عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Sep-2019

الموس المزروط في إضراب المعلمين* رمزي الغزوي
الدستور - 
يقلل واحد من أولياء الأمور من أهمية دخول إضراب المعلمين أسبوعه الثاني بقوله لأولاده: (طموا) في فراشكم، واعتبروها ثلجة من ثلجات آذار الكبار. فيما يرد واحد من الداعمين للإضراب على تذمر المتذمرين منه: معلش لو عطل إبنك (أديسون) كمان أسبوع.
لا أريد أن أحلل فحوى هذين القولين الساخرين الخطيرين، ولا أريد أن أقيس كمية الألم الناجمة عن ذلك التحليل. ولكني أستشعر أننا كمجتمع لم نعد نهتم كثيرا بأمر عطلة أولادنا ودوامهم. مع أن كل دقيقة نخسرها في معركة العلم، لا يمكن أن تعوض في حال من الأحوال. نحن نخسر زمناً، والزمن لا يعوض.
تأكيدا لهذا الشعور المفجع، فلم ينبر أي تيار شعبي ضاغط يجبر الطرفين على الركون إلى التفاوض والحوار؛ كي لا يطول أمد الأزمة وتستحكم شدائدها. لم يظهر حراك مجتمعي حقيقي عقلاني مبني على المصلحة الوطنية يقول للطرفين: كفاكما تعنتا وعنادا. نحن حطب هذه المحرقة.
لكن الظاهر من هذه الازمة أن الطرفين يراهنان على عنصر الزمن. بحجة أنه قد يكون فيصلا في الحسم، من خلال الصبر، والثبات على المواقف والتمترس عليها. وينسى الطرفان، أن القضية باتت مرشحة للإصابة بالخمج، وأن تتفاقم دائرة حريقها لتحمل ما لا يحتمل. 
بعض المراقبين يرون أن النقابة والوزارة بات كل منهما مثل (زراط الموس). أي مثل من ابتلع شفرة حلاقة، ووقفت في بلعومه، فصارت كل خياراته مؤلمة موجعة. سواء أخرجها أم بلعها، أي أن هناك ثمناً لا بد منه دفعه.  
المسألة ليست مكاسرة ولا مغالبة. نحن في قارب واحد. ولكن لا أحد يتذكر هذا القارب المرتجف في بحر متلاطم. نحن نخسر كل يوم يقضيه أبناؤنا بلا علم، ومعلمونا بلا عمل. عدا أن فضاءنا بات ميدانا للمناوشات والحروب الكلامية، ومدفعا لإطلاق خطاب الكراهية والمساجلات التي لن نجني منها إلا الاحتقانات والدماء الفاسدة تحت الجلد.
الموس العالق في حنجرة الوزراة، أن هذا هو الإضراب التاسع الذي تنفذه النقابة. ولا أحد يستطيع أن يتكهن أو يتخيل، فيما لو أنها حصلت على مطلبها بهذا الفعل اللاوي للذراع، أن لا يصبح هذا نهجا تتبناه في كل قضية ومطلب.
لكن، بعيداً عن كل هذه الحسابات أو التخمينات أو التخوفات. ربما آن أن نتذكر أن من مساوئ الموس المزروط، ليس فقط إن أخرجته يجرح، أو إن بلعته يسطح. بل إن أبقيته خنق وقتل وقطع حبل الوريد.