عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Sep-2022

جاهة وعزاء وجلوة*د. هزاع عبد العزيز المجالي

 الراي 

في العرف الاجتماعي الجاهة نوعان: اما لفرح واما ترح فالأولى تكون بالأفراح عندما يرغب أحد الاشخاص بالتقدم لطلب أحد الفتيات، فيدعو للمناسبة مجموعة من الأقارب والمعارف والأصدقاء قاصدين بيت العروس، وبالعادة يحرص أصحاب الدعوة اختيار المدعوين ممن لهم مكانة اجتماعية أو سياسية، أما تعبيرا عن مكانة العائلة أو تقديراً للعائلة المستقبلة.
 
أما النوع الثاني من الجاهات فتكون بالأتراح بمختلف مسمياتها وأشكالها، اعتداء دهس مشاجرات خلافات. وجميعها في النهاية يتم حلها اما بالطرق الودية أو من خلال اللجوء الى القضاء، باستثناء جرائم القتل التي وأن كانت تصب في النهاية في القضاء، لكنها ترتبط بتقاليد وعادات عشائرية حيث يقوم أهل الجاني بتكليف شيوخ العشائر و الوجهاء كوسيط لحقن الدم وكنوع من التكريم لعشيرة المجنى عليه ولضمان قبول العطوة (الأمنية والاعتراف)، ويتم ذلك بعد الاستماع لمطالب أهل المجني عليه، يتبعها في حالة القبول توقيع صك (عطوة) واعتراف وفقاً للشروط المتفق عليها.
 
وبطبيعة الحال هذه الاجراءات العشائرية ليست بديلة ولا تؤثر في سير الاجراءات القضائية، إلا في حدود التنازل عن الحق الشخصي، وإذا ما قبلنا ذلك لكونها عادات حميدة، تهدي النفوس وتساعد على تهدئة الناس، ولكنني اتساءل ويتساءل معي الكثيرون، إلى متى نقبل إصرار البعض على فرض شروط مجحفة، لا يقبلها العقل والمنطق، فهل يعقل ونحن في القرن الواحد والعشرين وبدولة القانون والقضاء أن يحاسب أهل الفاعل بالترحيل من بيوتهم وأعمالهم (الجلوة) فقط لصلة قرابة الدم فقط، وما يترتب عن ذلك من معاناة وخوف وتكاليف مادية لا يستطيع أحد أن يتحملها.
 
وهل يعقل أن يقوم بعض ضعفاء الانفس من عشيرة المقتول بالاعتداء على ممتلاكاتهم وحرق منازلهم ومركباتهم، دون ذنب ارتكبوه، فهل شاور القاتل أهله قبل القيام بفعلته؟!!، فهذه شروط مجحفة ومخالفة للدين لقوله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، ومخالفة للدستور والقوانين التي ضمنت لكل مواطن أردني حق المسكن والتنقل والأمن.
 
نعلم أن وزير الداخلية الحالي مازن الفراية وبتوجيهات ملكية قد بذل جهداً كبيراً في هذا المضمار، باصدار وثيقة عشائرية لضبط (الجلوة)، واقتصارها على والد وأبناء القاتل فقط واستطاع بجهود مضنية، حل العديد من القضايا السابقة واعادة الكثير من العائلات الى بيوتها وأعمالها. ولكن مازال هناك المئات من العائلات المشردة التي تعاني من تبعات الجلوة. فإذا كانت الجلوة مقبلوة قديماً، عندما كانت الناس تسكن في بيوت الشعر أو المنازل البسيطة في الأرياف والقرى، فلم تعد مقبولة في زماننا هذا، فهي عقاب جماعي لا يقبله العقل والمنطق.
 
في النهاية أختم في موضوع آخر ليس بعيدا عن ذلك يتعلق بعادات وتقاليد بيوت العزاء التي أصبحت تثقل كاهل أهل المتوفي بسبب كلفة الطعام الذي يقدم للمعزين، فكما يقال اصبحت بيوت العزاء (موت وخراب ديار)، فهناك من يستدين لتغطية التكاليف، فلقد آن الأوان لعقد اجتماع عشائري ترعاه الدولة يضم كافة أطياف وعشائر الأردن، للاتفاق على وثيقة تحدد أو تلغي الجلوة وتلغي تقديم الموائد في بيوت العزاء. وبالنهاية نحن نحتكم للقانون والعادات والتقاليد الحميدة حمى الله الأردن من كل مكروه..