عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Aug-2019

عن الردع - عاموس غلبوع
معاریف
 
ماذا حصل في قطاع غزة في الفترة الاخیرة؟ اطلقت ثلاثة صواریخ اصاب احدھا ساحة بین في
سدیروت؛ تواصلت مسیرات العودة الى الجدار، مع ما یرافقھا من عنف، ولكن بحجم ضیق لبضعة
الاف من المشاركین؛ ظاھرة البالونات انطفأت. الجدید كان في محاولات التسلل لمسلحین الى
اراضي اسرائیل، كلھم (اربعة حتى الان) احبطوا بنجاح على ید الجیش الاسرائیلي، والنتیجة كانت
ثمانیة قتلى الصقت حماس بھم لقب ”شباب غاضبین“. بقدر ما ھو معروف، فانھم لا ینتمون
لحماس. حماس مجدتھم، ولكنھا لم ترد على تصفیتھم ولم تطالب بالثأر. وعندنا ثارت صرخة
للخروج الى حرب ضد حماس. برز رئیس الاركان الاسبق، بیني غانتس، في اقوالھ الحادة. أنا
معني بتحلیل اقوالھ التي كانت فیھا اربعة عناصر.
الاول ھو الردع. ھكذا قال: ”الردع لم یتآكل، الردع شطب!“. برأیي ھذا قول مغلوط جوھریا.
لماذا؟ إذ الویل لنا اذا ما شطب الردع حقا. اذ عندھا كان سیكون بوسع حماس أن تعربد وان تغطي
بالصواریخ وسط البلاد، مثلا، دون أن تخاف على الاطلاق ردنا الوحشي. ما المذھل؟ ان ھذه
الصیاغة بالذات بالقول ”الردع شطب“ جاءت مع تشدید زائد، وبحركة جسدیة، لتعلمنا ان ھذه
لیست زلة لسان أو قولا مھملا. بتعبیر آخر، لیس رئیس اركان ھو الذي تحدث ھنا، بل سیاسي.
ولكن لیس ھذا فقط. یمكن لرئیس الاركان وكل واحد ان یتحدث عن أنھ یوجد لنا ردع، أو أنھ تآكل،
أو انھ ضاع. ھذا تقدیر ولیس حقیقة. لان الردع التقلیدي (بخلاف النووي) لیس ثابتا ومستقرا. بل
دینامیكیا، یرتفع ویھبط، وفقا للظروف والتطورات، واحیانا قد لا یكون. ولكن من یقرر بافعالھ
واقوالھ اذا كان الردع موجودا، ضعیفا، قویا او غیر موجود، ھو الطرف الذي نرید ان نردعھ. لا
الاقوال التي تعكس كما أسلفنا التقدیر (الصحیح او المغلوط) او مجرد الایمان، ھي التي تقرر اذا
كان الطرف الاخر مردوعا وبأي قدر. ھناك احیان نادرة یكون فیھا ممكنا أن نعرف اذا كان الردع
ضاع لنا بالفعل. ھكذا حصل عشیة حرب الایام الستة في 1967 ،عندما بدأ الجیش المصري یدخل
بجموعھ الى سیناء، وناصر، حاكم مصر، أعلن : ”نحن جاھزون. اذا كان الجنرال رابین یرید أن
یجرب قوتنا في الحرب، فأھلا وسھلا“. كان ھذا ھو الاساس للقصیدة الشھیرة التي نظمھا حاییم
حیفر ”ناصر ینتظر رابین“، وكانت في اساس شعار الانتخابات في 1992“ :اسرائیل تنتظر
رابین“.
العنصر الثاني ھو اقوال غانتس ”سنقوم بمعركة ستكون الاخیرة. سنھزم حماس عسكریا“. یثور
السؤال: كیف عمل ذلك؟ كیف سنستخدم قوتنا للمعركة الاخیرة حیال قطاع غزة. ما ھي الاثمان؟
كیف ننھي المعركة ھذه؟ و ”الجواب“ یقدم في العنصر الثالث: ”من خلال كابنت أمني ومسؤول“.
بتعابیر اخرى: من خلال الاقوال، الاقوال.
والعنصر الرابع ھو ”ھذا ما ینبغي أن یحصل، ھذا ما سیحصل“. بتعبیر آخر: التزام سیاسي عادي
لمستقبل غامض، لا لرئیس اركان سابق. وھذا محزن. اربعة رؤساء اركان سابقین یشاركون في
الانتخابات الحالیة، واثنان منھم كانوا وزیري دفاع، وحتى الان لم نسمع من أي منھم عرضا أمنیا
مرتبا ومنطقیا للرد الاسرائیلي على تحدیاتنا الامنیة. أولا وقبل كل شيء للتھدید الكمي الھائل
المتمثل بالصواریخ في الشمال. وھي لا تصدأ ھناك. بل تتكاثر فقط، وتصبح نوعیة اكثر