الغد
تقدمت حكومة الدكتور جعفر حسان ببيان طلب الثقة من مجلس النواب، وخلال أيام ستبدأ المناقشات، والخطابات إلى حين التصويت على الثقة.
لا يوجد شك أن الحكومة ستحصد الثقة بسهولة، فهناك تحالف وسطي ضامن لها للمضي، والقفز فوق العقبات، ولكن هذا التحالف لا يعني أنها ستظل بمنأى عن الانتقادات.
المفروض أن تتغير قواعد منح الثقة في مجلس النواب الذي يضم كتلا حزبية برامجية، وتحالفات أساسها التوافق على تصورات مشتركة، وأول المؤشرات المتوقعة أن تتقلص الخطابات الفردية للنواب، وأن تنحسر المطالب الخدمية، وأن تطغى رؤى الأحزاب لتعكس برامجها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
محطة الثقة بالحكومة أول اختبار للأحزاب السياسية عند الجمهور، فإن لم يلمسوا تغييرا بأداء النواب في التعامل مع الحكومات التي تتقلد مهام السلطة التنفيذية فهو فشل مبكر، ومؤشر أن التجربة الجديدة لم تنضج بعد، ولا تقف على أقدام ثابتة.
المؤكد أن كتلة جبهة العمل الإسلامي سيكون خطابها نقديا، والأرجح كما فعلت سابقا أن تحجب الثقة، إلا أن سمحت لبعض أعضائها بالامتناع، أو إعطاء الثقة في تكتيك لتعزيز جسور الثقة مع الدولة في ظل ظرف إقليمي، ودولي عصيب، ورسالة ضمنية منهم أنهم يقدرون شفافية الانتخابات، ونزاهتها.
مواقف باقي الكتل، والتحالفات الحزبية، والمستقلين من الحكومة شبه مضمونة، ولا يمنع ذلك وقوع مفاجآت، وخطابات نارية لبعض الأصوات التي تقول نحن لسنا في جيب الحكومة.
خطاب الحكومة أمام البرلمان لنيل الثقة رزين، وواقعي، فالحكومة ملتزمة ببرنامج للتحديث السياسي، والاقتصادي، والإداري، وهي ستكمل في هذا المشوار، ولن تنقلب عليه، فالأحزاب وتمكينها ركيزة في الإصلاح السياسي، واقتصاديا الحكومة ستضع رزنامة لتنفيذ برنامجها، ومشاريعها، وإداريا لا يمكن التراجع عن المأسسة، والأتمتة، وتطوير القطاع العام.
لفتني في خطاب الثقة قول الرئيس حسان «المسار السياسي الذي تؤمن به الحكومة هو ذلك الذي يفضي إلى تعزيز الحوار الوطني حول أولوياتنا.. حوار صادق وصريح، يعرف الاختلاف، ويتجاوز تأزيم الخلافات، ولا يقبل بالحلول التسكينية لمعالجة التحديات.. حوار لا إقصاء ولا تهميش فيه، يقبل بالآخر، ويبني على التوافقات الممكنة ضمن برامجنا الوطنية»، إذا ترجمت الحكومة هذا الكلام إلى ممارسات فعلية، فنحن نسير في درب آمن، خال من حقول الألغام.
الحقيقة أن مشكلة حكومة الدكتور جعفر حسان عدا عن أزمة اقتصادية متفاقمة في إقليم ملتهب، أنها تباشر مسيرتها بالتزامن مع فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو مبعث قلق من أجندته السياسية التي قد تستهدف أمن الأردن، وتقترب من خطوطه الحمراء، وأولها التهجير الإسرائيلي لفلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن في سياق، وتوطئة لإقامة وطن بديل لهم.
تحتاج الحكومة إلى برلمان قوي لمواجهة كل الاستحقاقات الداخلية، والخارجية، وتمتين الجبهة الداخلية والتوافق على برنامج وطني يُمكّن الأردن من تأكيد لاءات الملك.