عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Mar-2024

هل يسبب اضطراب النوم سلوكيات عنيفة بأوقات النهار؟

 الغد-تغريد السعايدة

 تخيم حالة من الهدوء "المفرط" على ختام عبدالله خلال تواجدها في العمل مع زملائها، وتقتصر أحاديثها على جمل قصيرة معدودة. تبرّر ختام ذلك بشعورها الدائم بالنعاس والتعب والإرهاق وغياب التركيز، بعد أن قضت الليلة السابقة مستيقظة حتى مطلع الفجر، وذلك منذ حلول شهر رمضان المبارك.
 
 
تقول ختام، موظفة في القطاع الحكومي، إنها اعتادت، هي وكل عائلتها، على السهر طيلة أيام شهر رمضان المبارك منذ سنوات، إما للزيارات الاجتماعية، أو في تأدية العبادات وقيام الليل والصلاة وقراءة القرآن، ومن ثم تناول السحور وانتظار صلاة الفجر.
 
بيد أنّ هذه الحال لدى نسبة كبيرة من الصائمين، ومن مختلف الأعمار، في نظام النوم، حيث تنعكس تلك الأجواء على حال الأشخاص في اليوم التالي، وخاصة فئة "العاملين" الذين يضطرون للخروج صباحاً للعمل، ويعانون مما بات يُسمى "اضطراب النوم"، الذي يتبعه العديد من المشاكل الجسدية والصحية والنفسية ودرجة عالية من العصبية وأحيانا سلوكيات عدوانية.  
وهذا ما يحدث بالفعل لحالة ختام خلال يومها، الذي لا يتوقف حتى ساعات ما قبل الفجر، ثم لا تكاد تأوي للنوم لساعة أو أكثر قليلاً حتى تعاود الاستيقاظ مجدداً لتجهيز الأطفال للتوجه للمدرسة، ومن ثم الانطلاق للعمل، وهكذا حتى ينقضي اليوم بشكل متواصل. وهذه حال نسبة كبيرة من الأمهات اللواتي اعتدن على هذه الحال منذ سنوات.
وكما هو الحال لربات البيوت أو العاملات، فإن نسبة جيدة من الرجال كذلك يتعمدون السهر لساعات طويلة في رمضان، لإقامة الصلاة وقراءة القرآن، والسحور. وعلى الرغم من عدم التزامهم بمتطلبات عمل البيت، كما ربات البيوت، إلا أنهم يعانون في ذات الوقت من اضطراب النوم خلال شهر رمضان، والذي ينعكس على مزاجهم العام وأدائهم الوظيفي، وحتى التعامل مع الآخرين.
ووفق دراسات علمية نفسية، عرف علماء اضطراب النوم على أنه "إضطراب عقلي لأنماط نوم الإنسان، وقد تكون اضطرابات النوم خطيرة لدرجة أنها تتعارض مع الوظائف الحيوية، والاجتماعية، والعاطفية للشخص، في حال ازداد الأمر عن الحد المعقول لتحمل الشخص.
فيما أشارت دراسة حديثة نشرتها المجلة الطبية للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، أن "الأشخاص الذين يعانون من النوم المتقطع في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، هم أكثر عرضة بمرتين للإصابة بمشاكل في الذاكرة والتفكير، بعد مرور عقد من الزمن، مع الإشارة إلى أن الدراسة أكدت انه من المُفترض أن ينام الشخص ما بين 7 و10 ساعات كل ليلة، ويختلف معدل ساعات النوم تبعًا للعمر.
وعلى الرغم من أن اضطراب النوم في رمضان لا يرقى إلى أن يكون "حالة مرضية مزمنة"، إلا أن آثاره تبدو واضحة على الشخص الذي يعاني من عدم ترتيب ساعات نومه واستحقاق الجسم للراحة، خاصة أن ذلك يترافق مع الصيام، والانقطاع عن الطعام والشراب الذي يمد الجسم بالطاقة في الايام المعتادة.
وما ان ينقضي يومان أو أكثر على حلول شهر رمضان المبارك، إلا ويكثر الحديث عن الشعور الدائم بالنعاس وما يرافقه من أعراض أخرى، بعد أن تتحول مختلف النشاطات الاجتماعية من النهار إلى الليل، وتصبح السمة العامة في المجتمع هو الحديث عن "التعب، النعاس، العصبية، العدوانية، وردود الأفعال المصاحبة لذلك في الشوارع أو البيوت". بل إن البعض قد يُصاب بأمراض قد تضطره للتوجه للطبيب.
وبما أن اضطراب النوم يعد إحدى الاضطرابات النفسية اليومية التي قد يشعر بها الإنسان، حتى وإن كانت مؤقتة؛ يرى الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة أن هذا الاضطراب ما هو إلا نتيجة للتغير في تفاصيل اليوم التي تحدث في رمضان للأفراد والعائلات، خاصة فيما يتعلق بالسهر لساعات طويلة من الليل قد تصل إلى ساعات الفجر.
هذا الأمر يؤدي إلى تغيير في مستوى وتنظيم هرمونات الجسم بشكل عام، وفق مطارنة، لأن هرمونات الميلاتونين المسؤولة عن عملية النوم في الجسم، يرتبط إفرازها في المخ بحسب مواعيد النوم المعتادة، إذ تكون مرتفعة في الليل ومنخفضة خلال ساعات النهار. ونرى أن العديد من الأشخاص يستبدلون نومهم بالنهار بدل الليل في رمضان، وهذا له آثار على يوم الإنسان وطاقته وعطائه ونشاطه بشكل عام.
هذا الأمر يؤدي إلى تغيير في مستوى وتنظيم هرمونات الجسم بشكل عام، وفق مطارنة، لأن هرمونات الميلاتونين المسؤولة عن عملية النوم في الجسم، يرتبط إفرازها في المخ بحسب مواعيد النوم المعتادة، إذ تكون مرتفعة في الليل ومنخفضة خلال ساعات النهار. ونرى أن العديد من الأشخاص يستبدلون نومهم في النهار بدل الليل في رمضان، وهذا له آثار على يوم الإنسان وطاقته وعطائه ونشاطه بشكل عام.
عدا عن ذلك، يعتقد مطارنة أن التخمة في الطعام التي اعتاد عليها البعض خلال ساعات الإفطار والسحور، قد تؤدي إلى شرب كثير من السوائل ما قبل النوم، وهذا يؤدي إلى اضطرابات في النوم. كما يوضح مطارنة أن الشعور بالحاجة إلى النوم عادةً ما يأتي بشكل مفاجئ، وبالتالي يؤثر على النظام العام وعلى الساعة البيولوجية للجسم، بالتالي غياب الحصول على نوم هانئ ومريح، فيما لا يقل عن ثلاثة ليالي أسبوعيًا، وحتى أربعة تقريبًا، وهو ما يحدث للصائمين في رمضان.
هذه الأمور جميعها تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار، وظهور مجموعة من الأعراض التي تؤثر على النفسية والأداء اليومي، كما يبين مطارنة، ومنها عدم التركيز والإرهاق النفسي والذهني، وقد يصدر عنها سلوكيات مختلفة، كما في العصبية الزائدة وعدم القدرة على الثبات والحديث بشكل متواصل، ما يؤثر على نمط التفكير والإنتاج على حد سواء.
وبناءً على ذلك، قد تصاب نسبة كبيرة من الناس بما يُسمى بـ"متلازمة تأخر مرحلة النوم"، والاستيقاظ ليلاً بدلا من النهار، وهنا تظهر تلك الأعراض التي تم ذكرها، وقد تتطور إلى حال أصعب يوماً بعد يوم، وفي الليل عادةً ما يتم إطفاء الأنوار والخلود للنوم، ولكن في حال الاستيقاظ يتم تفعيل الإنارة وكأنها ساعات النهار، ويُحدث تغيرات هرمونية للجسم، لذا على الإنسان أن يهيئ نفسه لرمضان وتحديد ساعات النوم المناسبة له.
ينصح مطارنة بأهمية تقسيم ساعات الليل وتخصيص جزء كافٍ منها للنوم، وعدم قضاء جميع ساعات الليل في السهر، فهذا السهر يؤثر على الجسم وهرموناته، وقد يستمر تأثيره بعد انتهاء رمضان إن استمر الوضع لأيام طويلة، ولذلك، يجب على الإنسان ادارة وقته جيدا، مع العلم أن الجسم يحتاج إلى وقت للتكيف مع تنظيم النوم بعد رمضان.