عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Oct-2024

التشاركية في التعليم*د.محمد الرصاعي

 الراي 

من الواضح تأثير تلاشي الفوارق الزمنية والمكانية بين العوالم المختلفة على جميع مجالات حياة الانسان، ونلحظ استجابة مستمرة من الأفراد والمؤسسات في المجالات المختلفة، عدا مؤسسات التعليم حيث تبادر باستجابة متواضعة، ولا تزال عملية التعليم تراوح التقليدية والرتابة المملة،فتضع هذهالمؤسسات كوادرها من الطلبة والعاملين داخل أسوار مغلقة، تجعل خريجيها في حالة اغتراب حينما يغادرونها ويبدأون حياتهم المهنية والمعيشية، وقد يكون مفهوم التشاركية أهم المفاهيم التي أنتجتها الحداثة والفضاء المفتوح، والتي عملت على إحداث نقلة نوع?ة في مجالات الأقتصاد والصحة والإعلام والسياسة، إلى جانب المعرفة الجديدة التي انتجها التشارك والتداخل بين صنوف وفروع العلم والمعرفة.
 
إنَّ الحاجة لتفعيل التشاركية في التربية والتعليم تزداد عندما نهدف إلى تعليم المهاراتوالقيم الإنسانية فمصادر التعلم في هذا المجال متعددة ومتنوعة وتتواجد في الغالب خارج أسوار المدرسة والجامعة. وكون إشراك أطراف عديدة في عملية التعليم والتعلم من إستراتيجيات تعليم القيم والمهارات، يستطيع مصممو أنشطة التعليم تنفيذ هذه الإستراتيجيات وتهيئة أدوار تشاركية لأولياء الأمور ومجتمع التعلم والمجتمعات المحلية.
 
بشكل عام تعتبر التشاركية هي وقود التعليم وتعني روابط المتعلمين في بيئة التعلم وقد بينت الدراسات والبحوث أن التشاركية في العملية التعليمية هي ضمان لنجاح تحقيق أهداف التعلم وخاصة إتاحة أدوار نشطة للطلبة، وبسبب التطورات المتلاحقة والتغيرات المتسارعة في حقل التعليم يبرز تساؤل مهم في جميع مراحل عملية التدريس بدءاً من عملية التخطيط وانتهاءاً بعملية التقويم حول ما هي أهم العناصر التي تساهم في نجاح التعليم، ليصار إلى تحديد أدوار هذه الأطراف وتفعيل مشاركتها في هذا السياق، فالتحول عن التعليم التقليدي المعتمد على دور?مركزي للمعلم والطالب إلى التعلم المفتوح والذي يتصف بتعدد وتنوع المصادر والأدوات أعطى أدواراً جديدة لعناصر عديدة في مجتمع المؤسسة التعليمية (المدرسة – الجامعة) وفي المجتمع الأكبر.
 
لقد التفتت بعض مؤسسات التعليم هنا في الأردن لبناء شراكات حقيقية وروابط متينة مع الشركات والمصانع، والموسسات التمويلية، والمستشفيات والمراكز الطبية، ومراكز التدريب والتطوير، وعمقت هذه الروابط باتاحة المجال للتشاركية في وضع المناهج والخطط الدراسية، وتنفيذ التدريب، وتوجيه البحث العلمي بما يخدم جميع الأطراف، كما سعت هذه المؤسسات كمدارس ومعاهد وجامعات للتوسع في التشاركية مع مؤسسات دولية وشركات عالمية ذات سمعة كبيرة، وقد ساعدتها في ذلك أدوات التكنولوجيا الحديثة.
 
من المؤكد أن التعليم عملية شمولية تتحقق أهدافها بشراكة من جميع الأطراف التي تتباين طبيعة أدورها في المساهمة في نجاح أهداف التعليم كالمعلمين والطلبة وأولياء الأمور وجميع العاملين في العمليةالتعليميةمن مدراء ومشرفين وفنيين، إضافة لأطراف عديدة في المجتمع ككل من خبراء وأكاديميين، ووعاظ وقادة رأي، وإعلاميين، وشخصيات مؤثرة في المجتمع. كما أن البيئات الجديدة للتعلم واكتساب المعرفة تقوم على الجهود التعاونية لابتكار وإبداع الأفكار الجديدة.ومع تنامي التواصل الرقمي في العالم وازدياد استخدام التعليم الإلكتروني تبرز أه?ية التشاركية في العملية التعليمية، أو ثقافة التعلم التشاركي، مما أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة كمفهوم التعليم الإلكتروني التشاركي (Participatory e-Learning)، ومفهوم مجتمع التعليم الأوسع Broader Education Community))، لذلك لا بد لأي نظام تعليمي من مسايرة هذه المفاهيم الجديدة والتي تفرض وجودها الحتمي على حركة التعليم في العالم، وقد أصدرت جمعية الاتصالات التربوية والتقنية تقريرا بعنوان (قوة المعلومات: بناء شراكة للتعلم) تضمن ثلاث محاور أحدها محور (المسؤوليةالاجتماعية) حيث تم التركيز على أهمية العمل الجماعي التعاو?ي في عملية التعلم وإنتاج المعرفة.