عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Feb-2019

لا للحرب .. نعم للمقاومة! - د. زيد حمزة

الراي -  هذا العنوان ليس مجرد لعبٍ لغوي بالالفاظ بل توضيح لا بد منه بعد ان فهم البعض أن دعوتي لمناهضة الحرب في مقالي السابق يمكن ان تعني دعوة للتخلي عن المقاومة الفلسطينية! مع أن هناك فرقاً غنياً عن الشرح بين ((الحرب)) التي هي عدوان تقوم به دولة على اخرى بقصد احتلالها ونهب خيراتها وفتح أسواقها لبضائعها عنوةً، وبين ((المقاومة)) التي هي دفاع عن النفس مارستْه الشعوب عبر التاريخ ضد غزاتها وغاصبيها كما أنها نضال ثوري سلمي أقرتْه وباركتْه الشرعة الدولية منذ القرن الماضي، ولعل ابلغ الامثلة عليها في تاريخنا المعاصر المقاومة الفلسطينية الممتدة لاكثر من مئة عام باساليب متنوعة منها العنيفة ومنها السلمية بأنماط مبتكرة آخرها حركة ((المقاطعة)) الـ BDS التي تُقلق اسرائيل كثيراً لأن ساحتها ليست فلسطين فحسب بل كل بلاد العالم، وظهيرها ليس العرب فقط وانما كل شعوب الارض، وآخر اخبارها ذات الدلالة أن بيان منظمة العفو الدولية (أمنيستي انترناشيونال) في السابع من شباط الجاري طالبَ اسرائيل بالإنهاء الفوري لقرار المنع التعسفي الذي فرضته على تنقل وسفر المناضل الفلسطيني عمر البرغوثي المدافع عن حقوق الانسان واحد مؤسسي حركة ال BDS..

ولاجل مزيد من توضيح ما التبس على بعض الأفهام ارى من المفيد اعادة قراءة حروبٍ خاضتها الدول العربية في الماضي باسم فلسطين سواء برغبتها الحرة او استجابة خادعة لرغبات شعوبها أو بتحريض خفي من قوى خارجية قصدتْ ان توقعها في فخ الهزيمة الحتمية، كما أرى من الواجب فضح خفايا تلك الحروب حتى لا تصدق الشعوب أي دعوة جديدة ظاهرها استنهاض الهمم للدفاع عن الوطن أو لاسترداد ما اغتصب منه، وباطنها مؤامرة تنتهي بالانهيار والانكسار وتفتيت وحدة البلاد واستنزاف اقتصادها في صفقات الاسلحة! ولنفس الغرض أرى من الضروري تبيان التماهي بين عدالة حروب التحرير ونُبل اهداف الثورات التي شهدها العالم في القرن الماضي على الأقل بدءاً بحرب التحرير الصينية الكبرى ضد حكومة محلية فاسدة عميلة بقيادة الجنرال تشيانج كايتشيك الذي خان مبادئ زعيمه محرر الصين صن يات صن فتعاون مع دول اجنبية ومع زعماء مافيا المخدرات والبغاء ومع جيش الاحتلال الياباني، لكنها تمكنت في النهاية ان تهزمه وتحرر الصين وترسي فيها قواعد مجتمع جديد ظل ينمو ويزدهر حتى اصبحت اليوم في طليعة الدول قوةً وبأساً واقتصاداً، ومروراً بثورة المليون شهيد في الجزائر التي حققت النصر على جيش الاحتلال الفرنسي وكذلك بحرب تحرير فيتنام الجنوبية التي طردت الجيوش الاميركية الغازية كما الفرنسية قبلها.
ولا ننسى بالطبع ثورات اميركا اللاتينية التي مازالت متواصلة رغم شراسة التدخل الاميركي الشمالي بالمال والسلاح والتآمر حد صنع الانقلابات العسكرية واصطناع الحكام الطغاة تحت ستار الديمقراطية! وآخرها ما يحدث الآن على مدار الساعة في فنزويلا كما حدث من قبل في تشيلي وفي العديد من دول آسيا وافريقيا، واخيراً وليس آخراً النصر الذي حققته بقيادة مانديلا ثورة شعب جنوب افريقيا على حكم الابارتهايد العنصري الأبيض.
اما الحروب العبثية الكبرى التي نشبت في اوروبا (وآخرها الحربان العالميتان الاولى والثانية) وهدفت لاعادة تقسيم العالم وازهقت أرواح عشرات الملايين من الاوروبيين وخلّفت عبراً لا تُنسى فقد اختفت لثلاثة ارباع القرن فلماذا لا تختفي الى الابد.. وفي كل مكان؟
وبعد.. لم يعد من المقبول أن تستمر حروب لا يستفيد منها سوى صُنّاع الأسلحة وشركاؤهم في الدول التي تختلق ذرائع مزورة باقنعة دينية أو قومية أو أيديولوجية للاعتداء على الشعوب الاضعف كما فعلت اميركا بحربها المباشرة في العراق أو بالوكالة في سواها وكما تهدد الآن بأن تفعل في بلادٍ أخرى!.
لذلك كله اكرر القول: لا للحرب.. نعم للمقاومة الثورية بكل اشكالها.