عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Apr-2019

بعد الصدمات.. التصالح مع الواقع أولی خطوات العلاج

 

دیمة محبوبة
عمان–الغد-  مصاعب الحیاة والأزمات التي یعیشھا الفرد ھي التي تحدد ھویتھ وحاضره ومستقبلھ،
فأحیانا یسمع بأن فلانا طحنتھ الحیاة لكن عوده اشتد وبات شخصا مھما في مجال عملھ، أو قصة
نجاح وإلھام للكثیرین من الناس.
وأحیانا یجعل الشخص من ھم حولھ أداة استناد ودعامات تقویة على أزمات الحیاة والحوادث التي
من الممكن أن یتعرض إلیھا.
وھذا ما حدث مع طارق المھاني، وھو أب لطفلین (یاسین وإلیاس)، یعمل الیوم كاتب محتوى ومترجما، كان یعمل خارج البلاد، وبعد عودتھ بأقل من شھر تعرض لحادث سیر مؤسف، نتج عنھ
إصابات بلیغة وكسور في كلتا رجلیھ ویده الیمنى والوجھ، وكانت تقاریره الطبیة الأولیة تفید بحصول إصابة تفضي إلى شلل نصفي.
تلك الصدمة الكبیرة لحالتھ الصحیة تلقاھا طارق بصمت عمیق؛ إذ كان یعیش ألمھ وحزنھ وضعفھ
بینھ وبین نفسھ، وكان حملھ ثقیلا، فالتفكیر بولدیھ وما مصیرھما یؤرقھ دائما فھو أب وأم في الوقت
ذاتھ منذ انفصالھ عن زوجتھ أم ولدیھ.
ویكمل طارق ”لم أحصر نفسي في ھذه الفترة لزمن طویل، كان علي أن أكون قویا فھناك من ھم
في حاجتي، وما یزال العمر شابا على ھذا العجز، خصوصا بعد أن جاءت التقاریر الطبیة الأخرى تفضي بأني أستطیع الوقوف مجددا، ولكن بنسبة عجز ستحددھا الأیام المقبلة“.
ویستذكر أن أكثر ما كان مؤرقا لھ ھو حمل طفلیھ الثقیل، وبعد أن أعاد التفكیر ملیا بكل ما حدث معھ والخسارات التي تعرض لھا، وأھمھا صحتھ وقوتھ البدنیة في حینھا، أیقن أن ولدیھ باتا مصدر القوة والدافع للتعافي بأفضل حال.
وبدأت رحلة علاجھ الصعبة والطویلة والمرھقة، والتي ترفع تارة من معنویاتھ وتارة تضرب بھ الأرض، على حد وصفھ.
وأحیانا حتى یجعل لنفسھ مساحة ووقتا للدعم النفسي، وھروبا مما یحدث حولھ كان یھرب إلى فیدیوھات تشجیعیة أو مقالات تحث الفرد على التفكیر الإیجابي والتغلب على صعوبات وأزمات الحیاة.
ویكمل ”في حالتي؛ لم یكن الیأس خیارا مطروحا، فكان الحل في التعافي السریع والعودة بأسرع ما
استطعت إلى حیاتي الطبیعیة، وبالفعل ألغیت خیار الیأس والألم، والتصالح مع الواقع، وھي الخطوة الأولى لمشوار العودة“.
طارق الیوم یمشي ویستطیع أن یحمل أغراضھ ویقضي احتیاجاتھ وعملھ وحتى عاد إلى قیادة مركبتھ.
ویؤكد ”لم تكن تجربة سھلة كما تتم قراءتھا، بل كانت مرحلة تحد واختیارات، فإما الاستسلام أو
المواجھة“، وینھي تجربتھ بمقولة ”أكبر المعارك تأتي لأقوى المحاربین“.
ویؤكد اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، أن الحوادث أو العوارض الصحیة تحمل الكثیر من الآلام، أھمھا الألم النفسي المتمثل بالعجز وعدم القدرة على القیام بأبسط الأمور الیومیة، وھنا
تكمن المعاناة.
لكن على الشخص أن یجد بصیص الأمل الذي یحرك ویغیر ھذا العجز والألم إلى دفعة تفاؤل وارتباط بالعلاج الذي یحل كل ما ھو سلبي ویغیر الحال للأفضل، وفق مطارنة.
ویضیف ”ویمكن أن یكون الھروب من خلال استخدام حوافز نفسیة كالقراءة المؤثرة لروایات وأبطال غیروا حیاتھم من الأسوا إلى الأفضل، وھناك الكثیر من الشخصیات العالمیة یمكن الحدیث عنھا، وكذلك من خلال مشاھدة قصص مصورة تغلبت على مآسي حیاتھا وجعلت من الظلام نورا، وغیرت تفكیرھا لإیجابیة عالیة“. فالتصالح مع الواقع یعد أولى خطوات العلاج والتغییر للأفضل.
أما اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جریبیع، فیؤكد أن الحیاة تعلم الناس وتخرجھم من قوقعتھم
أو حتى من غرفتھم الخاصة التي رسموھا ووضعوا أنفسھم فیھا، فالأزمات والحوادث رغم صعابھا
وألمھا وحتى المصائب التي تضع الشخص فیھا، إلا أنھا تعد بمثابة معلم جید للفرد.
ویلفت إلى أن العالم المتطور وتجدد التخصصات والوظائف یجعلان الفرد یجد مخرجا جدیدا في حیاتھ حسب الظرف السیئ الذي تعرض إلیھ.
وللخروج مما أصابھ، یمكن أن یقوم الفرد بمشاركة قصصھ مع أناس یحملون قصصا مشابھة، ما یجعلھ یستمع لتجاربھم وفشلھم ونھوضھم ویتعلم منھم فیكونون لھ العزم والقوة.
ویوضح أن من الحلول وجود أصدقاء حقیقیین، فلا ینكرھم وینكر وجودھم، بل یشاطرھم بما یشعر، ویسمح لھم بأن یكونوا معھ وبالقرب منھ فیسمعون غضبھ ویشاطرونھ حزنھ ویفرحون لنجاحھ ویشجعونھ للأفضل.
وینصح مطارنة من عانى من مشكلات حقیقیة وأزمات أو حوادث أو حتى صدمات الموت والفراق ویعاني من إجھاد الحزن ولشدة الألم والحزن، أنھ لا ضیر من الذھاب لمختص في المشاكل النفسیة، وتعدیل السلوك للحدیث عن المشكلات الحقیقیة والمشاعر التي تعرض لھا، ویطلب المساعدة الحقیقیة.
ویلفت ”إذ یوصي الطبیب بتناول جرعات دوائیة وبشكل خاص مضادات الاكتئاب والاستخدام المحدود لأدویة تساعد على النوم المریح في اللیل. وقد یحتاج الإنسان إلى دعم جماعة إسناد للتخلص من الأسى. ویفضل استشارة الطبیب إذا كان الفرد یمیل لاستخدام الأدویة المھدئة بصورة مفرطة“.
ویعرف مطارنة أن الأزمات والمصائب أمر عرضي یؤثر على جوانب الحیاة المختلفة، السلوكیة
والاجتماعیة والوجدانیة، یؤدى إلى فقدان الشعور بالسعادة وبالتالي یشل دوره الاجتماعي والوظیفي
في الحیاة.