عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jan-2020

إرث نتنياهو - بقلم: الوف بن

 

هآرتس
 
خطة السلام التي عرضها أول من أمس الرئيس الأميركي دونالد ترامب جسدت معظم أحلام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو السياسية. التجديد الأساسي فيها هو الاعتراف الأميركي بشرعية مطالب إسرائيل في الضفة الغربية، بمبررات قانونية، أمنية وتاريخية. هذه الخطة تقدم ضريبة كلامية لقرار مجلس الأمن رقم 242 الذي كان أساس عملية “الأراضي مقابل السلام” بين إسرائيل وجيرانها. ولكن في نفس الوقت تلقي في سلة القمامة مئات القرارات الأخرى الصادرة من جهات دولية عارضت الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في المناطق، على اعتبارهما غير قانونيين، وأعطت للمرة الأولى الشرعية من قبل البيت الأبيض لفرض القانون الإسرائيلي في المستوطنات وفي غور الأردن.
نتنياهو طرح هذه المبادئ في كتابه “مكان تحت الشمس”، الذي نشر قبل 25 سنة كرد لليمين الإسرائيلي على اتفاقات اوسلو. نتنياهو اتهم الغرب بخيانة الصهيونية وعرض إسرائيل كدولة غازية ومحتلة، بدلا من كونها ضحية للعدوان الذي يحتاج إلى “حائط واق” في جبال الضفة الغربية وفي هضبة الجولان. وعندما عاد إلى الحكم في 2009 ألقى نتنياهو خطاب “بار ايلان” الذي وافق فيه للمرة الأولى على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي. وبعد ذلك طرح المزيد من المبادئ للتسوية مثل معارضة مطلقة لاخلاء المستوطنات ومعارضة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل. ولكنه يرفض حتى الآن عرض خريطة لفلسطين المستقبلية أو يحول حلم “بار ايلان” إلى خطة عملية. وكل ذلك تغير الآن.
“صفقة القرن” تترجم أفكار نتنياهو الى وثيقة مفصلة جدا، مع خريطة الحدود المستقبلية وقائمة طويلة من الترتيبات الأمنية والاقتصادية. الخطة تلتزم بالمبدأ الأساسي الذي طرحته الإدارات الأميركية في العشرين سنة الأخيرة، منذ “معايير كلينتون”: سيتم تقسيم البلاد إلى دولتين على أساس خطوط حزيران 1967 وتبادل الأراضي مع ممر من غزة إلى الضفة يربط بين شطري فلسطين، والحفاظ على المسؤولية الأمنية، في الجو والبحر وفي الطيف الكهرومغناطيسي في أيدي إسرائيل.
التجديد الأساسي مقارنة مع اقتراحات من عهد بيل كلينتون، جورج بوش وباراك أوباما، هو أن البلدة القديمة في القدس ستبقى تحت سيطرة إسرائيل، مع استقلالية ذاتية للأوقاف والأردن في منطقة الحرم، مقابل السماح بصلاة اليهود هناك. عاصمة فلسطين ستكون في أحد “الأحياء البعيدة” وراء جدار الفصل. تجديد آخر لا يقل أهمية هو الغاء طلب الفلسطينيين لعودة اللاجئين أو دفع تعويضات باهظة. العالم ينشغل الآن باللاجئين السوريين، ولا يوجد له أي اهتمام أو أموال لمعالجة موضوع اللاجئين الفلسطينيين. ترامب يقول للفلسطينيين “لقد قضيتم سبعين سنة في مخيمات اللاجئين. والآن يجب عليكم التقدم”.
ترامب وقع فعليا على الخطة التي يمكن أن تساعده في تجنيد تأييد الافنغلستيين واليهود اليمينيين في انتخابه لولاية ثانية في شهر تشرين الثاني (أكتوبر) المقبل. ولكن الأكثر من ذلك هو أن “صفقة القرن” هي إرث نتنياهو الذي طبخه بكفاءة دبلوماسية غير قليلة. وقد جسد حلمه بعد بضع ساعات على تقديم لائحة اتهام ضده للمحكمة المركزية في القدس. وفترة نتنياهو في قيادة الدولة تقترب كما يبدو من النهاية. ومثل جميع أسلافه بدون استثناء، ايضا هو تعرض للمأساة التي تعرض لها رؤساء حكومات إسرائيل الذين لم يذهب أي واحد منهم إلى التقاعد بارادته. الدراما المزدوجة في المحكمة وفي البيت الأبيض اظهرت أن نتنياهو يتفوق على أسلافه بقوة الرواية. ومشكوك فيه أن يساعده هذا الأمر على أن يبقى لولاية اخرى في شارع بلفور.