عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-May-2018

رمضان عريس.. في أغاني الفوانيس

 

الراي - ابواب - زياد عساف - مشاهد كثيرة أخذت تسترعي الإنتباه مؤخراً ، شباب في مقتبل العمر وعلى مدار شهر رمضان يستقبلون مكالماتهم على رنة الجوال الخاص بهم وعلى أنغام - مرحب شهر الصوم مرحب ،اطفال صغار يطوفون بالفوانيس المحملة بجهاز تسجيل داخلها يبث و على مسمع من المارة - أهو جه يا ولاد ، ومن المواقع الألكترونية يشارك الناس ومن مختلف الأعمار على صفحات الفيس بوك بأغان رمضانية قديمة أيضاً مثل واالله بعودة يا رمضان و يا بركة رمضان ، و أي دليل أكثر من هذا يؤكد بأنها أعمال سبقت زمنها .
على الجانب الاّخر دأبت أغلب شركات الإنتاج ومنذ فترة الثمانينات باستنساخ و تقليد مثل هذه الأعمال، إلا أن
معظمها باءت بالفشل ولم تعلق بالذاكرة ، وبقيت أغاني رمضان زمان في الصدارة ، في كل عام تستعيد
زمنها و أمجادها ، والملفت للإنتباه أن أغنية أحمد عبد القادر - وحوي يا وحوي - قد مضى عليها أكثرمن
ثمانين عاماً ولازالت الأكثر تداولاً في المحطات الإذاعية و الفضائية ، يبقى هنا السؤال الذي يفرض نفسه ،
لماذا ؟!.
خلطة ..
الجواب هنا أن هذه الأعمال أشبه بخلطة سحرية أبدعها موسيقيون أضفوا عليها كل هذا الألق ، يكمن
مفتاح السر في ذلك بارتباط هذه الاعمال بالتراث والفلوكلور الغنائي القديم، باعتباره الأقرب لإحساس و
مشاعر الناس كمعظم شعوب العالم ، وعنصراً رئيسياً في هويتنا الثقافية ،نلمس ذلك عند استعراض
هذه الأعمال خاصة في مجموعة الأغنيات التي تستمد عناوينها و مضمونها من العبارات و الأنغام التراثية
الشهيرة مثل : وحوي يا وحوي ، حالو يا حالو ، يا جريد النخل العالي أو حطة يا بطة وهي من الأغاني
الفلكلورية المغناة بلسان الأطفال عندمايسخرون من زميل لهم - مفطر- ، ومن الأمثلة على ذلك أغنية
المطربة المصرية أحلام :
حطة يا بطة يادقن القطة
يا وابور هدِّي في كل محطة
هات قمر الدين أكل الصايمين
كل الفاطرين فلفل شطة .
من العوامل التي ساهمت بذلك أيضاً الإستعانة بكورال الأطفال في معظم هذه الأعمال و بشكل ذكي و
مدروس ما عكس أجواء البهجة و الفرح في نفوس المستمعين و على مدار الشهر ، في الوقت نفسه
يحسب لمبدعي هذه الأغاني تصويرهم للأجواء الشعبية التي تشد الناس ، وتأخذهم للحارة الشعبية و
الأسواق خاصة في الصور الغنائية التي أنتجتها الإذاعة المصرية في الخمسينييات و الستينييات من القرن
الماضي ، ومنها خيرات رمضان وبركة رمضان و رمضان في الحسين و فرحة رمضان و افراح رمضان و عزومة
رمضان .
هل هلالك ..
رمضان عریس.. في أغاني الفوانیس - صحیفة الرأي 2018/30/5
http://alrai.com/article/10438522/%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8/%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D8%B1%D9%8A%
لا يمكن إغفال عوامل أخرى ساهمت في نجاح هذه الأعمال ، فهناك عين كاتب مبدع ظلت ترقب حركات و
سكنات الناس و تتعايش مع عاداتهم اليومية في شهر الصيام ، ويصيغونها على الورق بإحساس الملهم
الصادق صاحب الرسالة الهادفة و يعتبر المال اّخر اهتماماته ، يتلقفها بعد ذلك موسيقي موهوب و مبدع
حقيقي ليصيغها بنغماته الشجية ، ليأتي دور المطرب المؤهل لهذه المهمة ، ف باستثناء أم كلثوم و
محمد عبد الوهاب و عبد الحليم ، تغنى كبار نجوم الغناء العربي بالشهر الفضيل و أجوائه و أدق تفاصيله ،
من لحظة رؤية الهلال و الإحتفال بقدوم الشهر مرورا بأجواء الأسواق و الباعة و لحظات الغروب وأصناف
الطعام و الحلويات وضحكات الصغار وهم يطوفون بالفوانيس في الأحياء و الحواري .
من هذه المظاهر التي رصدها المبدعون ،فرحة رؤيا هلال رمضان ، وعبَّر عنها غناءً العديد من المطربين ،
أولهم كما سبق احمد عبد القادر عندما شدا بصوته في أواخر الثلاثينيات و هو طفل صغير : رحت يا شعبان
.. إياحة .. وحوينا الدار جيت يا رمضان .. هل هلالك والبدر اهو بان ، وبعده بسنوات غنى محمد قنديل مرحباً
بقدوم الشهر :
مرحب مرحب ياللي واحشنا بقاله زمان .. مرحب مرحب هل هلالك يا رمضان .. جيت يا جميل من بعد غيابك ..و
الكون قالك مرحبتين .. يا مفرح و ياك احبابك .. من حسنك بتضي العين ، الثلاثي المرح : هل هلال الصوم و
هل .. هل علينا و طل ..شهر النور علينا و هل ، فيفي ماهر : هل هلاله و فرحناله .. بعد ما قالوا ا ما عادش
يبان ..ياللا يا صايم ارضي الدايم .. صلي و زكي بشهر الصوم .
فضائل شهر الصيام كانت محوراً رئيسياً في الأغاني الرمضانية و صاغها شعراً أشهر الكتاب اّنذاك أمثال
بيرم التونسي و عبد الفتاح مصطفى و تغنى بها أجمل الأصوات ، ومنهم وعن أجر الصيام غنى محمد فوزي
: بشراك يا صايم عند االله .. لك أجر دايم عند االله ، ولباب الغفران تشدو ليلى مراد : باب الغفران بخمس أركان
.. بالنور مليان نور اسلامك ..ملكين و اقفين الاتنين يستنوا صلاتك و صيامك .. وتلاقي الحور داير ما يدور ..
يستنوا أوامرك و كلامك ، وعن كرم رمضان تبث نجاة الصغيرة نجواها: كريم يا شهر الصيام .. يا رحمة من
الرحمن .. فيك نور القراّن على الأرض من الجنة .. يا مفرح المحروم .. يوم ورا يوم .
كنافة و قطايف ..
خيرات رمضان صفة ارتبطت بالشهر الكريم ، ولخيراته من التين و القمر الدين تغنى اسماعيل ياسين : الحاج
أمين قال للصايمين انا عندي التين و القمر الدين .. و الشيخ رضوان دخل الدكان .. و اشترى م الخير اشكال و
الوان .. وطلع فرحان يدعي لرمضان .. و معاه التين و القمر الدين ، وعن كرم الشيخ رمضان صاحب الدكان
غنى الثلاثي المرح : الشيخ رمضان فتح الدكان و ادانا بندق و حلاوة .. و ام عبادة زي العادة بتفرق كحك و
بقلاوة .. واهو عم خميس بيروق في الكيس ..حيزودنا علاوة .
اغاني البياعين في رمضان لها مذاقها الخاص ، الأوبريتات الإذاعية صورت هذه المشاهد خصيصاً لهذا الشهر
في العديد من الأغنيات ومنها محمد قنديل وهو يروج للفول المدمِّس مناديا على الزبائن :
المدمِّس .. المدمِّس .. ما تقول كويس اللوز يا ريس.. تعال غمِّس من المدمِّس ، وصلاح عبد الحميد :
زي اللوز و لذيذ يا مدمِّس .. شغل ايديا و زيه ما فيش خدلك منه بقرش و غمِّس .. فول متنقي و عليه تحابيش .
وعن بائع الكنافة و القطايف وهو يشجع الزبائن على الشراء يغني سيد اسماعيل :
كنافة و قطايف مين يندهلي مين
ويفرح ولاده يا بخت الصايمين
خد الكنافة و نبيعلك رخيص
معجون بنظافة تفضل و هيص
باللوز المقشر و السكر مكرر
هي و القطايف مين يندهلي مين .
و المطربة امال حسين وهي تبيع اللبن الزبادي :
لبن زبادي صابح و نادي حليب وقشطة كريم يا هادي
بخت الصايمين اللي يحبوك وزبادي و جاهز للأكال
يتباع لي قوام لو هم شافوك يا حليب اكمنك طازة و عال .
مدفع الحاجة فاطمة ..
حكايات كثيرة تروى عن مدفع رمضان و صاحب الفضل الأول في ابتكار هذه الفكرة ، الحكاية الأقرب تعود
لعهد الخديوي اسماعيل عندما تصادف أن بعض الجنود كانوا ينظفون مدفعهم وخرجت طلقة بالخطأ بنفس لحظة أذان الإفطار في رمضان ، وظن الناس يومها ان الحكومة ابتكرت هذه الفكرة كأعلان عن بدء موعد الأفطار ، وقتها علمت الأميرة الحاجة فاطمة ابنة الخديوي بهذا الأمر وعن سعادة الناس بذلك ، و قررت تحويل هذا الخطأ غير المقصود الى طقس رمضاني يومي ، وارتبط المدفع من يومها بإسمها و أصبح يطلق عليه : مدفع الحاجة فاطمة ،و كان له نصيبه من الأغنيات أيضاً ومنهم بصوت هدى سلطان وهي تغني لأولاد الحارة :
يا ولاد حارتنا اتلموا اتلموا
شوفوا رمضان خفة دمه
مدفع يضرب طبلة في عز الليل بتدور .
وبعدها قدم فؤاد المهندس و شويكار دويتو: مدفع الإفطار ضرب .
فترة المغرب في شهر الصيام لها وقع خاص في نفوس الصائمين ، ومنها صورة غنائية جميلة وصفت فرحة الأطفال بهذه اللحظة وبصوت الثلاثي المرح :
“ في المغربية راح نفطر
ساعة أدان االله أكبر
ونعلي حسنا ونقول .. هيه هيه هيه
ونجري ع البيت نتنطط
و قلوبنا من الفرحة تزقطط
ونقول لبعضنا رمضان جه .. هيه هيه هيه .
ومن الأوبريت الإذاعي : قبل المغرب غنت المجموعة : قربت الشمس تودعنا و المغرب يدَّن و يجينا .. الصايم
يفطر .. و السهرة الحلوة تجمعنا للفجر ما حد يصحينا .. علشان نتسحَّر .
المغرب لسه عليه ساعتين ..
“ لمّة العيلة “ على مأدبة الأفطار ، لحظات جميلة ظلت حاضرة في مخيلة الموسيقيين و المطربين فأبدعوها
في الأغاني ، عن هذه الصورة غنت وفاء الخولي : الأكل اعمله بإيديا لاولادي و جوزي عطية .. واللقمة ساعة
المغرب و ياهم تبقى هنية .. زي الشهد و تحلالي يا جريد النخل العالي ، الراجل دا حيجنني دويتو غنائي
شهير لفؤاد المهندس و صباح يتطرق لظاهرة الإسراف في الطعام من خلال هذا الحوار الغنائي الذي يجمع
صباح و المهندس :
ونرص الأكل على السفرة أشكال و الوان
والفول ابو زيت اصلي بحبه في فطور رمضان
يسيب الأكل كله و يمسك طبق الفول
ولقمة تجر لقمة يشبع و يقوم على طول
والأكل بحاله ينشال والحال تاني يوم هو الحال
وان قلت ياخويا الأكل كتير الأكل كتير
وبلاش بعزقة و بلاش تبذير يصرخ و يقول :
يا اخواتي صايم وراجل شقيان ومراتي عايزة تجوعني حتى في رمضان تعاليلي ياما !. وعلى نفس المنوال تشكو ثريا حلمي من إسراف زوجها في الطعام : المغرب لسه عليه ساعتين .. ويسأل فين الأكل يا زين .. انا عايز اشوف الملوخية .. و الأرنب فيه مقسوم نصين .. وشوية محشي
بتنجاني .. وقطايف و كنافة عشاني .. واياكي تنسي القمر الدين .
هاتوا الفوانيس ..
تعتبر الفوانيس من أجمل مظاهر رمضان بالنسبة للأطفال و يكمن سر محبتهم لها لارتباطها بالأسطورة
والحكاية التي تستهوي الصغار بطبيعة الحال ،و كيف أن المارد أو العفريت يخرج من الفانوس ليحقق أماني
الناس و هذا ما ينطبق على فيلم : الفانوس السحري الذي ترتبط أحداثه في شهر رمضان عندما اشترى
اسماعيل ياسين فانوساً بالمبلغ المتبقي معه للطفلة اليتيمة إكرام عزوز ، و التي أهدته بدورها فانوسها
القديم لتبدأ حكايته مع المارد الذي يقيم بالفانوس ليبدأ يحقق لإسماعيل ما يتمناه جزاء عطفه و إحسانه .
ارتباط الفانوس في رمضان و كما يروى بدأ مع وصول المعز لدين االله الفاطمي للقاهرة 972 م لتكون عاصمة
لدولته ، واستقبله الكبار و الصغار بالفوانيس وقتها نظراً لوصوله في ساعة متأخرة من الليل و تصادف ذلك
مع أول يوم من شهر رمضان ، و على إثرها أصبح الفانوس من طقوس الشهر في مصر و البلاد العربية .
كل مطرب كان يتخيل الفانوس على هواه، منهم من شبهه بالعريس تعبيراً عن الفرح ، محمد فوزي ارتأى
أن يحيي فرح العريس رمضان على مدار ثلاثين ليلة : هاتوا الفوانيس ياولاد .. هاتوا الفوانيس .. ح نزف عريس
ياولاد .. ح نزف عريس .. ح يكون فرحه تلتين ليلة .. ح نغني و نعمل هلليلة ، وهذا مايؤيده اسماعيل ياسين
في أغنية خيرات رمضان : الشيخ رمضان خد لولاده اربع فوانيس .. هيفرح بشرى و عبداالله و نوال و خميس
..يا جمالهم ساعة ما تشوفهم رايحين جايين ..وتشوف رمضان وسط الزفة و كأنه عريس ،و بنفس الإحساس
غنت طروب : الدنيا عروسة و جيت يا عريس .. الكون حواليك شمع و فوانيس .
واالله زمان يا رمضان ..
جمال الفوانيس بألوانه الزاهية من أسباب تعلق الأطفال بها وهذا ما وظفته الأغاني ، بألوان الفانوس تغنى
محمد جمال و مع طروب أيضاً : نوَّر يا فانوس احمر و اخضر.. مع بابا و ماما احنا حنسهر .. ونغني كمان وحوي
يا وحوي .. يا فانوس رمضان ..ياللا الغفار ، وبألوانه المنقوشة تتغنى فاطمة علي : واالله زمان يا رمضان .. جه و
اّنسنا فين فوانيسنا ..يا فانوس منقوش زي الطربوش .. لونك مرشوش احمر و اخضر .. ازرق و اصفر .. يا حليلة .
 
الفوانيس في الأحياء الشعبية لها مذاقها الخاص ، شادية و على طريقتها تصف هذا المشهد : ولاد حارتنا ربنا يحرسهم ..مزقططين و مولعين فوانيسهم .. اتلموا ع الناصية يقولوا و يحكوا .. نور الصيام و جماله بيونسهم .. والفرحة في عينيهم حكاية طويلة ، شافية احمد : قيد الفوانيس قيدوا .. من طلعته ليوم عيده ، ولفرحة البنات خصيصاً غنى الثلاثي المرح : افرحوا يا بنات ياللا و هيصوا ..رمضان اهو نوَّر فوانيسه ..يا حلاوة التين والقمر الدين .. و اكياس النُقل و قراطيسه .
المارد المحبوس بالفانوس أشبه بالغرام الذي يعجز صاحبه بالتعبير عنه ،حكاية مغناة يرويها لنا شكوكو :
“اطلب روحي ابعتها قوام
وابعت فوقها كيلو سلام
تطلب ليه الجوز و البندق
مانتاش عارف الوقة بكام ؟!
يا حلو وادِّينا العادة .. ياللا الغفار
نظرة عيونك بزيادة .. ياللا الغفار
شوف كام سنة و هواك محبوس جوه في قلبي
حبك شمعة و قلبي فانوس و بتلعب بي .. وحوي يا وحوي “ .