عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Apr-2019

رموز نظام بن علي يتصدّرون المشهد الإعلامي في تونس وخطابهم الإقصائي يثير قلق المراقبين

 

حسن سلمان
 
 
تونس – «القدس العربي»: بدأت أخبار رموز نظام الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، تتصدر وسائل الإعلام وبعض مؤسسات استطلاع الرأي في البلاد، وهو ما دعا عدداً من المراقبين للحديث عن محاولة بعض «اللوبيات» الرافضة للانتقال الديمقراطي «التلاعب» بالرأي العام التونسي، وتوجيهه لانتخاب شخصيات سياسية معروفة بخطابها المتطرف، مستفيدة من الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي في البلاد.
وتبدو عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، والتي يلقّبها البعض بـ»محامية التجمع»، من أكثر الشخصيات التجمّعية (نسبة إلى حزب بن علي المُنحل) إثارة للجدل، نتيجة الخطاب الإقصائي الذي تنتهجه، فهي لا توفّر مناسبة دون أن تتوعد بوضع خصومها السياسيين – وخاصة الإسلاميين- في السجون، في حال وصولها للسلطة.
ويُلاحظ الممتبّع لوسائل الإعلام التونسية أن عدداً كبيراً منها يساهم – بوعي أو دون وعي- في التسويق لصورة عبير موسي بشكل خاص، فضلاً عن تصدرها نتائج بعض استطلاع الرأي كـ»أكثر» الشخصيات التي يفضلها التونسيون لشغل منصب رئيس الجمهورية، وهو ما يبدو مجانباً للواقع، حسب عدد كبير من المحللين.
ويقول المؤرخ والمحلل السياسي د. عبد اللطيف الحنّاشي لـ»القدس العربي»: «لا يمكن الاعتماد كثيراً على نتائج أغلب مؤسسات استطلاع الرأي في تونس، وخاصة مع اقتراب الانتخابات، على اعتبار أن كل مؤسسة لديها أجندة خاصة بها، والدليل على ذلك أن شخصية كعبير موسي – مثلاً – باتت خلال فترة وجيزة تتصدر نتائج استطلاعات الرأي، وهو ما يدعو للتشكيك بصحة هذه النتائج. صحيح أن هناك أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة ومركّبة في تونس، وقد يكون هناك نوع من الحنين للنظام السابق. ولكن لا أعتقد أن الشعب التونسي سيصوّت لهذه المرأة بخطابها الاستئصالي والعنيف، والذي لا يرتقي لهذه المرحلة الديمقراطية التي تعيشها البلاد».
ورغم أن الحنّاشي يتحدث عن محاولة بعض اللوبيات الرافضة للانتقال الديمقراطي في تونس، استخدام عبير موسي كأحد الأوراق للانقلاب على المسار الديمقراطي، إلا أنه يشير – بالمقابل- إلى أن موسي لا تحظى بشعبية كبيرة لدى التجمعيين أنفسهم، فـ»حزبها يضم قواعد تجمعية دُنيا ومتوسطة، بخلاف الأحزاب الأخرى كنداء تونس وتحيا تونس والمبادرة، التي تضم شخصيات سياسية معروفة شغلت مناصب هامة داخل الدولة أو ضمن حزب التجمع الديمقراطي الدستوري المنحل، خلال فترة حكم بن علي».
ويضيف: «هناك عملية تضخيم إعلامي لهذه الشخصية (عبير موسي)، وقد يكون ذلك في إطار محاولة تخويف بعض القوى الوطنية والديمقراطية من المرحلة المُقبلة، أو على الأقل محاولة الدفع باتجاه هذا الخيار (انتخاب رموز التجمّع). ولكن أعتقد أن حظوظ موسي لن تكن مرتفعة في الانتخابات، بسبب الخطاب العنيف والمتهور الذي تستعمله ضد خصومها السياسيين».
ويربط مراقبون بين صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا وصعود نظيرتها في تونس، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية.
إلا أن الباحث عبد اللطيف الحناشي يؤكد أن «اليمين المتطرف في أوروبا يختلف عنه في العالم العربي، كما أن التونسيين جربوا الأحزاب ذات الأصول الدستورية والتجمعية، وأعتقد أن حزب عبير موسي قد ينجح في الوصول إلى البرلمان ولكنه لن يحظى بنسبة كبيرة من المقاعد. طبعاً هذا مجرد تحليل يستند إلى بعض المعطيات، ولكن كل الاحتمالات واردة، فالتجربة التونسية ما تزال طريّة، وهناك الكثير من الفشل الاقتصادي والاجتماعي، وعامة الناس لا يعون تأثير الأوضاع الإقليمية والدولية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس».
وكانت نظّمت مع حزبها مسيرة خلال عيد الشهداء، طالبت فيها بوضع دستور جديد يؤسس لجمهورية ثالثة في البلاد، مشيرة إلى أن النظام السياسي الحالي الذي يوزع السلطات بين رئيس الحكومة والجمهورية يسيء إلى هيبة الدولة.
وكتب هشام عجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، على صفحته في موقع «فيسبوك»، تحت عنوان «تزييف الوعي وصناعة الرأي العام»: «من الواضح أنّهم مرّوا إلى السرعة القصوى لصناعة رأي عام موالٍ ليوسف الشاهد ولنداء تونس 2 (تحيا تونس) رغم كل الفشل والكوارث المتعلقة بفترة حكمهم. وكذلك لعبير موسي! استراتيجية 2014 نفسها التي اتبعها السيستم (المنظومة القديمة) للدفع بنداء تونس 1 للفوز في الانتخابات، باسم التصويت المفيد، مع الفارق الهام أن نداء تونس 2 في الحكم وحصيلته كارثية على جميع الأصعدة».
وأضاف: «تصعيد عبير موسي، هدفه هو استيعاب الغاضبين من «السيستام الحالي» (نهضة، نداء تونس وشقوقه) وللذين لديهم كره أيديولوجي للإسلام السياسي! يعني الأصوات الغاضبة من السيستام بدل أن تذهب لأحزاب المعارضة الحاليّة نوجّهها لحزب عبير موسي، بما أنه يمكن لهم التحالف معها بعد انتخابات 2019 لإقصاء النهضة من الحكم (…) ما نحن بصدد مشاهدته من تلاعب بوعي الناخبين هو إجرام في حق مسار الانتقال الديمقراطي، وعلى القوى الديمقراطية (أحزاب ومجتمع مدني) التنسيق والتصدّي بكل قوّة لهذه الإنحرافات بالمسار الديمقراطي. هم لديهم أجهزة الدولة والمال الفاسد وجزء من الإعلام المتواطئ ونحن لدينا الإرادة وحبّ البلاد والرغبة والحماسة لإصلاح ما أفسده السيستام».
فيما تحدثت ليلى حداد، محامية عائلات ضحايا وجرحى الثورة، عن قيام حزب موسي باتبعاع نفس أساليب حزب بن علي عبر «شراء» جمهور لحضور الاجتماعات التي ينظمها الحزب لإقناع التونسيين بأنه يحظى بشعبية «مفقودة».
وأضافت على صفحتها في موقع «فيسبوك «:»هذا الحزب الهجين هو أكبر خطر على الوطن وعلى أبناء الوطن ونهشه للأعراض، وخطابه الحاقد هو تأكيد على أنه حزب دموي استئصالي، سيكون أكثر بشاعة من نظام بن علي لأنهم أعداء الحرية وأعداء الوطن».
وسبق أن عبّرت عبير موسي، في مناسبات عدة، عن إعجابها بشخصية الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث رفضت وصفه بـ»الديكتاتور»، كما قالت إنها ستعمل – في حال فوزها بالرئاسة – على كشف «حقيقة» ما حدث ليلة مغادرة بن علي لتونس (14 كانون الثاني/يناير عام 2011)، ملمّحة إلى احتمال مناقشة العفو عن الرئيس السابق وعودته إلى تونس.