عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Nov-2019

جولة التصعيد..من خلف الصاروخ؟ - اليكس فيشمان

 

يديعوت أحرونوت
 
في اسرائيل أيضا لا يستبعدون حتى النهاية ان تكون حماس عرفت بل واقرت رشقات النار التي اطلقها الجهاد الاسلامي نحو اسرائيل في اعقاب تصفية بهاء ابو العطا. العقل يقول ان الجدال بين المنظومتين في القطاع كان حول حجم الرد. يمكن الافتراض بأن حماس قصدت اطلاق نار يركز على غلاف غزة “والمحيط” بينما طالب الجهاد الاسلامي بإطلاق نار كثيفة نحو اجزاء واسعة من اسرائيل مما يعني بوضوح لكل من له يد وقدم في الموضوع: مواجهة شاملة. هذا هو السبب الذي جعل اسرائيل تعلن عن التأهب في منطقة تل أبيب والوسط ايضا. يبدو أن حماس منعت الجهاد من تنفيذ خططه فيما ان الجهاد تجاهل ببساطة. لم يكن هذا خلافا تكتيكيا. كان هذا خلافا جوهريا، امتشق فيه من القمقم ذاك الجني القديم – الجديد الذي يصبح بالتدريج عنصرا سائدا في عملية اتخاذ القرارات في القطاع: ايران. حتى قبل بضع سنوات لم تكن حماس قد استسلمت للسياسة الايرانية في الشرق الاوسط. لاسباب ايديولوجية ولكن ايضا لأسباب عملية. الشيخ ياسين لم يسمح في حينه لخالد مشعل ان يجلب ايران كمهر لتوليه رئاسة الدائرة السياسية في المنظمة. ومع انه كان للايرانيين موطئ قدم معين في القطاع إذ ان الجهاد الاسلامي الفلسطيني هو ذراع عسكرية لقوة القدس الايرانية، غير أنه تحت مظلة حماس المستقلة، القوية، لم تكن اجندة الجهاد الاسلامي سائدة في القطاع.
في بداية 2017 فقط عندما عين يحيى السنوار، رجل الذراع العسكرية في منصب زعيم حماس في القطاع، فتح الباب للايرانيين. والسبب الاساس في ذلك كان الضائقة المالية التي علق فيها الذراع العسكرية الذي هو في بؤبؤ عين السنوار. الايرانيون دفعوا بالمال، بالوسائل القتالية وبالتكنولوجيات، وعندها ايضا تبين لحماس انهم في طهران لا يعملون كجمعية خيرية. فللتدخل والمساعدة الايرانية – سواء لـ “حماس الخارج” ام لـ “حماس الداخل” – يوجد ثمن. وقبل بضعة اشهر فقط، في خطاب حماسي، شكر السنوار الايرانيين على كل هذا الخير الذي يغدقونه عليه، ولكنه نسي أن يروي لمستمعيه ما الذي يعطيه بالمقابل – حبل اطول للجهاد الاسلامي يسمح له بالتطور، بجمع القوة، بخوض مواجهات مع اسرائيل. وبالفعل، فإن نماذج مثل بهاء ابو العطاء نموا في ظل السنوار الى حجوم غير متوازنة مع القوة العسكرية التي توجد في ايديهم.
في اسرائيل فهموا بتأخير شديد بأن يدي حماس مكبلتان بقدر ما بسبب تعلقها بالدعم الايراني. كل قرار سياسي او عسكري تتخذه حماس تجاه الجهاد الاسلامي، اسرائيل، مصر، قطر او كل جهة اخرى – يجب أن يأخذ بالحسبان رد فعل ايران: هل ستوقف المساعدة لحماس. الازمة مع اسرائيل لا تعد شيئا مقارنة بالازمة مع مصر التي هي عمليا انبوب التنفس الحقيقي لقطاع غزة. كما أن المصريين ليسوا سعداء من التقارب بين حماس والايرانيين وهم ايضا في نقطة زمنية ما فيمارسون روافع ضغط على حماس. هكذا بحيث أن حماس في قطاع غزة تراوح في هذه الاثناء في حقل الغام: إما ان تصعد على لغم مصري، او على لغم اسرائيلي او لغم ايراني.
لقد وضعت المواجهة الاخيرة امام السنوار مرآة: هل سيلجم الجهاد ويحاول تحسين الحياة في غزة، ام سيستسلم للاجندة الايرانية، بالاسماء العسكرية والاقتصادية التي ستأتي في اعقابها. هذا ما يشرح سلوك حماس في الجولة الاخيرة. تترك اسرائيل في هذه اللحظة لحماس ان تتردد، ولكن الشرق الاوسط سيكتشف سريعا جدا الى اين وجهته، إذ ان على جدول الاعمال توجد التزامات اسرائيلية، مصرية ودولية لمشاريع اقتصادية. فهل ستطلق حماس الايرانيين؟ الجهاد سيواصل التعاظم، الايرانيون سيعمقون التدخل، النار ستعود والمشاريع ستشطب عن جدول الاعمال.