عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Feb-2021

الحصول على المعلومات من أجل مكافحة الفساد*د.نهلا عبدالقادر المومني

 الغد

حصل الأردن العام 2020 على درجة 49/100 على مؤشر مدركات الفساد، وهي أعلى بدرجة واحدة مقارنة بعام 2019، محافظا على موقعه الـ60 من بين 180 دولة يقيمها المؤشر. مع الإشارة إلى أن مؤشر مدركات الفساد في القطاع العام الذي تطلقه منظمة الشفافية الدولية يصنف مائة وثمانين دولة بدرجات من صفر الى مائة؛ حيث تمثل الدرجات الأقرب للصفر البلدان الأكثر فسادا بينما البلدان الأقرب للمائة الأكثر نزاهة. وقد عرفت منظمة الشفافية الدولية ذاتها الفساد على انه “كلّ عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية للفرد أو جماعته”.
لا يخفى على أحد أن الفساد والحد منه ومكافحته يرتبط بصورة عضوية ووثيقة بتوفر مقومات وأركان الحكم الصالح أو الرشيد المتمثلة في الشفافية والمساءلة والمحاسبة والتي تشكل متطلبات أساسية تقوم عليها بيئة النزاهة.
وفي هذا السياق لا يمكن أن نتحدث عن أركان الحكم الصالح بعيدًا عن الحق في الحصول على المعلومات الذي يتقاطع مع هذه الأركان ويتصل بها بشكل وثيق ويعد شرطًا أساسيًا في تفعيلها وأداة من أدواتها، فدون تدفق وتوفر للمعلومات حول كل ما يتعلق بالنظام القائم في مؤسسات الدولة والقرارات الصادرة عنها وآلية اتخاذها وغير ذلك من معلومات تهم الشأن العام إما بصورة تلقائية من خلال الكشف المسبق أو الاستباقي من قبل المؤسسات ذاتها أو من خلال طلب الأفراد لا يمكن أن تتحقق أركان الحكم الصالح او الرشيد.
إنّ تفعيل مبادئ المحاسبة والمساءلة يقتضي أن يكون لدى الافراد القدرة على الحصول على المعلومات الخاصة بعمل وأداء القطاع العام، الامر الذي يؤدي بالنتيجة الى مشاركتهم في صنع القرار والمساهمة في اقصاء الفاسدين والمقصرين وممارسة الرقابة الشعبية التي تعدّ أساسًا في محاربة الفساد، وهو الأمر الذي أكدت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أشارت في المادة الثالثة عشرة منها إلى أنّه لتدعيم مشاركة المجتمع في مكافحة الفساد “ينبغي اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع اسهام الناس فيها، وضمان تيسير حصول الناس فعليا على المعلومات واحترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها”.
لذا لم يعد من المستغرب أن تكون هناك علاقة طردية بين مؤشر الدولة على سلم الفساد وبين درجة انفتاحها وتبنيها لقوانين الافصاح عن المعلومات وتطبيق ذلك على أرض الواقع، وهو الأمر الذي أشارت إليه أيضًا إحدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولي والتي أكدت على أنّ ثقافة السرية وغياب الشفافية ما تزال منتشرة في الكثير من البلدان وهو ما يتعارض مع الإدارة الفعالة والديمقراطية؛ ذلك أن الوصول إلى المعلومات العامة يوفر حاجز صد مهم ضد الاعتباطية في صناعة القرار العام، وسوء تسيير الأموال العامة وانتشار الفساد، ما ينتج عنه التخفيف من حدة الفقر وتمتع الأفراد بحقوقهم.
الحق في الحصول على المعلومات ومحوريته في مكافحة الفساد يعيدنا في الذاكرة إلى الوراء، وتحديدا إلى القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1946 والذي أشارت خلاله إلى أنّ الحق في الحصول على المعلومات يعدّ المحك الرئيس للتمتع بحقوق الإنسان وحرياته جميعها.