عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jul-2024

القيود الوهمية في فرض القوة الاستعمارية وثقافة الاستسلام*ا. د. هاني الضمور

 الغد

عبر التاريخ، سعت القوى الاستعمارية إلى فرض سيطرتها على الشعوب المستضعفة باستخدام مختلف الوسائل والأدوات. إحدى الوسائل الأكثر فعالية كانت استخدام القيود الوهمية لزرع ثقافة الاستسلام، والخضوع في نفوس الشعوب المستعمرة. هذه القيود ليست مادية بالضرورة، بل هي نفسية واجتماعية تزرع في الأذهان لتجعل من المقاومة أمرا مستحيلا في عقول المضطهدين. فما هي هذه القيود الوهمية؟ وكيف يمكن التخلص منها لتحرير العقول والقلوب من تبعاتها؟
 
 
القيود الوهمية هي تلك الأفكار والمعتقدات التي تزرعها القوى الاستعمارية في عقول الشعوب المحتلة لتجعلهم يعتقدون بأنهم عاجزون عن التغيير والمقاومة. تشمل هذه القيود أفكارا مثل الاستسلام للقدر، حيث يشعر المستعمر الشعوب بأن وضعهم الحالي هو قضاء محتوم لا يمكن تغييره. كما تروج فكرة الشعور بالدونية، بأن الثقافة المحلية أقل شأنا من ثقافة المستعمر، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس. بالإضافة إلى ذلك، يتم خلق نظام اقتصادي يجعل الشعوب المستعمرة تعتمد على المستعمر في تلبية احتياجاتها الأساسية.
 
تساهم القيود الوهمية بشكل كبير في تعزيز ثقافة الاستسلام والخضوع بين الشعوب المستعمَرة. عندما يقتنع الأفراد بأنهم غير قادرين على تغيير واقعهم، يصبحون أقل حماسا للمقاومة وأكثر قبولا بالوضع القائم. هذا يؤدي إلى تراجع الروح القتالية والإبداعية، ويجعل المجتمعات أسيرة لأوضاعها السيئة.
للتخلص من القيود الوهمية، يجب على الشعوب المستعمَرة أن تدرك حقيقتها وأنها مجرد أدوات نفسية لإحباطهم. نشر التعليم والمعرفة يمكن أن يفتح عيون الأفراد على قدراتهم الحقيقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إحياء التراث والثقافة المحلية وتعزيز الهوية الثقافية والاعتزاز بالتاريخ المحلي يمكن أن يكون سلاحا قويا ضد الأفكار الدونية التي يروجها المستعمر. بناء اقتصاد مستقل يقلل من الاعتماد على المستعمر ويعزز الشعور بالقدرة على التحكم بالمصير.
تعزيز الوحدة بين أفراد المجتمع والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية يمكن أن يخلق جبهة قوية قادرة على مقاومة أي محاولات للسيطرة. وجود قيادة واعية ومدركة لتلك القيود وملتزمة بتحرير العقول منها هو عنصر أساسي في أي حركة تحررية.
القيود الوهمية وثقافة الاستسلام ليست قدرا محتوما، بل هي عوائق يمكن تجاوزها بالإدراك والتعليم والتضامن. الشعوب التي تدرك حقيقتها وتثق في قدراتها يمكنها أن تتحرر من أي شكل من أشكال الاستعمار، سواء كان ماديا أو نفسيا. الوقت قد حان لنفض الغبار عن العقول والقلوب والسير نحو مستقبل أفضل ومشرق.