عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Sep-2023

أكاديميون يناقشون "سرديات جميل أبو صبيح" وتجربته الشعرية

 الغد-عزيزة علي

 ناقش أكاديميون "سرديات جميل أبو صبيح الشعرية"، في الندوة التي أقامها منتدى الرواد الكبار، أول من أمس، وشارك فيها كل من الدكتور عبدالرحيم مراشدة، والدكتورة دلال عنبتاوي، وأدارتها المستشارة الثقافية القاصة سحر ملص.
 
 
حضر الندوة جمهور من المهتمين بالشأن الثقافي ومديرة المنتدى هيفاء البشير، التي قالت "نلتقي في هذه الأمسية الثقافية لتسليط الضوء على عدد من سرديات الشاعر جميل أبو صبيح"، مشيرة إلى أن أساليب التعبير عن الذات تعددت عبر الكتابة من خلال الرواية والقصة والشعر وقصيدة النثر وغيرها، ولكنها كلها تعبر عما يفعل في أعماق الإنسان من مشاعر وسرد لأحداث مفردات الحياة المختلفة.
 
وأضافت "أننا في هذه الندوة أمام تجربة جديدة للشاعر جميل أبو صبيح من خلال إصداره لعدد من الروايات، فماذا يقول النقاد عنها، وأين يمكن أن تصنف وهل هي شكل أدبي قائم بحد ذاته".
وتحدث د. عبدالرحيم مراشدة، في ورقته وهي بعنوان "مقاربات نقدية في سرديات الشاعر (جميل أبو صبيح)"، عن إشكالية المصطلحات، ومن ذلك مصطلح السرد ومفهومه وعلاقته بشعرية النصوص، ومصطلح تعالق الأجناس والنص العابر للأجناس؛ حيث تقع كتابات الشاعر بين النثر والشعر. هذه جدلية تشغل النقد العربي في العصر الحديث، تبعا للتحولات للقصيدة العربية التي مرت، تحولات شكلية موضوعية، في محاولة من الشاعر الذي انخرط في عملية الإسهام بتجارب مهمة تواكب التحديث، فذهب في محاولة لاجتراح كتابة إبداعية مختلفة تتسم بمكونات لا تشير إلا إليه، بعد أن جرب الكتابة في الشعر العمودي وشعر التفعيلة وقصيدة النثر.
ورأى مراشدة أن أبو صبيح تمكن من أدواته الفنية، وذلك لاطلاعه على حركة التحديث والتجديد للأدب العربي واطلاعه على المناهج والتيارات الحديثة، وعليه وقف المراشدة على الجذور المرجعية والأنساق الثقافية التي تشرب منها الشاعر مكانة الكتابة بهذه الطريقة، واتكأ عليها، لا سيما وأنه في تجريباته فيما يتعلق بالإفادة من تحولات القصيدة العربية والعالمية، كان واعيا لذاته للكون والحياة ومجرياتها وآثارها على الإنسان العربي بخاصة، ثم اتجه الناقد إلى حركية التفاصيل والأشياء والمهيمنات النصية، لا سيما تلك التي تتكئ على حضور أشياء الحياة اليومية وتفاصيل في النص والتي تتعلق بهموم الشعب الفلسطيني بخاصة والشعب العربي بعامة، حيث جاءت التفاصيل لتشكل ومضات كثيفة باتجاه ترميزات تحيل الى ما يقع من ظلم وقهر للشعب المقهور، نتيجة الحروب المتعاقبة وآثارها.
وخلص مراشدة إلى أن أبو صبيح تمكن من تطويع النص الذي يتكئ على حركية السرد لخدمة خطاب النص واستراتيجيته والبعد الوطني القومي، عبر أساليب فنية راقية وباختزالية كثيفة تخفي مضمرات دلالة مهمة، ومسكوت عنه، وتحمل القارئ على المشاركة في النص لإنتاج الدلالات الخفية خلف السياق.
ومن جانبها، رأت الدكتور دلال عنبتاوي أن بعض قصائد أبو صبيح تعتمد في أسلوبها على السرد، فتقدم تصويرا لحكاية أو مشهد ما، ويستعين الشاعر في ذلك بالصورة الشعرية، خاصة عند وصف البيئة وتصوير ملامح الشخصية ونفسيتها، بينما يكثر اعتماده على التعبيرات الحرفية لدفع الحكاية/ القصيدة نحو النمو والتطور، أي لتحريك الأحداث والزمن، وإن كانت هذه القصائد التي تروي أحداثاً متتابعة يتضاءل فيها دور الصورة الشعرية إلى حد ما.
وأشارت عنبتاوي إلى أن ما لفت نظرها في هذه السرديات هو تعدد الأمكنة وحضورها المكثف في جميع سرديات هذه المجموعة، وقد رغبت في أن تسلط الضوء على الأمكنة الأليفة فيها فقط وتركت الحديث عن الأمكنة المعادية لقراءة أخرى تتبعها فيما بعد.
ولفتت عنبتاوي إلى أن الشاعر سعى في هذه السرديات للتعبير عن مدى قرب هذا المكان من ذاته ونفسه؛ فهو يقول في قصيدة "سردية الحمامة": "والمرأة بثوبها المطرز/ جلست على الأسفلت/ تثير نجوما صغيرة من الموسيقا/ والنجوم تطوف حولها/ هالات من الأقمار الزرقاء/ تبني بيتا من الموسيقا/ بيتا على البحر/ وأشجار صفصاف حول البيت/ ممر مرصوف بالصدف/ وساقية صغيرة على المرمر"، لقد ظهر البيت هنا مكانا أليفا بصوره الزاهية الجميلة، فهو بيت من الموسيقا/ ويقع في مكان جميل البحر/ وحوله شجر يلفه من الصفصاف وكان هذا البيت يعبر عن صورة جمالية خالصة.
وفي قصيدة سردية "لست أبكي"، التي يقول فيها أبو صبيح "جرافة بحجم البيت/ الجدران تنهار/ والأعشاب النابتة عليها/ وأنامل أجدادي/ تقفز إلى تربة مجاورة"؛ حيث يقول في القصيدة ذاتها وبموقع آخر "ولست أبكي/ ولكنه دمعي يسيل/ سأفرد علما كبيرا على الركام/ وأحمل مفتاح البيت على كتفي/ حمامة ترفرف على جيبتي ... ولست أبكي / لكنه دمعي يسيل/ على كتفي سرب من الأطفال/ يطلقون طائراتهم الورقية في الريح/ وأنا أقف على عتبة البيت/ أسحب قيثارة الريح/ وأعزف للركام".
وخلصت عنبتاوي إلى أن الشاعر يعطي للبيت هالة من الجمال والتصوير الرائع، فهو محاط ببحر من الضوء مضاء غير مطفأ يشع النور منه لأنه يطل ويقارب النجوم وفي الليالي الصافية التي لا تعكر الغيوم والسحب صفوها.
وقرأ الشاعر مجموعة من قصائده السردية منها "سردية ليست أبكي"، "سردية الحمامة"، "سردية القطار الليل" التي يقول فيها "في قطار الليل/القطار المنطلق كسلحفاة سريعة/ من أقصى الجنوب/ بعد الثامنة مساء/ إلى أقصى الشمال/ حيث الشبابيك بلا زجاج/ والستائر بنات الرياح/ أربعة أصدقاء".