عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-May-2025

عربات جدعون في العقلية الإسرائيلية*خولة كامل الكردي

 الغد

لا شك أن العملية العسكرية الجديدة التي يعتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي شنها على قطاع غزة، والتي أطلق عليها اسم عربات جدعون، وهي وإن تم الشروع في تنفيذها فإنها ستكون واسعة وقاسية وشرسة على أهل غزة، لا تقل وحشية وشدة عن سابقاتها من العمليات التي شرب مرارتها أهل غزة موتا ونزوحا وجوعا، لكن المختلف هذه المرة أن هذه العملية العسكرية تهدف إلى احتلال قطاع غزة بالكامل، وإخضاعها لحكم عسكري، وقد بدأت إرهاصاتها في القصف العنيف والمتواصل، وإطلاق المسيرات بشكل مكثف ومستمر وقصف مدفعي لا ينقطع، حيث تتصاعد وتيرتها في ساعات الليل المتأخرة، فهدفها ليس فقط إيقاع خسائر فادحة في صفوف المدنيين، بل بث الرعب والخوف في قلوب الأطفال والنساء، وتدمير المنازل المتبقية بصورة كارثية مروعة، لحمل السكان على مغادرة غزة إلى الخارج.
 
 
ومن الواضح آثار عملية عربات جدعون في ارتقاء أعداد كبيرة وغير مسبوقة من الشهداء خاصة من الأطفال والنساء، دموية هذه العملية مفزعة، لدرجة أن الاتحاد الأوروبي كسر صمته باحتجاجات وتحذير ضد توسيع العملية العسكرية، وقلق واستياء أميركي من ممارسات حكومة نتنياهو غير المقبولة. وهذا ينقلنا لسؤال ما مغزى تسمية العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة بعربات جدعون؟! وما دلالاتها التاريخية والدينية والعسكرية؟! فجدعون كلمة عبرية تعني المصارع، وهي شخصية توراتية ذكرت في سفر القضاة، حارب المديانيين الذين سلطهم الله على بني إسرائيل لشر أفعالهم، فأمر الله جدعون بتخليص بني إسرائيل، وطلب منه هدم مذبح بعل فثار قومه، ولم يقف معه سوى القليل لا يتجاوز عددهم 300 رجل، تلك الدلالة الدينية التي توظفها دولة الاحتلال الإسرائيلي، لإضافة زخم كبير للعملية العسكرية بتأثيرها الروحي على أولئك المتدينين، وتحفيز نظرائهم على الانخراط القوي في الحرب على أعداء «إسرائيل»، وقصة جدعون هذه تماثل ما ورد في القرآن الكريم في سورة البقرة من قصة طالوت الذي قاتل معه سيدنا داود عليه السلام في معركة عين جالوت وفي أرض فلسطين، وسياق القصة القرآنية رسالة لها مدلولاتها الدينية، بأن الله مع المؤمنين أصحاب العقيدة الصحيحة ممن يهتدون بهدي الحق، لا يحيدون عنه ويضعون المبررات، لارتكاب جرائم يندى لها الجبين، واستحضار الدلالات الدينية، يوضح بما لا يدع مجالا للشك، أن النوايا المبيتة لشن عملية موسعة على قطاع غزة، ستجلب مباركة اليمين المتطرف، ونقمة العالم الحر.على حد سواء.
 
لطالما استخدم الكيان الصهيوني المسميات الدينية كغطاء، لعمليات عسكرية إجرامية بحق الفلسطينيين والعرب، ولا يمكن التغاضي عن تلك الممارسات الوحشية السادية، التي لا تمت للشرائع والأخلاق بصلة، والعاقل يدرك أن مآل الطريق الذي رسمه نتنياهو، لانتهاج الحرب أسلوبا للبقاء على كرسيه لحمايته من المساءلة القانونية في المحاكم «الإسرائيلية»، إلى العزلة وخضوعه للمحاكمة مهما حاول التملص، وتمديد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتعنت في رفض قبول بصفقة تنهي الحرب اللاإنسانية على الأبرياء العزل في غزة لن يجدي نفعا، وها قد تم حصاد إجرام حكومة نتنياهو حيث قام ناشط بقتل دبلوماسيين إسرائيليين من السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وبلا أدنى شك سيوظفها نتنياهو للترويج في حربه على «إرهاب» حماس.