عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Sep-2024

نحن بحاجة لوزارة لمكافحة مغالطات السوشال ميديا*د. أسامة أبو الرب

 الراي 

هناك تهديد كبير يضرب الشباب الأردني وهو المفاهيم الخاطئة حول الصحة والحياة والمال والسياسة، والتي يتم ضخها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
 
يبدأ الأمر بالمغالطات المتعلقة بالصحة، مثل مغالطة أن السجائر الإلكترونية ليست مضرة، وأنها تساعد على الإقلاع عن التدخين، ورسم صورة غير حقيقية للجمال تسعى الفتيات للوصول إليها، عبر حقن البوتوكس والفيلر، والريجيمات القاسية والخلطات العشبية.
 
نأتي إلى المال، وهنا لدينا مغالطات وأوهام حول الربح السريع والحصول على «مليون دولار في دقيقة»، وهذا يجعل الكثير من الشباب الأردني كسولا وغير منتج، فالثراء هو في أن تكون مشهورا على التيك توك، والحياة السهلة ستعطيك آلاف الدنانير دون أن مجهود يذكر.
 
خزعبلات الثراء السريع ترى أثرها في الكثير من المشاريع التي يبدؤها الشباب الأردني، فهو يبدأ مقهى أو مطعم أو متجر، ويمر في أحد مسارين: الأول أن يفشل منذ البداية ويضطر لإغلاق المشروع بعد ان دفع عشرات الآلاف من الدنانير أخذها من عائلته أو اقترضها من البنك.
 
أما المسار الثاني فهو أن ينجح المشروع قليلا، وأن يغطي مصاريفه أو أكثر، وعندها يصاب الشاب بالغرور، ويحسب نفسه ستيف جوبز، لينعكس ذلك في تعامله مع الزبائن، الذي يتصرف معهم وهو «محملهم جميلة» أنه يبيع لهم الخدمة، ثم يتبع ذلك انخفاض في جودة الخدمة او المنتج الذي يقدمه، وخلال عامين ينفض عنه الزبائن ليفلس مشروعه.
 
يجب أن نعترف: الكثير من الشباب الأردني لا يريد أن يعمل، وهو يريد وظيفة بدوام ساعتين وبراتب خمسة آلاف دينار. وهذا من ثمار الرسائل المشوهة التي تصلهم على السوشال ميديا.
 
عندما تجد الكثيرين من الشباب الأردني ينظر إلى أندرو تيت كقدوة، الذي يدعو لكراهية النساء، فلا غرابة من عدم قدرتهم على إنشاء أسرة، ومعاملة الزوجة باحترام. وهنا لا ننسى العنف المجتمعي الذي تغذيه الخزعبلات حول الرجل «القبضاي» و"زغردية باب الحارة» الذي لا ينحني ويدخل في شجار من أجل أتفه الأسباب!
 
هذه المفاهيم لم تكن لدينا قبل 30 عاما، وكنا كشباب، نعمل 16 ساعة يوميا ما بين الدراسة والوظيفة، وكثير منا -والعبد الفقير منهم- تابع دراساته العليا وهو يعمل ليدفع مصاريف الجامعة، وينفق على أسرته وأبنائه.
 
أما خزعبلات السياسة التي تصل الشباب الأردني من السوشال ميديا فحدث ولا حرج عن نظريات المؤامرة التي تنتشر في التيك توك واليوتيوب حول الكائنات الفضائية التي تدير حكومة الولايات المتحدة، والتي تسكت كل من يقول إن الأرض مسطحة، وهي تتحكم في حكومات الكوكب!
 
أمام رئيس الوزراء المكلف الدكتور جعفر حسان مهام كبيرة، في الرأس منها الاقتصاد. ولكن هذا يحتاج لتغيير عقول الشباب الأردني وتنظيفها من خزعبلات العنف والبلطجة واوهام الربح السريع، وهذا سيحتاج إنشاء وزارة لمحاربة مغالطات السوشال ميديا.
 
إذا فسدت عقول الشباب انهار اقتصاد الوطن، والسوشال ميديا هي مخدرات الكثير من الشباب الأردني، وإذا لم نحاربها سيدفع شبابنا ووطننا الثمن غاليا.