معتصم الرقاد
عمان-الغد- في وسط منطقة المحطة القديمة تظهر إحدى الدكاكين القديمة المتخصصة ببيع العطارة والأدوات القديمة، حيث يجلس خلف سدتها ابن ورث المهنة عن ابيه المتوفي وهو منير النشواتي.
يقول منير إن هذا السوق مركز المدينة، كل ما يحتاجه المواطن يجده فيه والناس تجمعهم المحبة والألفة ويتعاملون مع بعض بصدق وثقة، إذ يعد من أقدم الدكاكين في السوق الذي اسسه والده عن جده العام 1952 وعمل في بيع العطارة والمواد الغذائية والبقوليات، إضافة إلى بعض مستلزمات الدكاكين القديمة التي تجد فيها كل شيء يحتاجه المواطن.
عند الدخول لمحل العطارة الذي حمل اسم الجد “أبو نعيم النشواتي” كنية لاسم العائلة، تستقبل الزائر روائح زكية منبعثة من التوابل الشرقية “البهارات”، ثم يقع النظر على أكوام هائلة من الأعشاب الطبيعية بأنواعها، لينتابه فضول بمعرفة خصائص كل عشبة في عالم الطبيعة.
ويشير منير إلى أن اللافت في مهنة “العطارة” انها من المهن القديمة التي ما زالت حاضرة الى يومنا هذا، يتوارثها الأجيال من الآباء والأجداد، فهي الملاذ لكثير من الناس الذين يلجؤون للعطارة باعتبارها خالية من المواد الكيميائية.
ويبين الابن منير (56 عاما) بأن مهنة العطارة قديمة، حيث يذكر والده بأنه كان دواج “يبيع” الأعشاب عن طريق حملها على دابته ويدور بها بين الناس.
ويقول العطار منير الذي يعمل في هذا المجال منذ أن كان طفلا أن “ما حفزني للعمل في هذه المهنة هو أن والدتي كانت على اطلاع واسع بالأعشاب واهميتها، لذلك أكملت ما بدأ فيه والدي في محل العطارة”.
وحول اهتمام الزبائن في العطارة ومشتقاتها يؤكد منير أن “هناك اقبالا على الأعشاب الطبية كبديل عن الأدوية لما لديها من فعالية كبيرة في علاج كثير من الأمراض، بالإضافة إلى رخص ثمنها”. ويؤكد ان العطار ليس طبيبا وانما لديه خبرة بالأعشاب الطبيعية.
ويقول النشواتي الحفيد إن “العطارة ليست بديلا عن الدواء ولابد من مراجعة الطبيب عند الشعور بالمرض او التعب”، وبالرغم من ان هناك نتائج مذهلة لفعالية الأعشاب وأهميتها لصحة الإنسان الا ان ذلك ليس مبررا للاعتماد عليها في التداوي او العلاج.
ويضيف أن مهنة العطارة مهنة ما زالت حاضرة وبقوة رغم تقدم علم الصيدلة والطب لذلك لا بد لمن يعمل بهذا المهنة ان يكون صاحب علم ودراية وخبرة ويخضع لضوابط ومعايير علمية وان يطلع باستمرار على الأبحاث العلمية المتخصصة بعلم الأعشاب الحديث حفاظا على سلامة وصحة الناس.
اللافت ان النساء هن أكثر مرتادي محلات العطارة، لرغبتهن الدائمة بشراء المستحضرات التجميلية الطبيعية لعلاج البشرة وتساقط الشعر الذي يشكل هاجسا لاغلبهن.
ويشجعهن على ذلك ان هذه الاعشاب تخلو من المستحضرات الكيميائية، بالإضافة إلى أن أسعارها زهيدة الثمن مقابل المستحضرات الطبية المصنعة.
وتتعدد أسباب ارتياد محلات العطارة، فإحداهن تشتري خلطة عشبية لترطيب البشرة، بالإضافة إلى التوابل والبهارات الهندية لوضعها على الطعام كفاتح للشهية. واخر يشتري “البابونج” باعتباره سيد الاعشاب منذ قديم الزمان على حد قوله إذ يشتريه لتعقيم الجهاز التنفسي والهضمي.
وما بين القديم والحديث في العلاج، يبقى الصراع قائما فمن الأطباء من يقر ببعض ما يشاع عن الاعشاب، بينما يعتبره الآخر طريقة شعبية تحمل معها الكثير من المخاطر ويجب الإقلاع عنه، ومع ذلك فإن هذا الباب من التداوي بالأعشاب يبقى موجودا في الواقع وله رواده من المتعلمين والعامة.