عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Mar-2019

شاب یحول منزله لناد لتدریب ذوي الإعاقة علی فنون القتال

 

علا عبد اللطیف
إربد-الغد-  إحساسھ بالآخرین، وتسخیر كل طاقاتھ لخدمتھم، وإیمانھ بأن كل شخص لدیھ القوة والشجاعة، وباستطاعتھ التغلب على الضعف الذي بداخلھ؛ دفعت المدرب الشاب فادي الصقور لتحویل منزلھ المتواضع بإمكانیاتھ البسیطة لناد ریاضي لتدریب الأشخاص من ذوي الإعاقة على فنون تدریب القتال والدفاع عن النفس مجانا.
في محافظة إربد شمالي العاصمة، أضاء الصقور وھو عضو الاتحاد الأردني للكیك بوكسینغ، شعلة الأمل في مخیم الحصن للاجئین الفلسطینیین.
ویؤكد الأربعیني فادي الصقور أن الفكرة جاءت بمحض الصدفة وأثناء تواجده في الشارع الرئیسي، شاھد اعتداء من قبل بعض الشباب على طفل من ذوي الإعاقة؛ إذ لم یكن لدى ھذا الطفل قدرة على الدفاع عن نفسھ، مما ألحق بھ الكثیر من الأذى والضرر.
تلك الحادثة المؤلمة، دفعت الكابتن فادي لأن ینمي فكرة تحویل منزلھ الى ناد ریاضي بسیط، ویعلن عن انتساب الأطفال والشباب من ذوي الإعاقة الى النادي بدون أي مقابل، وخصوصا أنھ من أھل الحي.
كانت لدى الصقور المعرفة السابقة بالظروف المالیة التي یعاني منھا أھالي المنطقة، وانتشار البطالة والفقر، فضلا عن الاعتداءات العدیدة التي یتعرض لھا ھؤلاء الأطفال في زقاق المخیم وبالشوارع الرئیسیة، فقرر تدریبھم على فنون الدفاع عن النفس بھدف حمایتھم وتعزیز الثقة بأنفسھم بعد أن تحولوا للسخریة من قبل أشخاص یفتقدون للإنسانیة ویتعمدوا مضایقتھم بالشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وداخل المدارس.
في العام 2016 كانت نقطة البدایة، وانطلق النادي بقیادة الصقور الذي قام بتدریب أطفال وشباب من ذوي الإعاقة العقلیة والحركیة، ومتلازمة دوان، وكذلك الصم والبكم، وأسس النادي وأطلق علیھ اسم ”سواعد النشامى“.
في البدایة یؤكد الصقور لـ“الغد“: ”كانت المرحلة صعبة، وخصوصا مع ذوي الأطفال وإقناعھم بأھمیة أن یسجلوا الأبناء في ذلك النادي، وكانت الحجة لدى البعض بأنھم غیر قادرین أو لیس لدى أولادھم مواھب“. والبعض الآخر تقاعس عن التسجیل بحجة عدم وجود وسیلة نقل لھؤلاء الأطفال من المنزل إلى المركز. لذا جاء قرار الصقور بنقلھم بسیارتھ الخاصة وعلى نفقتھ والتكفل بھم من الملابس والاحتیاجات الأخرى، وذلك للتخفیف عن الأھل الذین یعانون من وطأة الفقر والحرمان.
أطلق علیھ أھل الحي لقب ”كابتن الإنسانیة“، ویقول ”دمج ذوي الإعاقة بالمجتمع المحلي یشعرھم بالألفة والمحبة“، لذلك عمل على تغییر الانطباعات لدیھم ومحو العادات السلبیة، كما خفف العبء النفسي عن الأمھات؛ إذ كانت الأم تقضي معظم وقتھا مع ابنھا المریض، وفي المقابل تحرم نفسھا من ممارسة الحیاة الطبیعیة مثل الخروج من المنزل لقضاء الاحتیاجات.
الأمر الذي جعل الصقور یشعر بالإنجاز، ھو أنھ استطاع بكثیر من الحالات كسر الحاجز النفسي عند الآباء وھو الخجل من ظھور أبنائھم من ذوي الإعاقة وتعمد إخفائھم عن المجتمع، ومركز التدریب أسھم بكسر ذلك الحاجز وجعل العائلات تفتخر بأبنائھا.
وبعبارات ممزوجة بالحزن والفرح، تؤكد والدة أحد المتدربین في المركز أن ابنھا یعاني من متلازمة داون، وكان طفلھا سخریة للعدیدین في الشارع، وحالت الظروف المالیة الصعبة من التحاقھ في المدرسة، مما جعلھ محط استھزاء العدید من سكان الحي، مشیرة إلى أنھا في البدایة كانت تمنعھ الخروج من المنزل خوفا علیھ من أي اعتداء جسدي أو لفظي. غیر أن فكرة الكابتن عملت على مساعدة الأمھات على التخلص من حالة القلق والتوتر، وتحسین وضعھن النفسي والفخر ببطولات وتفوق الأبناء.
ورغم الظروف الصعبة والإمكانیات المحدودة، استطاع أن یحقق الصقور إنجازا عربیا، عندما حصد الطفل أشرف البقیعي ”أبو عزیز“ میدالیة ذھبیة في بطولة أثینا للألعاب القتالیة العام 2016 ،وھو مصاب بمتلازمة داون وواجھ بطل الیونان في مباراة استعراضیة إلى جانب مباراة أخرى مع بطل لبنان؛ حیث كسب أبو عزیز كأس البطولة، كونھ اللاعب الوحید الذي مثل ھذه الفئة في البطولة.
إلى ذلك، في العام 2017 ،كانت ھنالك بطولة أخرى في الیونان بمشاركة 8 لاعبین من الصم والبكم في (الكیك بوكسنغ) وأحرز أیضا المیدالیة الذھبیة، بعد دعوة من رئیس الاتحاد الدولي لمدربي الألعاب والفنون القتالیة حسان البیطار. وعن غیاب الدعم للممارسات الریاضیة المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، یقول الصقور ”إن جمیع الریاضات لھذه الفئة في اتحاد واحد وبمیزانیة واحدة، على عكس الاتحادات الأخرى؛ حیث یخصص لكل ریاضة مستقلة اتحاد مستقل، مثل اتحاد كرة السلة، واتحاد كرة القدم“.
وطالب الصقور بدعم تلك الفئة والاھتمام بھا، مشیرا الى أنھا قادرة على العطاء في حال وجدت
الاھتمام بھا، وذلك یبدأ من البیت والشارع والمدرسة والحكومة، وتوفیر مراكز فعلیة قادرة على استخراج مواھب الأطفال المدفونة.
ویذھب الى أن ھناك مواھب متعددة لدى الأطفال المتدربین في المركز مثل التمثیل والرسم والغناء والریاضة، لكنھا بحاجة الى رعایة من قبل الجھات المعنیة لخلق جیل قادر على تحمل المسؤولیة في ظل الظروف الراھنة التي تعاني منھا المملكة. ویحاول الكابتن الصقور، بما تیسر لھ من إمكانیات متواضعة، دعم الأشخاص ذوي الإعاقة نفسیا وتعزیز ثقتھم بأنفسھم، إلا أن شح الإمكانیات لیس التحدي الوحید، بل ھناك تحدیات أخرى تتعلق بنظرة المجتمع إلى ھذه الفئة، إلى جانب غیاب التوعیة في صفوف عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة بضرورة دمجھم في المجتمع.
ویأمل الصقور في المستقبل بإجراء توسعة للنادي في المنطقة وزیاة أعداد المتدربین في المنطقة
وجعلھ على مستوى المحافظة، كما أنھ یطمح لأن توفر لھ الجھات المعنیة وسیلة تمكن من نقل
الأطفال بصورة تلیق بھم، ولكي یتمكنوا من الالتزام بالبرامج الزمنیة المحددة وتنفیذ الخطط لمساعدة تلك الفئة.