عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Aug-2019

بقـــاء الاحتـــلال يكمـــن فـــي اخفائـــه - بيتر بينارت
– تروث أوت 
معظم الزعماء اليهود الأميركيين يعتقدون أن قرار إسرائيل بمنع النائبين رشيدة طليب وإلهان عمر من زيارة الضفة الغربية كان على حد تعبير الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل، «غير حكيما».
وكانت اللجنة اليهودية الأمريكية قد جادلت أنه كان يجب على بنيامين نتنياهو أن يدرك أن «زيارة إسرائيل أمر ضروري لكسب فهم أفضل لهذا ... المجتمع الديمقراطي المنفتح».
وقالت اللجنة الأميركية الإسرائيلية (إيباك): «يجب أن يكون كل عضو في الكونجرس قادراً على زيارة وتجربة حليفنا الديمقراطي إسرائيل بشكل مباشر».
بالطبع يعتقدون ذلك. معظم مسؤولي المنظمات اليهودية الأمريكية السائدة لم يذهبوا أبدا إلى الأماكن التي كانت تعتزم كل من طليب وعمر الذهاب إليها. لم يتحدثوا قط مع الفلسطينيين الذين على وشك هدم منازلهم لأنهم يفتقرون إلى تصاريح البناء التي لا يستطيعون الحصول عليها، باعتبارهم غير مواطنين خاضعين للحكم العسكري. لم يسمعوا أبداً لأبوين فلسطينيين يشرحون فيه الرعب الذي يشعرون به عندما يأتي الجنود الإسرائيليون في منتصف الليل ليأخذوا أطفالهم للاستجواب، وغالبًا لعدة أيام، ومع عدم وجود محام.
لم يقفوا أبدا في قرية فلسطينية تحصل على المياه لعدة ساعات فقط في اليوم  وشاهدوا أحواض سباحة في المستوطنات القريبة. لم يزروا مطلقًا قرية بيت عور الفوقا، موطن جدة رشيدة طليب، حيث وفقًا لتقرير عام 2015، اجتاز أطفال القرية قنوات الصرف الصحي للوصول إلى مدرسة ثانوية محاطة بحاجز الفصل من ثلاثة جوانب. يعتقد القادة اليهود الأمريكيون أن نتنياهو أحمق لأنهم لا يدركون حجم ما يخفيه.
إنه ليس أحمقا. ربما يكون قد منع عمر وطليب جزئيا لأن دونالد ترمب طلب منه ذلك. ربما شعر أن الحيلة سوف تجذب المقترعين من الجناح اليميني في الانتخابات المقبلة في إسرائيل. لكنه على الأرجح فهم أيضًا أنه إذا أحضرت كل من عمر وطليب وسائل الإعلام الأمريكية معهما إلى الضفة الغربية، فقد تبدآن في ثقب الشرنقة التي عمل هو وحلفاؤه اليهود الأميركيين جاهدين على بنائها.
وتعمل هذا الشرنقة على حماية اليهود الأميركيين والسياسيين الأميركيين من الواقع الفلسطيني. وتحافظ اللجنة الأميركية الإسرائيلية عليها برحلات - مثل تلك التي أقامتها لأعضاء الكونجرس في وقت سابق من هذا الشهر - والتي بالكاد قدمت لهم أي فرصة لسماع الفلسطينيين العاديين في الضفة الغربية (ناهيك عن قطاع غزة) يتحدثون عن الحياة دون وجود حقوق أساسية.
قبل بضع سنوات، كان أحد أعضاء الكونجرس الذي سافر مع لجنة أيباك كان قد أخبرني أنه عندما زار وفده رئيس وزراء السلطة الفلسطينية في رام الله، قاموا ذلك في حافلة مسلحة «وعلى الأغلب لم يروا أي أشخاص فعليًا». أكد، أنه نتيجة لهذه العزلة لم يدرك معظم زملائه أن الفلسطينيين في الضفة الغربية «يعيشون في ظل نظام قانوني مختلف» عن جيرانهم اليهود. هذا الجهل حسب التصميم. وقال أحد المسؤولين المؤيدين لإسرائيل لصحيفة نيويورك تايمز «نسميها رحلة ديزني لاند اليهودية».
ولكن عندما يغادر الأمريكيون هذا الشرنقة، فإن التأثير غالباً ما يكون محطماً. تأخذ منظمة انكاونتر المسؤولين اليهود الأميركيين للقاء الفلسطينيين العاديين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وكان أحد المشاركين قد أقر قائلا: «بعد يوم واحد من رحلتك شعرت وكأنني لم أذهب إلى إسرائيل من قبل»، أنا أعتبر خبيرًا إسرائيليًا محترفًا يسافر إلى إسرائيل عدة مرات في السنة.»
عندما سافر ستة من أعضاء الكونجرس - خمسة منهم من أصل أفريقي - مع جيه ستريت إلى مدينة الخليل بالضفة الغربية في عام 2012، رأوا أزقة يسير فيها الفلسطينيون بسبب منعهم من السير في الشوارع القريبة.
في مجلة نيويورك تايمز، وصف ناثان ثرال كيف نظر النواب إلى أعلى من تلك الأزقة «لرؤية شباك المملوءة بالقمامة معلقة فوق رؤوسهم، وضعت [من قبل الفلسطينيين المحليين] لتتلقى القمامة التي ألقاها المستوطنون الإسرائيليون».
قالت عضوة الكونجرس السابقة عن ولاية ماريلاند، دونا إدواردز، إن الخليل «بدت وكأنها مثل القصص التي روتها لي والدتي وجدتي عن العيش في الجنوب». وعندما أوقف الجنود الإسرائيليون إدواردز وزملاؤها عن زيارة الناشط الفلسطيني غير العنيف، عيسى «عمرو»،  أمسكوا أيدي بعضهم البعض ورددوا جملة  «يجب علينا أن نتغلب عليهم». هذا ما يخشاه نتنياهو.
لأن طليب وعمر لا تستطيعان العمل كشهود، فإن المسؤولية تقع على عاتقنا بشكل أكبر.
مثل طلاب الجامعات البيض (وغالبًا ما يكونون يهودًا) الذين ذهبوا إلى ميسيسيبي خلال صيف الحرية في عام 1964، يجب علينا نحن البيض واليهود استخدام امتيازنا للذهاب إلى الأماكن التي لم تستطع عمر وطليب الذهاب إليها .
يجب أن نجد طرقًا مبتكرة لنكشف للأميركيين الآخرين ما نراه هناك. ويجب علينا أن نجعل من غير المقبول للديمقراطيين الاستمرار في زيارة إسرائيل مع لجنة أيباك - كما فعل 41 ديمقراطي الأسبوع الماضي - وبالتالي الحفاظ على الشرنقة التي تبقي الأميركيين جاهلين بشكل مريح عن معاناة الفلسطينيين.
عندما يبدأ الصحفيون في توجيه الأسئلة للسياسيين الديمقراطيين عن سبب زيارتهم لإسرائيل دون زيارة الخليل أو خان الأحمر، ولماذا التقوا بنيامين نتنياهو دون مقابلة عيسى عمرو أو فادي قرعان، حينها فإن الشرنقة ستبدأ في التصدع.
وعندما بدأ السياسيون الديمقراطيون يطالبون، من قبل العشرات منهم، برؤية الأشياء التي كان عمر وطليب تحططان رؤيتها، فإن الشرنقة سوف تنهار وسيتغير الجدل الأمريكي حول إسرائيل.
يمكن لإسرائيل أن تمنع عضوين في الكونجرس من رؤية الحقائق التي ترغب في إخفائها. لكن لا يمكن أن تمنع مئتين منهم. آمل أن تعيش جدة رشيدة طليب كي ترى هذا اليوم.