عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jul-2020

بوتين والأسد يرقصان السولو عن بعد - تسفي برئيل

 

هآرتس
 
في الاسبوع الماضي فرضت روسيا الفيتو على مشروع القرار الذي قدم لمجلس الامن والذي بحسبه ستواصل كل المعابر الحدودية بين سورية وتركيا العمل مثلما كان في الماضي من اجل قوافل المساعدة المخصصة للمحافظات في تركيا والمناطق التي تقع تحت سيطرة مليشيات المتمردين. روسيا والصين عارضتا ايضا اقتراح تسوية يقول إنه فقط معبرين للحدود سيواصلان العمل. وهما تطالبان أن يعمل فقط معبر واحد، الموجود تحت سيطرة النظام السوري بحيث يخدم قوافل المساعدات. تفسير ذلك هو أن كل ارساليات المساعدة الى سورية عبر الحدود التركية ستصل الى دمشق – ومنها ستوزع المساعدات للمحتاجين حسب ما يراه النظام السوري وحسب توجيهات القوات السورية. ويبدو أن هذه هي أداة الضغط الجديدة التي تستخدمها موسكو من اجل قطع علاقة الاكراد في سورية مع الولايات المتحدة. ومن اجل الضغط ايضا على محافظة ادلب التي يتركز فيها نحو 50 ألف من مقاتلي المليشيات.
مثلما في فترات الحرب السابقة في سورية ايضا الآن ستجد قوات الولايات المتحدة صعوبة في شمال شرق سورية – الذي تتركز فيه قوات المتمردين الاكراد – من اجل مواجهة الحصار الاقتصادي الذي تمارسه روسيا على المنطقة، إلا اذا قرروا في واشنطن المواجهة بصورة مباشرة مع القوات السورية.
للاكراد الذين كما يبدو يحظون بحماية اميركية، من الواضح تماما من يسيطر على المنطقة. في الاسبوع الماضي التقى قائد القوات الكردية مظلوم عابدي مع قائد قوات روسيا في سورية، الكسندر شايكوف، من اجل أن يطلب منه وقف هجمات الطائرات بدون طيار التركية على المحافظات الكردية والمساعدة في نقل المساعدات المدنية. بعد ثلاثة ايام التقى عابدي مع كينيت مكانزي، قائد المنطقة الوسطى الاميركية من اجل “تنسيق استمرار الحرب ضد قوات داعش”، حسب اقوال عابدي.
الحرب ضد داعش رغم تصريحات الرئيس دونالد ترامب قبل سنة تقريبا ما تزال مستمرة. صحيح أن داعش لم يعد يسيطر على مناطق في سورية والعراق، ولكن وحداته تواصل تنفيذ عمليات، وبهذا فهي تمنح واشنطن الشرعية لإبقاء قواتها في شمال سورية والعراق وتأخير انسحابها. ومن يحاربون داعش فعليا هم الاكراد الذين يجابهون ليس فقط مقاتلي داعش، بل ايضا المليشيات المؤيدة لإيران، والعاملة في منطقة دير الزور المحاذية للعراق وكذلك مع وحدات الجيش السوري.
روسيا تطمح الى فك العلاقة الوطيدة بين واشنطن وبين القوات الكردية من اجل اخضاع الاكراد لخطتها السياسية، الساعية الى أن تعيد فرض سيطرة الاسد على كل سورية. من اجل ذلك بدأت روسيا في شهر نيسان سلسلة لقاءات مع رؤساء القبائل العربية في شمال سورية وعرضت عليهم انشاء قوة عسكرية منفصلة خاصة بهم، بحيث تكون خاضعة لقيادة روسيا – ولكنهم رفضوا في هذه الاثناء الاقتراح. هم يشكون بأن روسيا تنوي انشاء قوة عسكرية قبلية سيتم ارسالها الى ليبيا في نهاية فترة التدريب والاعداد للمساعدة في الحرب ضد الحكومة المعترف بها هناك.
في نفس الوقت قوات روسيا تستثمر جهود اعلامية من اجل اقناع القيادة الكردية بالانفصال عن الولايات المتحدة. وحسب اقوال الروس فان الولايات المتحدة من شأنها في كل لحظة أن تقرر سحب قواتها من المنطقة بصورة كاملة، وهكذا سيبقى الاكراد بدون حماية. ومقابل الانفصال، تقول موسكو، سيحظى الاكراد بدعم سياسي وتعهد بأن يكونوا جزءا لا ينفصل عن العملية السياسية، وايضا سيكونون شركاء في حكومة سورية التي ستتشكل عند انتهاء الحرب. حتى الآن كان هناك عدة لقاءات بوساطة روسيا بين ممثلين اكراد وبين ممثلي حكومة سورية ولكن بدون احراز نتائج حتى الآن.
هكذا يتضح أن الاكراد ايضا لا يسارعون الى تبني اقتراحات موسكو. وعندما حاولت القوات الروسية بناء قاعدة عسكرية محاذية لمدينة مالكية في شمال شرق سورية، قرب الحدود مع تركيا، ووجهوا بمعارضة شديدة من السكان الاكراد واضطروا الى التنازل عن خطتهم. قبل نحو سنة اعلن عابدي بأن الاكراد لا يمكنهم الاعتماد على الروس، لكنهم لن يعارضوا “المسار السياسي لأنه المسار الوحيد لإنهاء الحرب”. بيد أن هذا المسار هو مسار مغلق، وفتحه لا يتعلق بالاكراد وحدهم.
بشار الاسد نفسه غير متسرع للذهاب الى أي مكان. تبني دستور جديد واجراء انتخابات وتشكيل حكومة جديدة، يعني تقليص صلاحياته واستبدالها بخضوع مطلق لروسيا. صحيح ايضا أن الاسد الآن مضطر الى تنفيذ التوجيهات الروسية واعطاء روسيا امتيازات اقتصادية سخية مقابل النفط والمساعدات العسكرية التي يحصل عليها، وأن يصك اسنانه عندما تهاجم اسرائيل اهدافا ايرانية في اراضيه والعيش بسلام مع سيطرة تركيا على مناطق في سورية. ولكن كل ذلك يضمن له حتى الآن البقاء في الحكم والحفاظ على التركة التي حصل عليها من والده. حسب رأيه، روسيا لم تستكمل بعد مهمتها. هي لم تنجح في أن تفرض على الاتراك سحب ميليشيات المتمردين من محافظة ادلب ولم تقم باخضاع الاكراد – من هنا لم تنضج الحاجة الى حل سياسي.
موقف سورية هو أنه اذا كانت روسيا تريد أن يُطبق دستور جديد وأن تفرض على الاسد تنازلات سياسية فعليها أن تتأكد في البداية من أن المعارضة المقاتلة ستلقي سلاحها، وأن تركيا ستسحب قواتها، والولايات المتحدة ايضا. يبدو أنه لا توجد للاسد اوراق مساومة امام روسيا، لكن توجد له سيطرة مدنية على معظم اجزاء سورية، والجيش الذي ما يزال في معظمه مخلصا له – وروسيا لا يوجد لها حتى الآن زعيم بديل يستطيع أن يقوم بالعمل من اجلها.