عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Sep-2023

هل لديك موعد معه؟!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

والله زمان؛ عن هذه الأجواء البيروقراطية الفجة، التي تهبط، تداهمك، «كبيسة»، حين تلج مكتب أحد المسؤولين، وكنت أفعلها بصراحة، فقط لأعيش الأجواء، وأستزيد وقودا للكتابة عن «قربة مخزوقة»، مهما ترفقت بحملها، ستبقى تسرب الماء على رأسك وسائر الرؤوس التي تسعى للمثالية وتنادي بالمؤسسية..
أمس قررت ان أعيش الأجواء، فذهبت لمكتب مسؤول صديق بلا موعد مسبق، وجلست خارج مكتبه أنظر للناس المراجعين، وعشتها من جديد:
بعض الزوار بسطاء، لديهم قضايا تنهكهم تفكيرا، وهم بالفعل يحتاجون أن يطرحوا قضاياهم للمسؤول، ينتظرون بأدب، وبغيره، ويطول الانتظار لأنهم يشعرون بأنهم يتسولون العطف، فلا يعترضون لا على تشدد موظفي المكتب معهم، ولا حتى على سماجة السمجين.. وقد يرابطون ساعات ويقابلون المسؤول، الذي لا يملك حقا ولا حولا ولا صلاحيات لحل قضيتهم، لكن البسطاء يعتبرونه إنجازا يريح نفوسهم نسبيا بأنهم حاولوا..
وبعضهم، نواب، كتبنا عنهم مئات المرات في هذه الزاوية، وعن استنزافهم لأوقات المسؤولين، والظهور في مكاتبهم، بلا موعد مسبق، وحين يدخلون لمقابلة المسؤول، تشعر بأنهم إنما دخلوا لمكاتبهم الشخصية، وتناسوا عن عمد، تلك الوجوه المكدسة في قاعات الانتظار، مراجعون ورسميون وجهات لها علاقة بعمل المؤسسة... كلهم يفقدون أهمية عملهم، ويصبحون فائضا لا يستحق اهتمام النائب الذي استولى على وقت المسؤول المحدود..
موظف الدولة يقدم خدمة عامة، ومرجعيته الرئيسية هي القانون، واحترامه لعمله يتطلب ان يحترم الناس كلهم، ولا يزيد من أعبائهم ويعقد قضاياهم، لذلك لديه موظفو مكتب، ينظمون عمله ومواعيده، وهؤلاء بدورهم لا يمكنهم التصرف دوما بمثالية، فبعض المراجعين الذين يداهمون المكاتب والمؤسسات، يفرضون أنفسهم على الجميع، ولا يراعون تنظيما ولا حقوقا ولا ديمقراطية.
متى، ومن سيتمكن من إنهاء هذه المظاهر البيروقراطية الجاثمة على صدر وظهر ورأس وبطن الإدارة في القطاع العام؟.. سؤال قديم جديد، ومن العيب ان يبقى يصدح في معاملاتنا اليومية بعد كل هذا التقدم باستخدام التكنولوجيا والكمبيوتر.
أعوذ بالله من شرّ البيروقراطية التي تفتح عشوائيا أبواب ظلم العباد وتقهقر البلاد وبلا تخطيط مسبق.