عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Nov-2021

بالنيابة عن الدولة: المستوطنون يستولون على أراضي الضفة بالعنف

 الغد-تقرير خاص – (منظمة “بتسيلم”) 2021/11/14

 
على خلفيّة موجة عُنف المستوطنين في موسم قطاف الزيتون، نشرت منظمة “بتسيلم” لحقوق الإنسان تقريراً يُظهر أنّ عُنف المستوطنين يندرج ضمن عُنف الدّولة، وأن إسرائيل تستخدمه من أجل الاستيلاء على مزيد من الأراضي في الضفة الغربيّة.
* * *
عنف المستوطنين في خدمة مصالح الدولة
استولت إسرائيل على أكثر من 28.000 دونم من الأراضي الزراعيّة والمراعي التي درجت تجمّعات فلسطينيّة على استخدامها منذ أجيال بواسطة عُنف المستوطنين. وكان هذا ما أظهره تقرير “بتسيلم” الذي نُشر في 14 تشرين الثاني (نوفمبر). وتناول تقرير بتسيلم خمس مناطق: في تلال جنوب الخليل استولى مستوطنون من “حفات معون” و”حفات يسّخار” على 2.640 دونماً؛ وقرب خربة زنوتة المجاورة استولى مستوطنون من ثلاث مستوطنات زراعيّة على 5.050 دونماً؛ وفي منطقة مستوطنة “حلميش” استولى مستوطنون على 3.171 دونماً؛ كما استولى مستوطنون من “حفات جلعاد” على 2.576 دونماً؛ وفي الأغوار الشماليّة استولى مستوطنون من “المزرعة الاستيطانيّة أم زوكا” على 14.979 دونماً. وفي المناطق الخمس التي تناولها التقرير، تبلغ مجمل مساحة الأراضي التي مُنع الفلسطينيّون من الوصول إليها بفعل عُنف المستوطنين -بالوكالة عن الدّولة- 28.416 دونماً، وهي مساحة تفوق مسطّح نفوذ المدُن “رمات غان” و”بات يام” و”حولون” معاً.
عنف المستوطنين هو عنف دولة
منذ تأسيسها، وثّقت منظمة “بتسيلم” هجمات يوميّة يشنّها مستوطنون. ولو كانت إسرائيل معنيّة بمنع هذا العُنف لفعلت ذلك بحكم أنّها الجهة المسيطرة في المنطقة، غير أنّ حكومات إسرائيل المتعاقبة ارتأت عوضاً عن ذلك تسخير عُنف المستوطنين وإدراجه كأداة ضمن سياسة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة بهدف نقلها إلى أيدي اليهود. وكجزء من السّياسة التي تتّبعها منذ سنين، تدعم إسرائيل المستوطنين الذين ينهبون الأراضي بالعُنف وتوفّر لهُم الحماية والتمويل.
وتسمح إسرائيل للمستوطنين بالمكوث داخل أراضٍ نُهبت من فلسطينيّين بالعُنف وتيسّر مكوثهم فيها. ولأجل ذلك تموّل الدّولة الحراسة المطلوبة لهُم وتشقّ لهُم الشوارع والطرق وتربطهم بشبكات المياه والكهرباء وتدعم عبر وزاراتها المختلفة المشاريع الاقتصاديّة التي أقيمت لأجلهم. وفي موازاة ذلك تُتيح لهُم الدولة شنّ هجمات عنيفة ضدّ الفلسطينيّين -بل وتدعمهُم في تنفيذها: حيث يمتنع الجيش عن التصادُم مع المستوطنين الذين يُلحقون الأذى بالفلسطينيّين ولا يمنع اعتداءاتهم، حتى أنّ جنوده أنفسهم يشاركون فيها؛ ثم يمتنع جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي لاحقاً عن إنفاذ القانون بحقّ المستوطنين الذين ألحقوا الأذى بفلسطينيّين.
كانت النتيجة التي توصّلت إليها “بتسيلم” في التقرير الجديد هي أنّ أحداث العُنف التي ينخرط فيها مستوطنون ليست مبادرات فرديّة، وإنّما هي عُنف دولة وأنّه عُنف يسخّر كأداة إضافيّة -رسميّة بدرجة أقلّ- في”صندوق العدّة” الإسرائيليّ المخصّص لتجريد الفلسطينيّين من أراضيهم. وليس من شأن التظاهُر بأنّ هؤلاء هم بعض “النماذج العشوائية” فقط، والقول إنّ هؤلاء “شبيبة التلال”، وكأنّ جهاز إنفاذ القانون يُعالج أعمال العُنف هذه على الوجه الأمثل، سوى أن يُتيح لإسرائيل الرقص على الحبلين: أن تُبقي لنفسها ما أمكنها من متّسع للإنكار من جهة، وأن تحقّق هدف الاستيلاء على أراضٍ في الضفة الغربيّة كنتيجة لعُنف المستوطنين أيضاً.
إن عُنف الدّولة -الرسميّ وغير الرسميّ- هو جزءٌ لا يتجزّأ من نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ الذي يطمح إلى تهويد المكان -أي سائر المنطقة الممتدّة بين النهر والبحر، ويعد الأرض مورداً وُجد أساساً لخدمة الجمهور اليهوديّ فقط. ويقوم نظام الأبارتهايد على عُنف منظّم ومنهجيّ تجاه الفلسطينيّين. ووكلاؤه في ذلك عديدون: الحكومة، والجيش، والإدارة المدنيّة، والمحكمة العليا، والشرطة، وجهاز الأمن العامّ (الشاباك)، وسُلطة مصلحة السّجون، وسُلطة الطبيعة والحدائق وغيرها. ويعمل المستوطنون ويؤدّون دوراً كعامل إضافيّ في هذه القائمة أو الشبكة التي تديرها الدولة. والجدير بالذكر أنّ عُنف المستوطنين مثله مثل عُنف الدولة -العسكريّ، هو أيضاً عُنف منظّم ومُمأسس مدجّج بالوسائل، ويطبّق وفقاً لاستراتيجيّة محدّدة معيّنة الهدف.
كانت “المزرعة الاستيطانية أم زوكا” واحدة من ست “مزارع” أنشأها مستوطنون في الأغوار الشمالية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. وقد أقيمت هذه “المزرعة” في نهاية العام 2016 في موقع كانت تقع فيه قرية فلسطينية تدعى “خربة المزوقح”، والتي دمرتها إسرائيل بعد احتلال الضفة الغربية. ووفقًا لحسابات مؤسسة “كيرم نفوت” التي أُعدت حسب طلب “بتسيلم”، فإن مستوطني “المزرعة الاستيطانية أم زوكا” استولوا على 14.979 دونماً -أي نحو ثلثي مساحة المحمية الطبيعية. وقام المستوطنون حتى الآن بفلاحة 99 دونماً من هذه المساحة.