عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Oct-2020

شركاء في «تسمين» الأسبقيات الجرمية!*أحمد حمد الحسبان

 الدستور

تفاصيل مرعبة يجري تداولها حول «جريمة الزرقاء»، حيث أقدم صاحب أسبقيات على التمثيل بشاب لم يبلغ سن الرشد بعد، بدعوى الثأر لجريمة سابقة.
 
التفاصيل التي تكشفت تثير الاشمئزاز، وتؤشر على خلل مجتمعي وقانوني لا بد من الالتفات إليه من قبل كافة الجهات المعنية، شعبية ورسمية. وبحيث لا يقتصر رد الفعل على موجة استنكار عابرة، تنتهي بحدوث جريمة أخرى أشد بشاعة، أو بخضوعها إلى عامل النسيان.
 
ولا بد من دراسة القضية، والتوقف عند بعض محطاتها، وتشخيص عناصرها، وبخاصة تلك التي يمكن أن تكون سببا في تكرار حدوث ما يماثلها.
 
من أبرز تلك العناصر، موضوع الأسبقيات لمرتكب الجريمة، فعدد الأسبقيات الجرمية للجاني، ونوعيتها، وكيفية تعامل المجتمع والدولة والقانون مع أصحابها ذات تأثير مباشر على بشاعتها. وعلى إمكانية تكرارها.
 
مثال ذلك، أن السجل الجرمي لمرتكب الجريمة يحتوي على 172 أسبقية. وهذا يعني ـ ضمنا ـ أن القانون كان عاجزا عن ردعه، بدليل تكرار جرائمه. وأن المجتمع كان أكثر عجزا لعدم تمكنه من نبذه، ومحاصرته ودفعه إلى الإقلاع عن هذا النهج.
 
ما يفهم ضمنا في هذه القضية، أن الجاني ارتكب جرائمه، وعوقب عليها، لكن العقوبة لم تكن رادعة بالشكل الكافي. وأن أهله قد حشدوا لإجراء مصالحات عشائرية مع المتضررين كانت نتيجتها اسقاط الحق الشخصي، والافراج عن الجاني.
 
وفي بعض المعلومات، قد يكون الحاكم الإداري افرج عن الجاني من التوقيف بناء على وساطة من بعض المتنفذين. ومن الممكن أن يكون أحد النواب قد استجاب لتوسلات ذويه، وتوسط للافراج عنه، إما بـ«دواع إنسانية» أو أملا بالحصول على أصوات أقاربه في انتخابات لاحقة.
 
كل تلك الممارسات يمكن أن تكون حدثت، ومعظمها قد تحدث في أية حالة مشابهة، لتسهم في تسهيل ارتكاب الجريمة مرات من قبل الجاني نفسه، وقد يتأثر بها آخرون. والنتيجة الحتمية «تسمين» تلك الملفات، وصولا إلى العفو العام الذي تجريه بعض الحكومات تحت ضغط نواب يبحثون عن الشعبية، وينظرون إلى العملية من زاوية أنها أصوات تصب في صناديقهم في موسم الانتخابات.
 
من هنا، أرى أننا جميعا مدانون، وكلنا نتحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة. فالمجتمع، لم لم يمارس دوره في نبذ الجناة وأصحاب السوابق بالشكل الكافي. وأهل الجناة توسطوا لإخراجهم من السجن قبل قضاء العقوبة، وأهل المجني عليهم رضخوا الى الضغوط التي تمارس عليهم، ووافقوا على الصلح وإسقاط الحقوق الشخصية. والنواب والوجهاء لبّوا طلبهم بالسير في إجراءات المصالحة.
 
وفي المقابل، فإن القوانين ليست رادعة، بدليل تكرار الجرائم مئات المرات. والنتيجة أن يدفع المجتمع ثمنا باهظا لممارسات الجميع.
 
والمطلوب هنا، ميثاق شرف مجتمعي يمنع أي طرف من التوسط في مثل تلك الجرائم، ويمنع الحكام الإداريين من التخلي عن تطبيق العقوبة الأشد. ويمنع الحكومة من شمول هؤلاء بأي عفو عام. وأن تتفق الأطراف جميعا على تغليظ العقوبات لتكون رادعة، وبما يرتقي إلى السجن المؤبد، أو الإعدام في حال التكرار، وارتكاب جرائم بشعة.