عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Apr-2021

الإدارة الإعلامية للأزمات.. إلى أين؟*عمر عليمات

 الدستور

الجو العام في الإقليم جو مشحون، وهناك أجندات ورؤى متصارعة، بعضها ما زال في إطاره الإعلامي عبر المحاولات المستمرة لزرع الفتنة وترسيخ حالة من عدم الثقة بين الحكومات وشعوبها، وبعضها تعدى ذلك إلى ما هو أكثر من مجرد العداء الإعلامي.
 
وضمن هذا الجو، ونتيجة لما وفرته وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح على مختلف وسائل الإعلام الدولية، أصبحت إدارة الرأي العام جزءاً رئيسياً ومهماً لا يمكن التغافل عنه، أو التعامل معه بشكل ثانوي أثناء إدارتنا للأزمات، بغض النظر عن طبيعتها وشكلها.
 
استغلال البعض للأحداث في الأردن لتمرير أجندات معينة ومحاولة إيجاد شرخ في الرأي العام لتصوير البلد وكأنه عبارة عن قسمين متناحرين ليست بالجديدة، والمتابع لما يجري في وسائل التواصل الاجتماعي منذ سنوات يرى حجم التداخل بين المحلي والإقليمي، لدرجة أن بعض القضايا الأردنية الخالصة يكون أغلب المعلقين عليها من الخارج، والكل يحاول أن يوجه الرأي العام الأردني بالشكل الذي يخدم مصالحه وأجنداته.
 
إدارة الأزمات في مختلف دول العالم المتقدمة منها والنامية على السواء، تتفرع منها بشكل رئيسي وأساسي إدارة الرأي العام، فعندما يتعلق الأمر بقضايا ذات حساسية أو قضايا تتعلق بحياة المواطنين ومعيشتهم، يكون الخطاب الموجه إليهم أكثر تأثيراً من الأزمة بحد ذاتها، لذلك تعمل العديد من الدول على وضع خططها الإعلامية بالتوازي تماماً مع إجراءاتها على الأرض، وأحياناً تكون سابقة لها بحسب طبيعة الأزمة. 
 
تجربة الأردنيين مع غياب المعلومة أو تأخرها تجربة تتكرر مع كل أزمة، والمواطن المتعطش لمعرفة الحقيقة، لا يجد أمامه إلا مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإقليمية والدولية التي يحاول كل منها فرض رؤيته للحدث وتحوير الأخبار بما يخدمه، ناهيك عن تضارب التصريحات فيما يخص القضايا غير الأمنية أو السياسية، والتي تؤثر في حياة الناس اليومية، وأكبر مثال على ذلك التعامل مع الإجراءات المتعلقة بتفشي جائحة كورونا.
 
الجو العام في الأردن حافل بالإشاعات والتخوفات، و»السوشيال ميديا» أضافت سيلاً ضخماً من المعلومات، بحيث أصبح الجميع متخصصين وقادرين على التحليل والتقييم، والجميع يدعي أن لديه مصادر موثوقة ومعلومات مؤكدة، فيما الجهة التي تمتلك المعلومة الصحيحة تبقى في إطار رد الفعل والنفي والتوضيح، بينما يمكنها منذ البداية أن تضع استراتيجيتها الإعلامية ضمن جدول زمني متوافق تماماً مع الحدث، لتفويت الفرصة على أي إشاعة، سواء يتم نشرها بحسن نية أو بسوء نية.
 
ما نحتاج إليه اليوم إدارة إعلامية حقيقية لأي أزمة تقع، وأن يكون دائماً التخطيط لإدارة الرأي العام متوازياً مع التخطيط للتعامل مع الأزمة، وألا نترك الناس فريسة لكل صاحب توجه مشبوه أو للأجندة الخارجية، بحيث يتم ضبط إيقاع الخطاب الإعلامي مقابل الكم المهول من المعلومات والإشاعات التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مثل النار في الهشيم، ودون ذلك سيبقى «كل يغني على ليلاه، وليلى تغني على عنتر».
 
غياب المعلومة وتأخرها من أخطر معاول هدم الثقة بين الناس والحكومة، ورد الفعل دائماً يكون أضعف من أن يواجه الفعل، خاصة في حال قيام البعض بانتهاج مفهوم «كرة الثلج»، بحيث يتم تدوير المعلومة من قبل جهات مختلفة لتوسيع انتشارها، ونقلها بشكل واسع وهادف إلى توجيه الرأي العام باتجاه محدد.
 
باختصار، نحن بأمس الحاجة إلى إدارة إعلامية لأزماتنا، لتوضيح مواقفنا وحماية الرأي العام المحلي من التأثيرات الخارجية.