عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Sep-2022

هذا حزب الدولة..* سميح المعايطة

 الغد

مع نشاط شخصيات وقوى لتشكيل أحزاب انسجاما مع قوانين التحديث السياسي واستعدادا للانتخابات النيابية القادمة تسمع في اوساط الناس مصطلحات وأوصافا ليست من صنع الناس بل من بعض العاملين في الحركة الحزبية تحاول تقديم بعض الاحزاب بصورة غير حقيقية.
نسمع وصفا لحزب انه حزب الدولة، وحزب آخر بأنه حزب الديوان وثالث بأنه حزب شخصية رفيعة جدا جدا ورابع بأنه حزب تلك المؤسسة المفصلية، فهل هناك حزب للدولة؟
وحتى لا نبدو وكأننا في عالم آخر فإن كل المراحل السياسية التي كان فيها العمل الحزبي والسياسي نشيطا كانت هناك احزاب قريبة من بعض مؤسسات الدولة، إما من حيث العلاقات او التوجهات، وهذا موجود حتى الآن بل وفي عملية بناء احزاب جديدة، لكن البعض ممن ينشطون في المراحل الجديدة يعتقدون انه كلما أطلقوا على أنفسهم اوصافا سياسية بأنهم حزب الدولة او حزب مقرب جدا من الحكم او جماعة الديوان، اقنعوا الجمهور او صنفا منه بالقدوم اليهم.
في الأردن وعبر قرن من الزمان كانت دائما هنالك احزاب قريبة وبعيدة عن الحكم لكن دون ان يكون هناك حزب للدولة اي حزب حاكم او حزب محسوب ومدلل من الحكم، فنحن دولة ملكية، الحكم فيها مرجع لكل الأردنيين ورمز للدولة كلها، ولا يجوز اختزال الحكم في حزب مهما كان قريبا او يحظى بنوع من الدلال المرحلي.
واذا كنا اكثر وضوحا فإن الانتخابات القادمة سيكون فيها 41 مقعدا ستوزع على الاحزاب القادرة على الفوز، وهناك اليوم عدة احزاب تقول انها قريبة من الدولة، واحزاب أخرى ليست بعيدة، واحزاب لايمكن تجاهلها، وبالتالي فإن المنطق السياسي يقول ان اكثر حزب سيحصل على مقاعد تتراوح من (5-8) مقاعد، وربما مقاعد اخرى في التنافس الفردي، ولا ندري ماذا يحصل في الانتخابات التي تليها.
ولنتذكر دائما ان قيمة اي حزب في قدرته على الحصول على ثقة الناس واصواتهم وان يشكل حضورا في الشارع وليس في الاعلان انه حزب هذه الجهة او تلك.
ولنتذكر ايضا ان الدولة يمكن ان تقترب من هذا الحزب او ذاك، لكن ماذا لو انقسم الحزب او تفتت او تم إغلاقه فهل تسجل الدولة على نفسها تجربة حزب ما مهما كانت بنيته تضم اعضاء من حملة الألقاب او توجهات قريبه من الدولة.
ربما على بعض قادة المرحلة الحالية ان يقرأوا جيدا تاريخا ليس بعيدا لبعض الاحزاب التي كانت محسوبة على الدولة، وكانت متخمة بأعداد كبيرة من المسؤولين السابقين والعاملين، وكانوا ومعهم فئات من الناس يعتقدون انهم حزب الدولة والحكم، وتوقع لهم البعض اكتساحا للحياة السياسية، وتدفق اليهم الأعضاء طمعا في مستقبل زاهر، لكن الايام حملت انهيارات واستقالات وانسحابات وتحولت هذه الاحزاب الى ركام سياسي بعدما كانت تحظى بالدلال السياسي.
الدولة ليس لها حزب، والحكم ليس هناك حزب ينسب اليه، لكنها المراحل السياسية التي لكل منها ادوات وأشخاص وتفاصيل، لكن مفاصل الدولة والعناصر التي تعتمد عليها واضحة وثابتة، وأي حزب يقول للناس انه حزب هذه المؤسسة او تلك يضعف نفسه، فالحزب قوة جماهيرية لكن عندما يقول عن نفسه ان الدولة تصنعه فهو يقول انه اداة لمرحلة وليس جسما جماهيريا شعبيا ينتسب اليه الناس قناعة به، فكل الاحزاب التي قدمت نفسها طريقا للمنصب والنفوذ دخلت في مرحلة خلافات بعد اول انتخابات.
الحكم يدعم وجود حياة حزبية، ويشجع على بناء حياة سياسية لكن ليس للحكم حزب من قريب او بعيد، فالحكم ليس محسوبا على حزب عدد أعضائه عدة آلاف او قد يحصل على ستة مقاعد مثلا.
طبيعي جدا ان تعمل الدولة على ترتيب الساحة لكن من الوهم ان يعتقد البعض انه حزبها الذي لا بديل عنه، بل ان مصلحة الدولة ألا تحسب على نفسها تجربة لأي حزب قد تنجح وقد تفشل، وعلى قادة مرحلة الاحزاب الجديدة ان يتوقفوا طويلا عند تاريخ الحياة الحزبية في الأردن، وان يفهموا قواعد عمل الدولة وان لا يزرعوا في عقول اعضائهم وهما، فأن يكون هناك نفوذ مرحلي لا يعني ان هذا الحزب او ذاك خيار استراتيجي للدولة.