«المسحراتي» .. يسهر في رمضان ويصحي عباد الرحمن
عمان-الدستور - حسام عطية - يرتبط شهر رمضان الفضيل بالكثير من المناسبات والعادات والتقاليد التي ظهرت ولم يكن العرب يعرفونها من قبل، مثل شخصية المسحراتي وهو الرجل الذي يطوف بالبيوت ليوقظ الناس قبيل آذان الفجر، أي أنه هو الذي يقوم بعملية التسحير، والسحور أو عملية التسحير هي دعوة الناس للاستيقاظ من النوم لتناول الطعام في ليالي شهر رمضان، ويستخدم المسحراتي في ذلك طبلة تعرف بـ «البازة»، إذ يُمسكها بيده اليسرى، وبيده اليمنى سير من الجلد، أو خشبة يطبل بها في رمضان وقت السحور.
عبارات نسمعها
بدوره ابو خليل يمارس مهنة المسحراتي في شهر رمضان الكريم يقول، «يا نايم وحد الدايم»، من العبارات التي اعتدنا سماعها بعد منتصف الليل، خلال شهر رمضان،، ويحمل المسحراتي في يده طبلة صغيرة، حيث ترتبط مهنة المسحراتي في أذهان المواطنين بقدوم شهر رمضان، وتزدهر خلال الشهر الفضيل، والمسحراتي هو الشخص الذي يتولى إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور حيث يجول في الشوارع والساحات العامة، يضرب على الطبلة وينشد عبارات من وحي الأجواء الرمضانية.
الشهر الواحد
بدوره علق أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة ال البيت المحامي الدكتور عبدالله السوفاني على الامر قائلا، رمضان شهر الرواج الاقتصادي بامتياز، شباب وربات بيوت ومتقاعدون يتحولون إلى تجار صغار، و المسحراتي يتفرد بخاصية في عمله، حيث يقتصر عمله في ليالي شهر رمضان المبارك فقط، أي أنها المهنة الوحيدة التي يعمل صاحبها شهراً واحداً في السنة، وقد ارتبطت أجرة المسحراتي ببعض التغييرات على مر العقود، ففي منتصف القرن التاسع عشر كانت الأجرة مرتبطة بالطبقة التي ينتمي إليها المتسحر، فمنزل الشخص من الطبقة المتوسطة على سبيل المثال عادة ما يعطى المسحراتي قرشين أو ثلاثة أو أربعة قروش في ليلة العيد، ويعطيه البعض الآخر مبلغاً زهيداً كل ليلة، ولم يكن للمسحراتي أجر معلوم أو ثابت، غير أنه يأخذ ما يجود به الناس صباح يوم العيد أو ما يعرف بالعيدية، وعادة ما كانت العيدية من الحبوب، سواء كانت ذرة أو قمحاً، وأحيانا كثيرة كان يتقاضى أجرته كعك العيد، وبين هذه وتلك لم يكن أجر المسحراتي بالمعنى المفهوم المتداول، ولكنه هبة يجود بها كل صاحب بيت حسب قدرته، إلا أنه في السنوات الأخيرة أخذت ظاهرة «المسحراتي» في التراجع بسبب كثرة الوسائل العصرية التي تساعد الإنسان على الاستيقاظ دون الحاجة إلى تذكير، كما أن العادات قد تغيرت وانقلبت الموازين، فأصبحت مثل هذه العادات القديمة شيئاً تراثياً بالنسبة للكثيرين، وأخذوا يتسلون بالوسائل الحديثة كالمنبه والتليفون المحمول، وأصبح الكثير من الناس يسهرون حتى الفجر في مشاهدة البرامج والمسلسلات التلفزيونية أو السهرات المتنوعة عند الأصدقاء أو في أي مكان آخر؛ ما أدى إلى انقراض هذه المهنة وغيرها من المهن التي ظلت صامدة لعشرات بل مئات السنين تحت رياح التغيير والعولمة.
رغم التكنولوجيا
ونوه السوفاني بانه في شهر رمضان الكريم تزدهر مهن وأعمال لها علاقة بعادات وتقاليد الشعوب، طوال شهر الصيام والمسحراتي أحد أبرز الشخصيات التي تظهر في شهر رمضان، يمارس مهنة رمضانية تراثية تتركز على إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، وخلال شهر رمضان، تتصدر مهن تقليدية واجهة النشاط التجاري والحرفي، خصوصاً مع سعي الناس، خلال هذا الشهر، إلى إحياء عادات قديمة في المأكل والمشرب واللباس وغير ذلك. فتعالوا معنا في جولة للتعرف على تاريخ هذه المهن، وتاريخياً كان أول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر، وفي اليمن والمغرب كان المسحراتي يتولى دق الأبواب، أما في بلاد الشّام فكان يطوف على البيوت ويعزف على العيدان والطّنابير وينشد الأناشيد ، وبالرغم من تطور وسائل التكنولوجيا ووجود العديد من التطبيقات التي تتولى مهمة إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، إلا أن بعض المواطنين يحيون هذه المهنة خلال الشهر الكريم، في أكثر من دولة عربية.