عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jul-2020

اللحام: انتدبت للعمل رساماً في القصور الملكية،لمدة ثماني سنوات ونصف ومساعداً لمهندس القصر الملكي الفنان طاهر الطاهر

 بعيدا عن السياسة

 
الراي - ملك يوسف التل - صممت نصب «قوس نصر» في الدوار الثالث في جبل عمان بمناسبة العيد الثامن والعشرين للملك الحسين أجمل المنازل التي شاركت في تصميمها وإعداد مخططاتها بيت سعيد ملحس في جبل عمان
آخر لوحاتي رسمتها حتى وقت قريب كانت عن القدس الشريف أول مشاركتي في معرض المنتدى العربي عام 1951 ،وضم فنانيّ الأردن وفلسطين انتجت آلاف اللوحات والشعارات والميداليات والملصقات وطوابع البريد
ونحن نخرجُ من حَجْر التباعد الاجتماعي، ونعيدُ اكتشاف الذي كُنّا عشناه ولم نعرفه كما يستحق، فلن يكون أزهى من رفقة شيخ الفنانين، رفيق اللحام، ليعيد تظهير ما كان رسمه لنا من عمان والقدس والشام وبينها بترا الانباط.
هذه المرة، صًحبة استاذ الأجيال رفيق اللحام، في رحلة العودة للاشتباك الاجتماعي، نعتقدُها صحبة مختلفة. فهو في امتلاكه كلمة السرّ التي يلتقي فيها الخط واللون والهندسة مع التاريخ، يستطيع ان يستنطق ثمانية عقود عاشها رائدا جماليا للمساحة الخضراء التي تتوجع فيها عمان والقدس ودمشق بصوت مشترك نسيهُ الكثيرون.
رائد الفن الأردني ولد في الشام عام 1931 لحمولة اللحام فلسطينية الأصل، ويعرف من عمّان الاربعينيات والخمسينيات ما يسوى ان نستعيده اليوم.
ما أهم المشاريع التي شاركت في رسمها؟
مشروع خط الطريق الصحراوي: عمان- العقبة، طريق البحر الميت، مبنى قصر العدل القديم، مبنى قيادة الجيش في العبدلي. ومن المهندسين، عملت معهم جعفر طوقان ابن الشاعر إبراهيم طوقان، وكان أول مشروع نفذه جعفر طوقان استراحة البتراء السياحية. وأذكر في تلك الفترة المبكرة من عملي ان 14شخصا مارسوا أعمال الهندسة وهم لا يحملون شهادات جامعية هندسية، ولذلك عندما تم تأسيس نقابة المهندسين أعطوا هؤلاء الأشخاص لقب «مجاز» وقد صممت لهم نموذج شهاداتهم، مصدقة من وزارة الأشغال العامة، من هؤلاء المجازين: رفيق طوقان، سدو الكردي، صباح الكيلاني وديران فوسكرجيان الذي قام بتصميم قصر زهران ومبنى وزارة المالية القديم ومبنى البنك العربي.
وخلال عملك في التعليم والأشغال العامة عملت مكتبا خاصا لك؟
هذا صحيح.. في هذه الأثناء في الخمسينيات، افتتحت مكتبا خاصا بي، قرب نادي عمان طريق السلط، مارست فيه أعمالي ما بعد ساعات الدوام الرسمي، وبخاصة الرسم المعماري، مع عدد من الفنيين المجازين والمهندسين لانجاز المعاملات اللازمة لرسم مخططات المشاريع وتقديمها لأمانة عمان.
هل تتذكر أجمل المنازل التي شاركت في تصميمها؟
طبعا.. رغم أنني أوشكت على التسعين من عمري بفضل االله إلا ان الذاكرة ما تزال نشطة وتحفظ الكثير من الماضي الذي تألقنا به وزرعنا وقطفنا أجمل الثمار وعلمناه للأجيال.
أعود لسؤالك عن أجمل المنازل التي شاركت في تصميمها وإعداد المخططات اللازمة لها: بيت سعيد ملحس في جبل عمان، وكنت سعيدا بمشاركة المهندس طاهر الطاهر بالاشراف على تنفيذ البناء، وكانت بالنسبة لي خبرة علمية وعملية أغنت تجربتي المهنية والفنية، وقد تميزت دار ملحس بوجود بركة ماء وسط مدخلها الرئيسي، حيث تدخل السيارة وتدور حولها أمام باب المنزل. وايضا بيت موسى أبو الراغب في جبل عمان، ودار الأخوة المعشر في جبل عمان أيضا.
ما قصة انتدابك للقصور الملكية؟
بعد سنتين من العمل في وزارة الأشغال العامة انتدبت للعمل رساما في القصور الملكية، ولمدة ثماني سنوات ونصف، وعملت مساعدا لمهندس القصر الملكي طاهر الطاهر وهو فنان موهوب صمم المبنى المجاور للديوان الملكي، قرب قصر المأوى. كما قمت بمساعدة المهندس عدنان أوتي بعمل كسوات خشبية في مبنى الديوان وحدائق قصر بسمان، كما وعملت في قصر الضيافة، وبقيت اعمل مع عدنان أوتي إلى ان ترك وظيفته، فأوكلت لي إدارة قسم هندسة القصور. وخلال فترة عملي تم إنشاء معظم مباني القصور ومنها الحدائق والضريح ومدخل القصور، كما تمت صيانة قصر رغدان، وقصر المشتى في الشونة، وانشاء قصر الحمر وزراعة الأشجار، في تلك المنطقة باشراف ناظر الخاصة الملكية سامي أيوب.
في نهاية عملي في القصور الملكية رغبت في متابعة دراستي الفنية في أوروبا، فأوفدت في بعثة دراسية إلى روما، عام 1961 ،ودرست الفن في أكاديمية «أنالك» ومعهد سان جاكومو. وبعد عودتي انتقلت للعمل في وزارة السياحة فعشت فيها كفنان حيث توفر لي المناخ الفني المناسب للعمل، وقد خدمتني إمكانيات الوزارة والدورات التي شاركت بها والبعثات مما عمق من خبرتي الفنية وأثراها.
في وزارة السياحة قمت بتصميم النشرات والملصقات والخرائط السياحية، والاشراف على المجلات والنشرات التي كانت تصدرها الوزارة. وخلال عملي في السياحة شاركت بعضوية العديد من الوفود الرسمية، كما زرت العديد من الدول، والمشاركة السنوية في معرض باري السياحي، ومن أشهر وأقدم وأكبر ما شاهدت في متحف الأرميتاج في روسيا دهشت مجرد دخولي لهذا المتحف العالمي الذي يحتوي على أكثر من ثلاثة ملايين تحفة فنية.
وقد دخل متحف الأرميتاج موسوعة غينيتس للأرقام القياسية كأكبر متحف عالمي يضم أكبر عدد من اللوحات الفنية.
ما آخر رسوماتك؟
كما قلت عشت طفولتي أحلم فقادني الحلم لواقع عشقت فيه الرسم، حتى انني لا أذكر نفسي إلا وأنا أرسم، واستاذي في حي الصالحية في دمشق يأخذ بيدي ويوجهني. لقد دخل هوى الرسم في نفسي وجرى في عروقي واستمررت أتعامل يوميا مع هذا العالم ببهجته إلى الآن. وبعد مرور أكثر من سبعين سنة ما زلت والله الحمد أرسم ولكن ليس يوميا، وفي الوقت الذي لا أرسم فيه، أقوم بالقراءة، أو الكتابة، او الاستماع لمحاضرة، أو حضور معرض، أو المشاركة في فعالية فنية أو أدبية، ولم أترك دورة للرسم أو الفن أتيحت لي إلا وسعيت إليها. وآخر لوحة لي رسمتها عن القدس الشريف قبل أقل من شهر.
لقد أنتجت آلاف اللوحات والشعارات والميداليات والملصقات وطوابع البريد، وكم أنا حامد شاكر الله تعالى أن تنوعت مواهبي، بين الرسم والحفر وبين فنون تطبيقية متنوعة.
تعودت الرسم بيدك اليمنى لكن في عام 1983 ،قيل أنك استخدمت يدك اليسرى.. هل شعرت بفارق الإتقان؟
طبعا ولا فرق بين اليمنى واليسرى التي لم أتعود على استخدامها طيلة حياتي، لكن عشقي للرسم بعد ان تعرضت لحادث عرضي أدى لحدوث كسر في يدي، فلم أنتظرحتى تلتئم عظامي، وهو الأمر الذي سيقطعني لمدة طويلة عن الرسم، فتحولت رسوماتي بكرم وعطاء من يدي اليسرى.
هل درست الفن كما تعلمته؟
بكل تأكيد وبنفس الدرجة التي أحببت فيها الفن علمته للآخرين من هاوين ومتذوقين، فكنت من أوائل الذين درسوا الفن في الأردن. من الفنانين الذين درستهم في معهد النهضة العلمي أوائل الخمسينيات، الفنانة ديانا حجار، كما نظمت عدة دورات رسم في جمعية الشابات المسيحيات، وقمت بالتدريس في مدرسة الجالية الأميركية في عمان لجميع الصفوف ولمدة أربع سنوات.
موقع مرسمك؟
كان في جبل عمان، وفوقه صالة للعرض، ومن الطريف أنه أنه عندما كنت أدرس في مرسمي، كان أبناء الجيران من الشباب يسترقون النظر إلى تلميذاتي من الفتيات.
في مرسمي هذا درست الأجانب على شكل مجموعات، ومن أشهرهن زوجة سفير الولايات المتحدة الأمريكية في عمان، توماس بيكرنج.. كنت فخورا يتدريس الأجنبيات ليعدن إلى بلادهن ويقلن بأننا دَرَسنا فن الرسم في عمان واستاذنا أردني.
أول معارضك؟
أول معارضي كانت مشاركتي في المنتدى العربي يوم 12/20/عام 1951 ،وضم فنانين من الضفتين، منهم ثلاث فتيات، إضافة إلى ثلاثة شاركوا بالتصوير الفوتغرافي، وهم: إحسان إدلبي وفاليريا شعبان، وكوثر الشاهد التي صممت شعار والزي المدرسي لطلبة الكلية العلمية الإسلامية. وشارك في المعرض أيضا نهايو هاشم وهشام حجازي ومهنا الدرة.
وفي عام 1952 شاركت في معرض أقيم في مدرسة العروبة في إربد، لصاحبها محمود أبو غنيمة، وهي المدرسة الأهلية الأولى، وضم المعرض نتاج أكثر من عشرين فنانا وفنانة، ونلت في هذا المعرض الجائزة الأولى للفريق الأول. إضافة لمشاركتي في معرض جماعي مع مجموعة فنانين للفن التشكيلي في معهد النهضة العلمي وكان ذلك في مطلع الخمسينيات، ضمت مجموعة المشاركين عشرة رسامين وخطاطين، وثلاثة وخمسين هاويا للرسم من طلبة المدارسوقد شارك جميعهم بمئة وخمس عشر لوحة، من بينهم أحد عشر نحاتا إضافة إلى شركة تخصصت في أعمال النحت، وكان هذا المعرض أول معرض يقام في عهد الملك الحسين طيب االله ثراه.
وقصة أول نصب في مدينة عمان؟
في عام 1963 كان وزير الإعلام صلاح أبو زيد وكانت السياحة تابعة لوزير الاعلام. طلب مني أبو زيد عمل تصميم «قوس نصر» لوضعة وسط ساحة الدوار الثالث في جبل عمان بمناسبة عيد الثامن والعشرين للملك الحسين بن طلال وذلك على غرار أقواس النصر ومعالم الزينات التي تقام اثناء المناسبات والاحتفالات الوطنية والعالمية. تحمست واتبرت ما سأقوم به تحديا وقمت بتصميم «ماكيت» من الخشب وقطع النحاس بشكل هرم ثلاثي الأضلاع، وعرضته على وزير الاعلام صلاح أبو زيد اعجب بالفكرة وطلب الاسراع في تنفيذها. وخيرنا بأن تتم صناعة النصب من مادة الحجر أو الاسمنت ليكون هدية من وزراة الاعلام للحسين بعيد ميلاده.
لم يكن قد تبقى لدينا من وقت إلا أقل من أسبوع، فقلت للوزير: يجب أن ننسى مادة الحجر ويمكن صنعه من الاسمنت وهكذا نصبنا القاعدة ورأينا استحالة صب الجزء العلوي من الاسمنت اذ أنه يحتاج وقتا أطول للتسليح بمادة الحديد، ولكي تجف مادة الاسمنت بسرعة لجأنا لصنع النصب من حديد الصاج ووضعنا اغصان الزيتون من النحاس المسكوب «البرونز» حيث استعنا بشركة للسكب، في طريق المحطة في عملية التنفيذ، وهذا أول عمل فني تقوم الشركة في تنفيذه التي كانت متخصصة بسكب قطع السيارات وخرائط «التروس» للمحركات والآليات.
كان التصميم الأصلي يقتضي ان يصل ارتفاعه الى ضعف ارتفاع النصب الحالي لكننا لم نتمكن من ايجاد رافعة» ونش» في كافة المملكة ليتسنى لنا رفع هيكل النصب الى القاعدة، لكننا استطعنا في النهاية باحضار رافعة وقمنا بوضع الحجارة تحت عجلاتها كي نتمكن من وضع هيكل النصب على قاعدته كما وتم قص الكتابة على الوجوه الثلاثة للنصب، على الوجه الأول «االله» والوجه الثاني «الآية الكريمة» «وتعاونوا على البر والتقوى»
والثالثة«وحدة حرية حياة أفضل» ودهنا النصب باللون الأبيض والكتابة باللون الأسود اللحام: انتدبت للعمل رساماً في القصور الملكیة، لمدة ثماني سنوات ونصف ومساعداً لمھندس القصر  وأغصان الزيتون كانت من النحاس وغطينا القاعدة الاسمنتية باللون الرمادي وأنجزنا العمل بستتة أيام على مدار الساعة مما أثار انتباه الناس في عمان حتى سفير احدى الدول الاجنبية في عمان حضر حضر لمكتب الوزير وهنأه على هذا الانجاز المفاجأة وعلى سرعة تنفيذ العمل واتقانه.
الطريف في الأمر أنه في آخر ليلة من ليالي العمل في ذلك النصب تأخر العمال لإنهائه لما بعد منتصف الليل وليضاعف الوزير من حماس العمال طلب مني احضار الكنافة من مطعم جبري، وبعد أيام قليلة استقالت الحكومة وذهبت مكافأة ذلك العمل وقمت بتسديد ثمن الكنافة من جيبي الخاص.
من الفنانين الأردنيين من تعتقد أنه يواصل مدرستك؟
كثر، وهناك مثلي وأفضل مني، وكل من يسألني عن الطريقة التي أرسم بها أقدمها لهم دون أي نقصان.
ماذا في أوتغرافك الذي تحمله بين يديك؟
هذا الكتيب الصغير الجميل أحتفظ به منذ زمن بعيد فمن خلاله انتقل إلى عبق الماضي وهو يعود لعقد الخمسينيات، أعيش فيه مع الأحباء في أجمل ذكريات حياتنا، أعود إليه بين الحين والآخر فأسمع أصواتهم وموسيقاهم وأشعارهم وأرى فنونهم جميعها.
من أطلق عليك لقب شيخ الفنانين؟
الأميرة وجدان الهاشمي.
وأخيرا
أخيرا محبتي لزوجتي مقبولة العساف.. رفيقة دربي وفخري، أم أبنائنا موفق وغسان ونسرين ودينا قرة أعيننا وزينة حياتنا التي زينوها بـ 13 حفيدا وحفيدة أكبرهم 22 سنة وأصغرهم تسع سنوات.