عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Oct-2019

الحرية المنشودة في العراق! - تمارة عماد
 
الجزيرة - استنادًا إلى أحكام المادة (38) من الدستور العراقي ينص قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي المادة (1): أولا، حرية التعبير عن الرأي: حرية المواطن في التعبير عن أفكاره وأرائه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو بأية وسيلة أخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة. ثانيا، حق المعرفة: حق المواطن في الحصول على المعلومات التي يبتغيها من الجهات الرسمية وفق القانون وخاصة المعلومات المتعلقة بأعمالها ومضمون أي قرار أو سياسة تخص الجمهور. ثالثا، التظاهر السلمي: تجمع عدد غير محدود من المواطنين للتعبير عن أرائهم أو المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون التي تنظم وتسير في الطرق والساحات العامة.
 
حرية التعبير عن الرأي وحق المعرفة والتظاهر السلمي جميعها أصبحت تهدد من في سدة الحكم وتخيفهم لذا تم إسكاتها بالقوة والقمع والسلاح! بعد عزلة وانقطاع عن العالم دام لعدة أيام في بغداد ومحافظات جنوب العراق ظروف أسوء من الأعوام المظلمة التي مضت عاشها الشعب العراقي راح ضحيتها أكثر من ١٠٠ شهيد وآلاف الجرحى خلال أيام فقط! الأمر أشبه بحرب شوارع بين الشعب الأعزل والجهات المسلحة. لم ينتهي عند ذلك الحد ما زال هنالك احتجاجات مستمرة حتى اليوم إقتتال وحرب من نوع آخر الحكومة بحصونها المشيدة وأسلحتها المجهزة لقتل الأبرياء والعُزل من أبناء العراق هؤلاء الذين دفعوا أبنائهم وأخوتهم للحرب ضد الأرهاب هم ذاتهم من يلاحقهم الرصاص الحي والغاز وخراطيم المياه الحارقة بأقذر أساليب القمع.
 
الحكومة العراقية تستطيع قطع الإنترنت وقمع الاحتجاجات في المدن، ومنع الصحفيين من إيصال الحقيقة، وملاحقة الشباب العُزل واعتقالهم ولكن لن تستطيع إزالة وإخفاء الاحتقان والكره الذي خلفتهُ هذهِ الاحتجاجات
كل الخطابات والوعود والكلام المنمق من قبل الجهات الحكومية أمام الشاشات ليست سوى تَمثيل لأدوار البطولة وضحك على الذقون كذبات ما عاد المواطن العراقي يصدقها أو يثق بها. اجتماعات وتجمعات لإيجاد حلول وهمية تضمن لكافة الجهات المستفيدة والأذرع التي تتخذ من العراق جبهة حرب مفتوحة على مصرعيها. ولكي يتم منع وصول الصورة الحقيقية عما يجري ويدور في أرض الحدث تتم ملاحقة الصحفيين ومراسلي القنوات والتهجم عليهم وتهديدهم بصورة علنية وتكسر معداتهم وأجهزتهم. هذهِ هي حرية الرأي والتعبير وحق الوصول إلى المعلومة التي يضمنها الدستور العراقي. نقابة الصحفيين وجميع الجهات الحقوقية والمنظمات تعيش تحت صمت رهيب وتصريحات خجولة لا تناسب حجم الكارثة.
 
هذهِ الحقيقة التي يتم حجب الإنترنت بشكل نهائي كي لا تصل. هكذا يتم التعامل مع الصحفيين داخل العراق. بعد انتهاء كل هذا أتمنى أن لا نسمع في المستقبل مطالب وتصريحات بالشفافية والمواطنة وهذهِ الكلمات الرنانة والوعود أمام شاشات التلفاز هذا التفاؤل لا وجود لهُ في العراق ستبقى الأزمات مستمرة والفساد مستمر. ماذا يكتب المرء في أوضاع كهذهِ عندما نكون محاصرين داخل منازلنا من قبل الحكومة! التي من المفترض أنها من تحمي المواطن وتدافع عن حقوقهُ، لا أدري حقًا هل يجب أن أكتب بصيغة صحفية على غرار صرح، وأضاف، وأشار، وكشف بأسلوب منمق أم أقوم بالكتابة بضمير لإيصال صوت المواطن العراقي البسيط لطالما كانت الكتابة بشكل حر هي الأقرب لي، تجعلني أشعر بالحرية لذا سأختار أن اكتب بحرية أسطر كثيرة قد لا تعني شيء أمام الحقيقة التي وثقها الأبطال من ساحات الاحتجاجات الكلمات مجرد تصوير للمشهد البائس الذي نعيش فيه.
 
ما معنى الحياة عندما يكون القتل بهذهِ السهولة ما معنى الحرية عندما تكون شعارات تنتهي بالتصفيق للسلطان الجائر! شَهدنا في العراق جميع أنواع التَرهيب والقتل منذ عقود مضت بفعل السجون والتعذيب مرورًا بالمقابر الجماعية تلاها أحكام إعدام ظلمًا وترهيب ثم أحتلال وحرب طائفية وتفجيرات وجماعات متطرفة تمارس أبشع أساليب الإجرام والقتل، حصدت هذه المآسي أرواح آلاف من الأبرياء ناهيك عن تنظيم داعش وما خلفهُ من أرض مدمرة وأرواح منهكة وبعد كل هذهِ المراحل نأتي لقمع حشود الشباب التي تطالب بحقوقها! الحكومة العراقية تستطيع قطع الإنترنت وقمع الاحتجاجات في المدن، ومنع الصحفيين من إيصال الحقيقة، وملاحقة الشباب العُزل واعتقالهم ولكن لن تستطيع إزالة وإخفاء الاحتقان والكره الذي خلفتهُ هذهِ الاحتجاجات بداخل نفوس الشعب العراقي إتجاه من في الحكم لا غطاء الدين والعشيرة ولا أي انتماء مذهبي وطائفي سيغفر لكل الجهات المسؤولة الجرائم التي ارتكبت، ودماء الجرحى والشهداء التي اريقت في مدن العراق.