ربى الرياحي
عمان –الغد- يتغافل الكثيرون عن نعِم يمتلكونها هم ويفتقدها غيرهم.. هؤلاء يجهلون تماما معنى الرضا والاقتناع بما لديهم دون النظر إلى الأشياء التي تنقصهم، فيحرمون من الاستمتاع بالحياة ويسخطون على كل ما حولهم بخلاف أولئك الذين يمنحون الرضا وسكينة النفس هذا النوع من الناس يكتفون بأقل القليل ويبتعدون عن التذمر والسلبية لذا يكونون أكثر سعادة من غيرهم ولا يمكن للحياة أن تهزمهم.
والرضا يختزل الكثير من مشاعر السعادة والأمان والحب والامتنان والقناعة والثقة، فما قد يعنيه الرضا لشخص ما ربما يكون قمة الحزن لشخص آخر، وما يرضيك ليس بالضرورة أن يرضي غيرك، لذلك فإن الرضا من الممكن أن يكون في المال أو العمل في الزواج والأولاد في وجود بعض الأشخاص في حياتك في مساعدة الآخرين.
علامات استفهام كبيرة يطرحها الثلاثيني مازن على نفسه وكله استنكار لما يراه من زميله في العمل هو يعجب كثيرا لشعور الرضا والسكينة الذي يتملك هذا الشخص رغم كل الهموم والمشاكل التي تلاحقه.
يقول، حياته كما تبدو صعبة فيها الكثير من المتاعب، ومع ذلك هو دائم التبسم ومصدر فرح لكل من يعرفه، قدرته على الاستمتاع بأبسط الأشياء تجعله قريبا من الجميع، مقتنع بما لديه يعيش بطمأنينة لا يفكر أبدا بما ينقصه بل يسعى لئن ينبت الأمل من عمق الألم.
ويبين أن وصول الإنسان لمرحلة الرضا ليس بالأمر الهين، فهناك من يعجز عن الاستمتاع بما هو متاح له ويبحث عن أشياء أخرى يرى سعادته فيها.. هذا الشخص تحديدا يحرم من أن يعيش الحياة. متسائلا باستغراب أي إحساس ذلك الذي يجعل شخص يجيب نفس الإجابة في كل مرة يسأل عن أحواله “عايش برضا”؟.
أما الخمسيني أبو معن فهو أيضا تربى على الرضا منذ أن كان صغيرا يقول حرص والده على أن يغرس فيه وبإخوته شعور الرضا جعلهم يقدرون جيدا قيمة الأشياء رغم بساطتها، مكنهم من أن يكتفوا بالموجود دون النظر إلى ما في أيدي غيرهم، مبينا أن إمكانات والده المادية البسيطة لم تشعرهم يوما بالحرمان أو حتى بالإحراج بل على العكس كانوا يسعدون بأقل التفاصيل.
ويلفت إلى أنه اتبع نفس الأسلوب مع أبنائه الأربعة، هو أراد أن يوصلهم إلى الاستقرار النفسي وراحة البال والامتنان لكل اللحظات بحلوها ومرها؛ لإيمانه التام بأن الحياة ليست كاملة، ولن تكون كذلك يوما ما ولهذا لا بد من تقبلها كما هي مع التمسك بالطموح لتحسينها.
العشرينية حنين سامي تجد هي الأخرى أن الرضا هو سبب نجاحها اليوم بعد إرادة الله وتوفيقه لها تقول عند وصولها المرحلة الجامعية كانت ترغب كثيرا بأن تدرس البرمجة، لكن ما حدث خالف رغبتها وأرغمها على التوجه لتخصص الترجمة، وتبين هي اليوم وبعد أن أنهت دراستها بتفوق تعمل في إحدى الشركات الكبيرة وسعيدة جدا بما حققته وما وصلت إليه من تميز.
حنين ترغب في أن تكون ممتنة لكل حدث مر في حياتها، ولكل شخص مر بها، ما تعرفه فقط هو أنها لم تتذمر يوما ولم تفكر أيضا بأن ترسل شحنات سلبية إلى محيطها بل ظلت تحاول أن تروض نفسها على قبول ما لم تريد قبوله. مؤكدة أن شعور الرضا يعلمها دائما أن رغم بساطة الأشياء التي تملكها إلا أنها قادرة على الاحتفال باللحظة التي تعيشها بفرح وتفاؤل.
ويرى الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة أن الرضا شعور مهم يحتاج له الجميع لكي يستطيعوا تحمل مصاعب الحياة والمضي قدما بدون النظر إلى الوراء والتحسر والتوقف عند مرحلة معينة أو الخوف على المستقبل والتقيد به.
ويقول، شعور الفرد بالرضا يعلمه التوازن في كل شيء فيصبح أكثر تفاؤلا وأملا وإيجابية كما أنه يصبح باحثا عن الطمأنينة فيما يملكه من نعم، وبالتالي يبتعد تماما عن النظرة السوداوية للأشياء محاولا تعداد كل ما من شأنه أن يسعده كالصحة والأولاد والإحاطة بأشخاص محبين وغيرها من التفاصيل الصغيرة الأخرى التي تزيد من الإحساس بالرضا والسعادة.
ويشير إلى أن ذلك كله يحرر الناس من الأحقاد والمشاحنات والعداوات وحتى المقارنات المؤذية للنفس حينها فقط يتحول الإنسان إلى شخص قوي واثق مرتاح البال مكتفٍ بما لديه.