عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Feb-2021

حكومة البلطيق و الخامس الابتدائي "ب"*احمد حياصات

 عمون

قرأت مؤخراً تصريحاً لوزير المال في إحدى دول البلطيق يقول فيه (إنَّ تخفيض عجز الموازنة بشكل آني سيترتب عليه تضحيات واسعة، فإمّا أن يتم رفع الضرائب والرسوم، أو التوقف عن الوفاء بالالتزامات الحكومية الداخلية والخارجية). وذكرني هذا التصريح بطالب في "الخامس الابتدائي ب" ، فقد سألتُه ذات مرة: كيف تــحلُ مشكلة عجز الدخل و الايرادات في موازنة أي مشروع اقتصادي، فاقترح الطالب (بالرغم من أنه لم يذهب إلى أفضل كليات الاقتصاد والمال في العالم كما فعل وزراء الفريق الاقتصادي في تلك الدولة البلطيقية و حصلوا منها على أعلى الدرجات)، اقترح الطالب رفع الأسعار، و هو إجراء صحيح لمن يبيع خساً على قارعة الطريق أو يعمل في ملحمة أو يدير صالون حلاقة لكنه ليس صحيحاً لمن يدير اقتصاد وطنٍ وشعب.
 
يذهب الباحثون الاقتصاديون وطلبة الاقتصاد إلى أفضل الجامعات العالمية في مجال الاقتصاد مثل هارفارد و كولومبيا وبرينستون وغيرها ليتعلموا فيها ومنها كيف يكونوا مبدعين في تعاملهم مع القضايا الاقتصادية المختلفة والصعبة، لا لكي يعودوا ويقترحوا حل مشاكل بلاد البلطيق برفع الأسعار والضرائب أو التوقف عن دفع الإلتزامات الحكومية، وهي ما يعرفه ويتقنه ببراعة صاحب الملحمة وحلاق الشعر، وقطعاً طالب الخامس الابتدائي أيضاً.
 
أسأل نفسي بصدق، ماذا حققت دراسة الاقتصاد في جامعة مثل هارفارد لوزير يدير مال الوطن وماذا حققت دراسة الاقتصاد في جامعة مثل كولومبيا لآخر يدير اقتصاد وطن، وماذا حققت دراسة المال والاستثمار لثالث يشارك في ما سبق، وماذا وماذا وماذا. ويمتد السؤال نفسه: هل تلك الدولة البلطيقية دولة عصية على ايجاد الحلول المناسبة اقتصادياً ومالياً، أم أن هؤلاء وغيرهم لا يضعون يدهم على الجرح الحقيقي رغم تمام علمهم أنهم وأسلافهم يقومون بتقطيع الوقت، فكما تَلَقوا هذه المعضلة ممن سبقهم بخرقٍ واسع، فهم يقومون بتقطيع الوقت أيضاً لتنتقل المعضلة إلى حضن غيرهم في حكومة لاحقة وبخرقٍ أوسع، دون أن يجرؤ أيٌ من كل هؤلاء (سابقهم وحاضرهم وربما مُقبلهم) على معالجة المسألة جذرياً دون مواربة. فبدلاً من محاولة رتق الفتق الذي يحدثه العث، وجب على هؤلاء أن يحاربوا العث نفسه والّا يوهموا الناس (علماً أو جهلاً) أن الخرق يضيق كلما هم رتقوه، وهم يعلمون علم اليقين أنهم ما كانوا ليصلحوا والعث يسبقهم أكلاً وفتقاً.
 
حمى الله بلادنا من عث بلد البلطيق.