عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Sep-2020

ألا يوجد خيارات أخرى؟!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

حين يتحول المسؤول والمواطن العادي أيضا إلى عباقرة، وبين يوم وليلة يمتازون بديناميكية ورشاقة حد الخفّة، وأعني بها الخفة السياسية والادارية والثقافية، فإن مثل هذه الاجتهادات والعبقريات تصبح حجر عثرة في طريق المجتمعات والدول، وعوامل جديدة لتنمية وانتاج الأزمات.
 
لا أريد أن أقسو على أحد لكننا جميعا نقسو على أنفسنا، حين نترك التعليم في مهب التقديرات والاجتهادات، وهنا أريد أن أورد مثالا واحدا، يبين أن إهمال التعليم لعدة أشهر، قد يغير مستقبل وبالتالي حياة طالب مدرسة، ويقتل فرصه الطبيعية في التعلم وتطوير المهارات والذات، سأتناول منهاج كالفيزياء مثلا، حيث يبدأ طالب المدرسة بتعلمه منذ الصف التاسع، ثم يليه العاشر فالأول الثانوي العلمي فالتوجيهي العلمي، وهذا علم محدود رغم اتساعه بالطبع، لهذا فهو يعتمد على كل مناهج الفيزياء في هذه الصفوف، ويتم بناؤه في عقل الطالب بطريقة تراكمية، كما يجري بناء اللغة والرياضيات، فمرحلة التأسيس في المدارس لهذا العلم، هي عدة مراحل، تبدأ ربما قبل منهاج الصف التاسع، في منهاج العلوم، لكنها تتم رسميا ومعرفيا وأكاديميا مع الصف التاسع، ونحن في الأردن وربما في دول كثيرة، لا يمكننا الجزم بأن طلاب الصف العاشر في مدارسنا، أخذوا فرصتهم في حيازة المعرفة الكافية عن الفيزياء، ولا يمكننا أن نتوقع بأنهم سيكونون على ما يرام في السنوات القادمة، ولا ينحصر الكلام على منهاج الفيزياء وحده، بل هناك الكيمياء والأحياء والرياضيات «المعاصرة» أيضا، كلها مناهج تعتمد في مرحلة التأسيس على معرفة تراكمية تبدأ من الصف التاسع.
 
ما جرى العام الماضي من إضراب معلمين في الأردن، ثم التعليم عن بعد بسبب كورونا، أضاع الفرصة الطبيعية على طلبة الصف التاسع والعاشر والأول الثانوي في العام الماضي، وجميع هؤلاء الطلبة ترفعوا الى الصفوف التالية ومن بينهم طلبة توجيهي اليوم، وهم يعانون من نقص معلومة بسبب التعطيل الطويل والتحول الى التعليم عن بعد، فالاستنتاج الطبيعي هو أن تبذل المدارس مجهودات فوق المعتادة كي تعوض على هؤلاء الطلبة ما فاتهم، وهو أمر ربما قامت به مدارس كثيرة، مع انطلاق العام الدراسي، حيث باشرت بتقديم حصص مراجعات لبعض المواد العلمية تتعلق بالصف السابق للطلبة، لكن جاء قرار التحول للتعليم عن بعد لمدة أسبوعين، ومن سوء الطالع أن القرار جاء منذ بداية الفصل الدراسي، أي أن الطلبة فقدوا فرصتهم لتصويب وتعويض النقص في المعرفة، وحين يعود التعليم طبيعيا «لو عاد بعد الأسبوعين»، فلا يمكن للمدارس أن تجري تلك المراجعات، فما الحل إذا، وكيف يمكننا أن نعيد للطلبة فرصتهم الطبيعية في التعليم الطبيعي؟
 
يجب أن يكون هناك خيار ثالث في قرارات وزارة التربية والتعليم الخاص، أي أن لا تنحصر المسألة بين تعليم طبيعي بدوام كامل أو تعليم عن بعد، إذ يجب أن نفكر بدوام جزئي لهؤلاء الطلبة، يتم فيه التركيز على هذه المواد العلمية، ويكتفى بالتعليم عن بعد للمناهج الأخرى، فلماذا مثلا؛ لا يتم تقسيم الدوام الكامل بشكل جزئي على الصفوف، أي أن يتمكن الطلبة من دوام يومين أو ثلاثة في الأسبوع، على شكل يضمن التباعد وعدم الاكتظاظ، وزيادة التركيز على استخدام أساليب الوقاية من الوباء؟.
 
اقسموا الصفوف الى قسمين أو أكثر، أو حددوا أيام دوام لمجموعة من الصفوف يتم تنظيمهم حسب متطلبات البروتوكول الصحي، لعل الطلبة ينالوا تعليما أفضل ورعاية أقرب من قبل مدارسهم ومعلميهم.
 
يجب أن نجد خيارات أخرى لاستدراك هؤلاء الطلبة قبل أن يطووا عامهم الثاني من ضعف مستوياتهم في مواد علمية رئيسية في الحياة.