عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2019

الأردن... بموقعه الجيوسياسي صمام الأمان للأمن القومي العربي وللقضية الفلسطينية - المحامي علي أبو حبله

 

الدستور - كان لأهمية موقع الأردن المتوسط في العالم القديم أن جعله موضع اهتمام الحضارات والشعوب القديمة الاستراتيجي، والأردن بلد يتوسط في موقعه الجغرافي الشرق الأوسط، وموقعه هذا جعل منه نقطة تواصل بين دوله في الشرق والجنوب والشمال، فلامناص لهذه الدول « السعودية وسوريا والعراق، من أن يكون الأردن برا أوجوا ممرا أو مقرا لهذا التواصل ليس بالجغرافيا الصماء، بل بالجغرافيا التي تتكلم السياسة والتجارة والتأثير، وتلك نعمة مقدرة ومحسوبة لهذه الجغرافيا.
وموقع الأردن المتوسط والقريب بالتماس المباشر من حدود هذه الدول، أعطاه تأثيرا ودورا ربما يتجاوز في بعض الأحيان حدود موارده وإمكاناته قياسا مع غيره من الجوار، وهذه أيضا إحدى الفرص التي صنعتها الجغرافيا وطبيعة الحكم الرشيد وتلك نعمة أخرى ثابتة، لا تمر دائما مر السحاب.
وموقع الأردن بين هذه الدول منحه القدرة على صياغة سياسة معتدلة إما بالاضطرار أو بالاختيار، ومثل هذا الاعتدال جعله متخصصا في صناعة المواقف الأكثر تدبيرا وهدوءا وتطويعا للأحداث لصالحه، وخروجا منها بأقل الخسائر الممكنة بعيدا عن التهور وغرور القوة الذي أضاع أنظمة حكم ودولا وشعوبا. وظل الأردن بالتدبير والتقدير يمتطي سفينة النجاة حتى في أحلك الظروف وعصبية العواصف التي لا تزال تضرب الشرق الأوسط من الاتجاهات الأربع، وذلك نعمة أخرى للجغرافيا ولمقتضيات واقعية السياسة، فلامناص من الاعتراف بها، وتلك هي السياسة في خضم تاثير الجغرافيا
الأردن بموقفه وموقعه هو محط الأنظار الدولية والاقليميه والعربية وصفة الاعتدال لا تعني أن يفرط الأردن بحقوقه القومية والتاريخية ولا تعني الإذعان للضغوطات الممارسة عليه .
القيادة الاردنيه تملك رؤيا واستراتجيه وطنيه ثابتة وراسخة المواقف وتملك القوه في سبيل تحقيق أهدافها وهذا دلالته 
التّصريحات «الناريّة» التي أدلى بها العاهل الأُردني  مؤخرا وأكّد فيها «لاءاته الثّلاث»، أيْ «لا» للتّنازل عن القدس المحتلة، و»لا» للوطن البديل، و»لا» ثالثة للتوطين، تُؤكّد مُجدّدًا الموقف الأردني وإستراتجيته وتعني   ليس وجود ضُغوط أمريكيّة وإسرائيليّة في هذا المِضمار فحسب ، وإنّما وجود أراده وتصميم وعزم بالتّصدّي لها حتى لو وصل الأمر إلى اللّجوء للخِيار العسكريّ في نِهاية المطاف.
 مواقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الجامع المتضمن توصيف حقيقي لما يواجهه ويتعرض له الاردن من استهداف يتطلب من جميع الأردنيين التنبه لمخاطر المستقبل الذي يتهدد وجودهم وأمنهم بفعل المخطط الصهيو أمريكي الذي يستهدف امن الأردن وفلسطين 
ونحن نستعرض تفاصيل الانقلاب الإسرائيلي على الأردن وقصة اخطر مؤتمر يشارك به أردنيون في معهد بيغن الإستخباري والإنقلاب الإسرائيلي على العلاقة مع الأردن منذ تحريض المستوطنين على اقتحام الأقصى وضرب الوصاية الهاشمية على المقدسات ومحاولة دول عربية أخرى وغير عربية لسحب الوصاية بأشكال وصور مختلفة والطعن بشرعية الهاشميين بولايتهم على القدس 
ومحاولات خلق تحالفات إسرائيلية في الإقليم العربي بعيداً عن الدور الأردني لتهميش دور الأردن فلسطينياً وسورياً وتعظيم أزمة اللاجئين السوريين ،وتقليص المساعدات الماليه للاردن وضرب مصداقية العملية السياسية من خلال بعض منظمات المجتمع المدني ،
يتفق الكثيرون بأن الأردن قد نجى حتى الآن من العاصفة السياسية التي اجتاحت دولاً كثيرة في الشرق الأوسط منذ أواخر عام 2010 بفعل وعي وثبات الشعب الأردني وتعاضده والتفافه مع قيادته وثقته في جيشه العربي الأردني ومع ذلك فمن الممكن أن تتحول العديد من التحديات التي تطفوا الآن على السطح إلى تهديدات خطيرة تعصف باستقراره   فمع كون الثقافة السياسية الأردنية   المعتدلة وغير المؤدلجة والمناوئة للثورات   عاملاً مخففاً لدى قوي التأثير، إلا أن مخاطر عدم الاستقرار الداخلي الحالي هي أكبر من أي وقت مضى بفعل تاثير القوى الخارجيه التي تتامر على الاردن وامنه واستقراره  
وفي هذا السياق يشعر معظم الأردنيين بأن وطنهم يتعرض لخطر محدق وتجنب المخاطر تكمن في وحدة الاردنيين ووعيهم ، والقليل منهم قادر على تعريف ماهية هذه الأزمة أو الأزمات ومصدرها ، وان هناك اسباب جوهرية رئيسية تمر بها الاردن ويمكن التعريض لها وهى:
1.تقلب سياسة الإدارة الأمريكية الحالية (تاجر العقارات ترامب) فى كيفية ممارسة هذه الادارة لسياستها فى المنطقة وخاصة القرار المتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الكيان الصهيوني وما ترتب على ذلك  من محاولة إضعاف لموقف الأردن وتهديد لأمنه الداخلي ودوره الاقليمى وأثر ذلك على علاقته مع أمريكا.
2.التغيير الواضح فى سياسات السعودية (العهد الجديد) وأولوياتها، وانعكاس ذلك سلبا على طبيعة علاقتها مع
حلفائها التقليديين  ..
3.تغير نهج دولة الكيان الصهيوني والتى بدأت تنتهج بدور الحليف الاستراتيجى الإقليمى والأهم للسعودية فى صراعاتها فى المنطقة وخصوصا ايران، والذى نقل اسرائيل من خانة العدو إلى خانة الحليف مجانا ودون مطالبتها بأى تنازلات للفلسطينيين مقابل ذلك.
4.التقاء أطراف القوة الثلاث (أمريكا وإسرائيل والسعودية) معا خارج نطاق العلاقة مع الأردن، وأصبح المطلوب من الأردن أن يقبل بما هو مطلوب منه ولا قدرة له على تنفيذه ، أو معروض عليه ولا قدرة له على قبوله أو مقاومة الضغوط المرافقة له باعتباره مطلبا جماعيا يمثل الأطراف الثلاثة، وهى أطراف لا قدرة للأردن على مقاومتها بسهولة خصوصا عندما تجتمع معا ، وهو ما يشير الى استهداف الاردن « ملكا وشعبا ومجتمعا « 
إن انتقال علاقة الأردن مع كل من أمريكا وإسرائيل من الثابت إلى المتغير  قد زاد في مناعة وقوة الأردن وباتت ألاستراتجيه الاردنيه  ترتكز على الحسم والثبات على المواقف في مواجهة كل المخاطر التي تتهدد الأردن وأمنه القومي والأمن القومي العربي . 
أما على الصعيد الإقليمي فإن ابتعاد البعض في نهجه الجديد عن الرابطة العربية وذلك على المستوى الاقليمى قد فتح الباب أمام الأردن نحو خيارات  عده عربيه منها أو إسلاميه وإقليميه 
وهنا لا بد من التذكير إلى التأكيد المتزايد للملك عبد الله الثاني على استمرار الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة فى القدس وعدم التخلي عن دوره فى القدس وعلى دوره كوصى على الأماكن المقدسة وهو جزء هام من شرعية الهاشميين التاريخية في هذا السياق يضاف إلى ذلك الحملة الدولية التى رافقت ذلك من مؤتمر التضامن الإسلامي فى اسطنبول إلى زيارة الفاتيكان وفرنسا وزيارات عدة وآخرها خطابه و موقفه الثابت في قمة تونس  والتى رافقها تأكيد أردني متزايد على شمول الأماكن المقدسة المسيحية بالوصاية الهاشمية، وهو الذي قد أثار غضب  العديد من الدول وفي مقدمتها اسرائيل التى أعلنت، عن عدم ارتياحها، إن لم يكن رفضها، للوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة فى القدس. وهذا بات يشكل مصدر صراع في المنطقه بفعل ثبات الاردن ودعمه للقضيه الفلسطينيه والحقوق الوطنيه للشعب الفلسطيني 
وفي الوقت الذي تشكل فيه التهديدات الخارجية تحديات كبيرة للدولة الأردنية، إلا أن الخطر الأكبر هو عندما تتبلور هذه التهديدات أو تزيد من حدة عدم الاستقرار الداخلي 
ووفق كل ذلك فان المنطقة دخلت منحى خطير وخطير جدا وان المخططات المرسومه بدات تخرج لأرض الواقع وان محاولات تحريك الشارع الأردني من خلال محاصرته اقتصاديا بات يدخل في مربع خطير ضمن ما تسعى اسرائيل وحلفائها لتحقيقه عن ما سبق الترويج له الوطن البديل ، ولن يكون الفلسطينيين بمنأى عن الخطر الذي يتهدد الأردن ضمن محاولات التفريغ والترحيل القسري 
وبات منطق الأحداث يفرض ضرورة التلاقي والتنسيق على أعلى المستويات بين الأردن وفلسطين ضمن استراتجية تقود لتغيير كل المعادلات والتحالفات التي جميعها تتطلب الحفاظ على الثبات والوجود لمواجهة المخطط الصهيو امريكي وافشال لصفقة القرن وهنا تمكن اهمية دور الاردن وموقعه الجيوسياسي  فهو البوابة الشرقية للامن القومي العربي وبوابة العبور لتحرير فلسطين.