عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jul-2019

باراك الأمل الأبيض لـ«الشياطين الحمر» - يهودا شليم
 
«في مؤتمر بوتسدام في العام 1945»، وصف البروفيسور هينس مورغنتو، «ما كان يمكن لتشرتشل، ستالين، وترومان ان يتفقوا بينهم من يكون أول من يدخل قاعة المؤتمر. وفي النهاية دخل الثلاثة في آن واحد عبر ثلاثة أبواب مختلفة». امام حفظ الكرامة الوطنية، التي اظهرها هؤلاء الزعماء الثلاثة، تبرز في بؤسها الصورة المهينة لايهود باراك كرئيس وزراء، يدفع بياسر عرفات ليدخل قبله الى قاعة المداولات في مؤتمر كامب ديفيد، الذي انعقد في العام 2000، مع اندلاع الانتفاضة الثانية. من المهم ان نذكر هذا المظهر الانهزامي الآن بالذات، إذ ان من يبدو كالأمل الأبيض للشياطين الحمر يسعى ليعود الى موقع القيادة من داخل معسكر اليسار في ظل اعلان صاخب بان «هذا ليس زمن الانهزامية».
ان قصر القامة الوطنية التي دهور إليها ايهود باراك دولة إسرائيل، الى جانب قيادة كارثة امنية في كل ارجاء البلاد، يبدوان كتاريخ بعيد. يحتمل أن يكون الهدوء النسبي السائد هنا ومكانة إسرائيل في العالم في عقد من حكومات «الليكود» برئاسة «عدو الديمقراطية» ساهمت هي ايضا بدورها في نشوب الشوق لباراك. 
ان هتافات التشجيع تنطلق كلما تهجم باراك على نتنياهو، وهذه بمثابة مأساة. فهي تأتي من معسكر سياسي كبير بقي دون راع ومن مسيرة ضياع في الطريق، في تيه خلف كل نغمة يطلقها العازف الدوري. يخيل أنه حتى التعبير الالترماني «فرحة فقراء» اكبر من الحدث.
ومع ذلك، ينبغي أن نتذكر بان باراك سبق أن انتصر في الماضي على نتنياهو، بمساعدة مدفعية مكثفة من الاعلام. مع كل الدم الفاسد والمقت الذي لا يزال يكنه اليسار لباراك، فإن الكراهية لنتنياهو لا تزال نسغا مظفرا. اذا كانوا نجحوا في أن يجعلوا من شمعون بيريس، احد السياسيين المرفوضين في اليسار، بطلا محبوبا ومخلصا حين اعتبر تهديدا على نتنياهو، فما بالك في لحظة يأس سيغفرون لباراك تفكيك حزب اليسار الفاخر وارتباطه التكتيكي بنتنياهو.
ان دعوة باراك للتعاون (قبل لحظة من تحطيمه في بلع حيواني لـ»شركائه») تذكر قدامى الحركة باحد الاسس المنظمة في الارث الفاخر للهجرة الثانية: الاتحاد. مثلما وصف يوسف براتس، من مؤسسي داغان: «كان على لساننا رد واحد – القوة الموحدة، الجماعية، هي التي تنتصر». لشدة الأسف، كل ما تبقى اليوم من «القوة الموحدة» في اوساط ابناء الجيل الثاني والثالث للهجرة الثانية ينبع من رفض الخصم، مثلما يجسد الصراع المتهكم ضد «قانون القومية» او العرض الهزيل لطلائع جيلنا كـ»مسيحانيين».
ولكن محظور التعاطي باستخفاف مع هذه الآلية: ينبغي التخمين بأن مصممي الرأي العام سيمارسون الضغوط الشديدة على اجنحة اليسار المختلفة، من «أزرق - أبيض» وحتى «ميرتس» للتخلي عن تميزهم الأيديولوجي والاتحاد تحت قيادة باراك من أجل «انقاذ الوطن». يجدر بالمعسكر الوطني أن يكون واعيا لخطر التدفق هذا، واذا كنتم تريدون تجسيدا دراماتيكيا للفكرة، فأطلقوا بصوت عال انشودة البطولة لهبوعيل تل أبيب، «ها هم الشياطين الحمر يأتون».
«إسرائيل اليوم»