عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

البرغوثي.. بطلة عالمية تسجل حضورا استثنائيا في رياضة ذوي الإعاقة وتتقلد الذهب

 

ربى الرياحي
 
عمان –الغد-  لم ترض إلا أن تكون استثنائية بشخصيتها بحبها للعطاء والتميز والإنجاز، وقدرتها على الحلم والطموح، فلديها كل الإمكانات لتلاحق ذلك الإبداع المتدفق في داخلها.
مها البرغوثي، تلك المرأة التي أثبتت أن الإعاقة لا تعني أبدا العجز والانسحاب، بل أيقنت أن بالإرادة يتلاشى المستحيل، ويتغير الواقع وتصبح الإنجازات أضواء تنير ممرات المستقبل، فاستطاعت أن تثري مسيرتها بنجاحات كبيرة لا سيما على المستوى الرياضي.
البرغوثي احتضنت ذاتها وعرفت جيدا كيف تكون مؤثرة في من حولها، هي راهنت على حضورها وقوتها وإيمانها المطلق بأن إعاقتها الحركية محفز لها على التقدم وعبور الحياة على أقدام الأمل، فاستحقت أن تكون بطلة عالمية في طاولة التنس وألعاب القوى وتتقلد الذهب فخرا وتكريما، بالإضافة إلى عملها كأمين عام للجنة البارالمبية الأردنية.
البداية لم تكن سهلة أبدا، كما تقول، وأخذها لمطعوم شلل الأطفال الفاسد في عمر الثلاثة أعوام أصابها بالشلل الرباعي، وفرض عليها نمط حياة مختلف. هي ولأنها لم تكن تعي حقيقة ما حدث معها كان صعبا على طفلة في عمرها أن تفهم الكثير من التغيرات التي ستعيشها والمرافقة لوضعها الجديد، ووجدت أن تتأقلم مع ظروفها بالتدريج حتى وإن حاصرها سيل الأسئلة تلك التي لم تكن تجد لها إجابات مقنعة أو على الأقل تخفف من استغرابها وحيرتها. مها اجتازت كل ما هي فيه بمساندة ودعم عائلتها، لم يتركوها وحيدة بل أحاطوها بحبهم ورعايتهم، وبذلوا كل ما في وسعهم لإسعادها وإشعارها بأنها قادرة وتستحق الحياة.
وقوف عائلتها إلى جانبها زاد من إصرارها على أن تكون شخصية ناجحة لها حضورها في المجتمع باحتوائهم لها ساعدوها على أن تتحدى وتصمد، وتكون على قدر المسؤولية وأهلا للفخر والاعتزاز.
تقول إن صعوبة الحياة في السابق حالت بينها وبين حلمها في إكمال دراستها، خصوصا مع غياب الدمج وجود بيئة غير مهيأة لحركة ذوي الإعاقة، سببان منعاها من الذهاب إلى المدرسة كبقية أقرانها.
أرغمت البرغوثي على تلقي تعليمها منزليا فقط لمجرد أنها تفتقد القدرة على المشي، فلم يكن هنالك اهتمام بفئة تبحث عن التميز دائما، ولكن وبرغم كل المعوقات، فإن حبها للعلم لم يتوقف، وطمحت أن تكمل دراستها في الخارج وتحديدا في أمريكا، لكن الظروف مجددا وعادت لتكبل ذلك الحلم وتجعله رهين القلق والمخاوف.
وتبين أنها اتجهت إلى الرياضة في وقت كانت فيه التحديات أكبر وكان من الصعب جدا تقبل أن شخص من ذوي الإعاقة يريد أن يتميز وليس فقط أن يحصل على حقوقه ويتحرر من فكرة البقاء على قيد التهميش والإقصاء.
أبدعت البرغوثي في مجال الرياضة وحققت الكثير من الإنجازات هي بحماسها واندفاعها خلف طموحها تمكنت من أن تكون بطلة عالمية في تنس الطاولة وألعاب القوى. عشقت المنافسة فكان من نصيبها التفوق والنجاح وحصد الكثير من الميداليات في بطولات عديدة مثلت فيها الأردن، أهمها مسابقة لرياضة الجري أقيمت في ألمانيا وحصولها على أول رقم عالمي، العام 1995، وأيضا بطولة الحسين بن طلال والتي حققت فيها الميدالية الذهبية في تنس الطاولة ومن ثم أولمبياد سدني وغيرها من المحطات المهمة.
قرارها بأن تسجل حضورا استثنائيا في الحياة عامة وفي الرياضة خاصة، أحنى لها الذهب افتخارا وجعلها أقوى بإصرارها على توثيق اسمها كشخصية تثبت كل يوم أن العجز الحقيقي هو العجز عن الطموح والحلم. هي ترى أن التوقف عن الأمل هو الإعاقة بذاتها، لذا اختارت أن تقف بإمكاناتها وتصقل نفسها من الداخل حتى يتسنى لها أن تكون نموذجا إيجابيا يحتفي العالم بإنجازاته وجدير بالتكريم.
تقول أن أجمل لحظات حياتها مقابلتها لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي أثنى بدوره على جهودها وتميزها بتقليدها الذهب، وتقديره لما حققته ودعمه الكبير زاد من تصميمها على الإبداع وأعطاها حافزا أكبر لكي تصعد سلم الحياة متفائلة لديها الإيمان المطلق بأنها قادرة، وهذا أيضا ما أهلها لتكون ضمن الأشخاص المكرمين في حملة “قادرون”، معتبرة هذا النوع الجديد من التكريم سيحدث فرقا كبيرا على جميع المستويات وسيعرف المجتمع بقصص نجاح واقعية دونت بالجلد والإرادة والثقة. وتضيف أن حملة “قادرون” ترى أن سقف الوعي بحقيقة الأشخاص ذوي الإعاقة وقيمتهم سيرتفع، لذا تدين بالشكر لصاحبة الفكرة ناديا نفاع، متمنية أن تتضافر جميع الجهود للارتقاء أكثر بحياة ذوي الإعاقة وتفعيل كل القوانين التي تنادي بالمساواة.
عملها اليوم كأمين عام في اللجنة البارالمبية الأردنية برئاسة الدكتور حسين أبو الرز يشعرها باستقلاليتها وبأنها جزء من المجتمع تعتمد على نفسها لكونها بطبيعتها إنسانة مسؤولة لا تعرف الكسل والارتكان، وتتطلع دائما لأن تكون منتجة معطاءة.
وعن طموحها المستقبلي تقول تسعى اليوم وبكل طاقتها لأن تصل إلى مجلس النواب أو الأعيان، وأن تحارب نظرة التمييز، وأن يكون هناك مقاعد للأشخاص من ذوي الإعاقة، وتحدي كل العقبات.
مها تؤمن بجدارة هذه الفئة المنتجة وبقدرتها على شغل مناصب مهمة في الدولة والحاجة لأن يعطوا الفرص ويتخذوا أماكنهم في المجتمع، لافتة إلى أن إيمانها هذا يأتي من مساندة الأمير رعد بن زيد ودعمه لأشخاص قادرين على العمل وخدمة الوطن والنهوض به، وجهوده التي لا تتوقف والتي لطالما قوتهم وحفزتهم وجعلت منهم أبطالا مبدعين واثقين بقدراتهم.