاد والبرود، وهي كلها مؤشرات تعني أن العلاقة لم تعد صحية. وليس هذا وحسب، بحسب موقع “سيكولوجي توداي”، بل هناك أعراض أكبر وأدق تعرض الطرفين وصحتهما العقلية والنفسية للخطر، وتنعكس على إحساسهما بذاتهما، وهو أمر بالغ الأهمية ويدق ناقوس الخطر في اللحظة التي يتحتم عليك الاختيار بين الاستمرار في العلاقة ومدى استحقاقها لكل هذا أو تفضيل صحتك وراحتك على المدى البعيد لاختصار مزيد من الألم؟، والتي تضم:
– ابتلاع المشاعر، حين يقوم أحد الشريكين في العلاقة بكتمان مشاعره باستمرار، والسكوت عنها تكبر مشاعر الحدة والوحدة والحزن بداخله، فيتجنب في بداية الأمر أن يكشف ذلك للشريك الذي يميل للانتقاد دائما. والنتيجة مؤسفة حيث تنحشر العواطف، وتختنق ويعاني الفرد وحده بصمت.
وكثيرا ما يحدث هذا حينما تكون الديناميكية بين الشريكين تفتقر للقدرة على فهم منظور الآخر الذي يختلف عنه، ويكون واضحا أكثر حين يقول الشريك، أو بفعل أمرا مؤلما ويحمل المسؤولية للآخر ويلومه. فيرفض أن ينظر للأمور من وجهة نظر الطرف الآخر الذي تألم، مما يجعل الشريك يفتقر لمشاعر الأمان والانزعاج. وفي الغالب تكون مبررات الآخر غير منطقية، ويشوه الأمر ويحول الأمور لصالحه، في محاولة لقلب الموازين، ليجعل الطرف الآخر يشعر بالذنب، ما يثير بداخله مشاعر الخجل والشك بالذات.
– خلافات قاتلة، خيبة الأمل الشديدة التي يشعر بها الشخص السليم عندما يدمر الحدث العزيز بالقتال. على سبيل المثال، زوجان في طريقهما إلى لعبة الأشبال، ويبدي شريك منهما تعليقا غير مناسب حول الطريقة التي يرتديها الشخص الآخر. ويحاول الشخص تفسير سبب إيذائه، ولكن شريكه يشعر بالاشمئزاز من توبيخ الشخص، كونه مستاء. ويبقى الخلاف لفترة وتفوح منه رائحة العرق، لأنه لم يتم حل الصراع.
خيبة الأمل التي تتولد من قيام أحد الشريكين بإيلام الآخر قد تقتل وتفسد كل الود، الأمر قد يكون بسيطا وخلال محاولة شرح سبب الألم أو الضرر الذي ألحق بالآخر يقوم الطرف الأول بتوبيخه، ويعبر باستياء بدون إتاحة المجال له بالتعبير عن ذاته. ولكن عدم القدرة على التواصل والتعبير عما يزعجك، أشبه بغياب القدرة على التواصل والحساسية بين الطرفين، وعلى الرغم من استحالة تواجد شريكين يملكان التفضيلات والسلوكيات نفسها، فهناك جوانب وتفضيلات لكل شخص وسلوكيات تتسبب بإزعاجك في نهاية المطاف، فغالبية الأزواج يغدون غير قادرين على التواصل مع بعضهما بعضا بطريقة صحية، سامحين للإزعاجات بالتراكم حتى يصلا إلى مرحلة الانفجار، متيحين المجال للشعور بالإحباط بأن يتغذى وسط حدة النقاشات.
وتجاهلها يعزز البعد ويقطع أي وسيلة اتصال لاحقا، ويصعب عملية الإصلاح، ما يجعل العلاقة محكومة بالفشل.
– طرف لا يتنازل، حين تتحول الأمور في العلاقة لتحرك وفق أهواء أحد الطرفين أو لا، فهي تولد العدوانية، التوتر، القلق. فحين يصر أحدهما دائما على فعل الأمور بطريقته يتحول الأمر لنقاش وخلاف مستمر، مما يسبب للآخر التعاسة والإحباط.
فغياب المساومة وتقديم التنازلات بين الطرفين يعززان القلق ويصعبان التفاهم بينهما، فالعلاقات بحاجة لتغذية ورعاية، وهي أولوية لا ينبغي تجاهلها لأنها تعطي وزنا للقيمة بينكما.
إلا أن غياب مساحة الآخر يترك أحد الطرفين في ثقل من العلاقة، ويحمله مسؤوليات كليهما، مسببا في النهاية سقوط أحدهما وملله وشعوره بالضعف، وحين تغيب الرغبة بتقديم التنازلات يعني تقديم التضحيات، فلا يمكن أن تعيش حياتك كفرد مستقل عازب، في حين تلتزم مع طرف آخر في علاقة طويلة.
وفي حال كانت العلاقة بين الطرفين عميقة مميزة لا يمكن لأحدهما أن يخون الآخر أو حتى يخيب أمله، لكن العلاقات أيضا تتطلب تضحيات عديدة، التي تأتي كتعاون لإبرام اتفاقات معقولة مع بعضهما بعضا، والتي تلبي رغبات الآخر وإن تعارضت مع رغباتك.
ولن تتطور تلك العلاقة بسبب عدم رغبة أحد الطرفين بالتضحية ببعض من رغباته وتفضيلاته من أجل الآخر.
فالمساومة هي استراتيجية ناجحة في العلاقات طويلة الأمد، والتي تقضي على الخلاف، وأي مما ذكر أعلاه حين يتكرر كفيل بإنهاء العلاقة في حال لم يتم تدارك الأمر، لأن أحد الشريكين قد يكون غير مدرك لغياب تعاطفه أو لا يعرف كيف يتنازل ومتى، وهي كلها ديناميكيات أساسية في العلاقات على المدى الطويل، وتجاهلها يضعف الصحة العقلية لصاحبها ويتركه منهمكا، والنهاية هي كسر القلب وقطع كل الروابط، إلى جانب تولد الصراع الداخلي، ما يؤثر على مشاعر الفرد بالعيش بسلام، وهنا يطرح السؤال الأهم؟ هل تستحق هذه العلاقة تحمل كل هذا؟
فإذا كان الشخص غير قادر على التوعية، فقد يكون علامة على أن العلاقة ستضعف ببطء، ورغم الصحة العقلية للشريك. إلا أنه يخشى كسر القلب لإنهاء العلاقة، مما يسبب الصراع الداخلي الشديد، مع مرور الوقت.