الدستور
مهما تبجح نتنياهو في تحقيق بعض من أهدافه، وفي طليعتها فصل جبهة المواجهة اللبنانية عن جبهة المواجهة الفلسطينية، فقد هُزم معنوياً، ولايزال وسيبقى، ولولا دعم الولايات المتحدة الأميركية التي فرضت إتفاق وقف إطلاق النار بين المستعمرة وحزب الله، لم تحقق له، ما يسعى له، ما يريده، ما يُبقيه متفوقاً، عسكرياً عبر سلاح الجو والتكنولوجيا الإلكترونية، بشكل خاص.
لقد صنعت محطة النضال الفلسطيني الرابعة يوم 7 أكتوبر 2023، عبر العملية النوعية الصادمة للإسرائيليين، بعد المحطات الثلاثة: 1- ولادة منظمة التحرير وانطلاق الثورة الفلسطينية، قبل وخلال وبعد عام 1967، 2- الانتفاضة الأولى عام 1987 التي أرغمت إسحق رابين على الاعتراف بالعناوين الثلاثة بـ: الشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني وعليه جرى الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من المدن الفلسطينية، 3- الانتفاضة الثانية التي أرغمت شارون على الرحيل من قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال، 4- صنعت المحطة الرابعة نتاج 7 أكتوبر تحولاً إيجابياً تراكمياً لصالح فلسطين، وفي طليعتها موقف وقرار محكمة الجنايات الدولية، وها هي البلدان الصناعية السبعة: إيطاليا، كندا، فرنسا، المانيا، اليابان، بريطانيا، وهم أعضاء في محكمة الجنايات الدولية، باستثناء الولايات المتحدة يعلنون يوم الثلاثاء 26/11/2024، بعد اجتماعهم عبر «منظمة الدول الصناعية» أنهم سيتصرفون وفق مذكرة الاعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بحق رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو، على خلفية عضوية البلدان الستة لدى محكمة الجنايات الدولية، بدون الولايات المتحدة وهي ليست عضواً لدى المحكمة، وأعلنت أنها سترد على محكمة الجنايات وعلى القضاة وعلى المدعي العام بإتخاذ إجراءات عقابية ضدهم، ولكنها لا تملك الزام الدول الأخرى بتوجهاتها، وتمنعها من تنفيذ قرار محكمة الجنايات في إلقاء القبض على نتنياهو.
حزب الله الذي تضامن مع فلسطين، ومع أهالي قطاع غزة بالذات، دفع أثماناً باهظة باغتيال أغلبية قياداته السياسية والعسكرية، ودفع الشعب اللبناني في الضاحية الجنوبية من بيروت، وفي مدن البقاع وجنوب لبنان أثماناً باهظة أكثر من أربعة الاف شهيد، وأكثر من 15 الف جريح، وتدمير أكثر من 270 بناية سكنية، وتقدر الخسائر باكثر من مليار دولار، حتى بات الشعب اللبناني شريكاً في دفع الثمن وتقديم التضحيات مع الشعب الفلسطيني، ولهذا وافق حزب الله على إتفاق وقف إطلاق النار، نظراً للخسائر البشرية والمادية، وحرصاً منه على شعبه، لغياب التكافؤ وموازين القوى بينه وبين قوات المستعمرة المدعومة أميركياً بكل أدوات التفوق العسكري والإلكتروني.
صمد حزب الله، ولكنه لم يُحقق الانتصار، وأخفقت المستعمرة في تحقيق كامل أهدافها، ولكنها لم تُهزم، ولذلك وقع الاتفاق على وقف إطلاق النار بوساطة أميركية فرنسية، بعد أن كشفت المستعمرة عن عدوانيتها وتطرفها وفشلها، وأثبتت أنها العدو الوطني والقومي والإسلامي والمسيحي والإنساني، وهو استخلاص مهم ومفيد على الصعيد الاستراتيجي، لعل تطلعات الولايات المتحدة بإعادة فرض التطبيع العربي مع المستعمرة، تنكفئ وتتراجع أو تتجمد.
معركة مواجهة العدو لن تنتهي، رغم تفوقه العسكري الاستخباري الإلكتروني، ولكنه بات أقرب للعزلة رغم كل وسائل التطبيع وفرض الهيمنة والتسلط ومحاولة التوسع على حساب الشعب الفلسطيني والبلدان العربية المجاورة.