الغد
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
توماس ناب* - (كاونتربنش) 5/9/2025
يشرع أعضاء الكونغرس الحاليون والمستقبليون في فهم أن أداء قسَم الولاء لقوة أجنبية لم يعد شرطًا مطلقًا للنجاح كما اعتاد أن يكون في الماضي.
لقد خسر النظام الإسرائيلي حربه متعددة الجبهات في غزة، والضفة الغربية، ولبنان، وسورية، واليمن. نعم، لقد فعل حقًا. وقد لا يبدو الأمر كذلك للوهلة الأولى، لكن الهزيمة حقيقية ومندغمة بوضوح في مستقبل إسرائيل.
دعوني أقيم الحجة أولاً لصالح "انتصار" إسرائيل:
منذ غزوها لغزة في العام 2023، أعلنت "قوات الدفاع الإسرائيلية" عن مقتل أقل من 800 جندي، في حين قتلت هي عشرات -وربما مئات- الآلاف من العرب الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين (بالإضافة إلى أكثر من 250 صحفيًا مزعجًا أو غير مرغوب فيه).
منذ البداية، أثبتت إسرائيل قدرتها على مهاجمة أي نقطة في غزة متى شاءت، دافعةً بسكان مطاردين جائعين ذهابًا وإيابًا فوق أكوام من الجثث، بينما تستولي في الوقت نفسه على المزيد من الأراضي في الضفة الغربية وسورية، وتقضي على معاقل "حزب الله" في لبنان، وتتبادل الضربات الصاروخية مع الحوثيين في اليمن، بل وتَخرج سالمة نسبيًا -وإن لم تكن ناجحة بشكل ملحوظ- من حرب متقطعة مع إيران.
ومع كل ذلك، يؤكد كبار مسؤولي النظام الإسرائيلي بثقة أن التطهير العرقي في غزة وضم الضفة الغربية هما أمران حتميان.
نعم، يبدو هذا كله وكأنه مجموعة من "الانتصارات"، المنجزة والمتوقعة. لكن هذه الانتصارات لم تأتِ من فراغ. لقد مكّنتها عقود من الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي الضخم من الولايات المتحدة.
نعم، ثمة أنظمة أخرى أسهمت في هذا التمكين أيضًا، لكن معظم هؤلاء "الحلفاء" يشرعون في التحرك فعليًا في الاتجاه المعاكس -بحظر مبيعات الأسلحة، والاعتراف بدولة فلسطينية، وفرض عقوبات على مجرمي الحرب الإسرائيليين.
ولكن، يبدو أيضًا أن الأمر يصل سريعًا إلى علاقة "لا فرق بيننا" القائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي بموجبها تضخ أميركا مليارات الدولارات سنويًا في خزائن الأخيرة، إضافة إلى المساعدات العسكرية المباشرة التي يتم إرسالها متى ما طلبت إسرائيل ذلك من دون طرح أي أسئلة (القانون الأميركي "يضمن" لإسرائيل "تفوقًا عسكريًا نوعيًا")، بينما تستخدم الولايات المتحدة سلطتها في فرض العقوبات واستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية بنيامين نتنياهو وأصدقائه من عواقب أفعالهم.
إن هذه العلاقة تقترب من نهايتها.
في أواخر آب (أغسطس)، كشف استطلاع للرأي أجرته "جامعة كوينيبياك" أن 50 في المائة من الأميركيين يصنّفون الآن عمليات إسرائيل في غزة على أنها إبادة جماعية، وأن 60 في المائة -من بينهم 37 في المائة من الجمهوريين، و75 في المائة من الديمقراطيين، و66 في المائة من المستقلين- يعارضون استمرار المساعدات العسكرية لإسرائيل، على الأقل طالما كانت الإبادة الجماعية التي تنفذها مستمرة.
قد لا تظهر آثار هذا التغيّر في المواقف الأميركية تجاه إسرائيل على الفور، لكن النتيجة أكثر "حتمية" مما تقدّره أوهام السياسيين الإسرائيليين التوسعيين.
في السياسة الداخلية الأميركية، يُشار أحيانًا إلى "الضمان الاجتماعي" باعتباره "سكة ثالثة" سياسية -إذا لمستها، فإنك ميت.
وقد تمتعت "العلاقة الخاصة" مع إسرائيل بالوضع نفسه في الشؤون الخارجية لعقود بفضل جماعات ضغط ممولة جيدًا. كان السياسيون الأميركيون الذين لا يريدون أن يخسروا انتخاباتهم التمهيدية أمام خصوم مدعومين من تلك الجماعات يصوتون بإخلاص لصالح كل مطلب إسرائيلي للحصول على مساعدات (غالبًا بعد مراسم تصوير طقوسية عند حائط البراق في القدس المحتلة).
لكن تلك "السكة الثالثة" شرعت في فقدان جهدها الكهربائي بسرعة. ربما يبقى الرئيس دونالد ترامب خاضعًا ومُشترى بالرشاوى السياسية بمئات الملايين من الدولارات التي صرفتها لصالحه المصالح الإسرائيلية، لكن أعضاء الكونغرس الحاليين والمستقبليين يشرعون في فهم أن أداء قسَم ولاء لقوة أجنبية لم يعد شرطًا مطلقًا للنجاح كما اعتاد أن يكون في الماضي.
و، من دون "المتنمّر الكبير" الذي يدعم كل خطوة من خطوات حليفه بلا استنطاق، ستؤول خطط "المتنمّر الصغير" التوسعية سريعًا إلى الفشل.
*توماس ل. ناب Thomas L. Knapp: المدير والمحلل الإخباري الأول في "مركز ويليام لويد غاريسون للصحافة الدفاعية الليبرتارية" William Lloyd Garrison Center for Libertarian Advocacy Journalism، حيث يقود العمل التحريري ويقدم تحليلاته للسياسات والقضايا الراهنة. عمل في الصحافة، سواء كهواية أو مهنة، لأكثر من 35 عامًا، كما أنه مؤسس ومحرر نشر صحيفة "راشيونال ريفيو نيو دايجست" منذ العام 2003. عمل سابقًا كمحرر تنفيذي في "مؤسسة هنري هازلِت" و"فري ماركت نِت"، وكمنسق إعلامي كبير في "مركز المجتمع بلا دولة" Center for a Stateless Society خلال الفترة 2009–2015، بالإضافة إلى اشتغاله في الموقع المناهض للحرب Antiwar.com.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Gaza War Isn’t Over, But Israel Has Already Lost