عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jul-2023

للعيش براحة وسعادة.. كيف تتقن التفكير الإيجابي؟

 الغد-رشا كناكرية

 لطالما كانت وفاء أحمد ( 27 عاما)، عالقة في صراع داخلي مع أفكارها السلبية التي دائما ما كانت تنتصر على الإيجابية منها، إذ تعترف بأن لديها خوف دائم من حدوث أمر سيئ، والذي سرعان ما يحدث دون أن يخيب ظنها، وفق وصفها.
 
اعتادت وفاء على هذا الشعور على مر السنوات بحسبها، ولكن شعور الخوف كان يزاد كلما تقدمت بالعمر وازدادت الأمور أهمية، وهذا جعلها تدخل في حالة نفسية سيئة.
 
ولتخرج من هذه الحالة قررت وفاء، أن تبوح وتشتكي لإحدى صديقاتها لعلها تجد لها سبيلا ما للتخلص من هذا الخوف الذي جعلها تعيش في حالة من عدم الأمان والقلق الدائمين، ولتخبرها، أنها هي من تتحكم بمشاعرها وهي المسؤولة عن الذي تعيشه الآن.
وبالرغم من محاولات الصديقة، إلا أن الأمر كان صعبا على حد وصفها، وتقول: "كان الموضوع أصعب مما أتخيل"، وكأنها في معركة داخلية مع نفسها، ولذلك قررت التوجه لمختص نفسي لمساعدتها في تفعيل طريقة التفكير الإيجابي لديها، وقد احتاج منها هذا الأمر إلى وقت وصبر طويلين.
وتقول: "قررت ما أستسلم لأصل إلى هدفي عشان أتغير وما أعيش هذا الشعور طوال حياتي". وفي النهاية نالت وفاء مرادها وحاربت أفكارها السلبية وحولتها إلى إيجابية بعد محاولات عديدة. 
بينما جلال( 33 عاما)، يدرك تماما أهمية أفكاره وتأثيرها الكبير على حياته ومشاعره، لهذا دائما كان ينتبه إلى ماذا يفكر، ويسيطر على أفكاره ويحاول قدر المستطاع الابتعاد عن الأفكار السلبية المؤذية ليعيش حياة سعيدة.
ويشير جلال، إلى أن هذه الطريقة في التفكير كبرت معه فقد تعلمها من والدته في صغره، إذ تردد على مسامعه دائما القول: "أفكارك هي التي قد تجلب لك السعادة والنجاح أو قد تقودك للفشل"، ويرى أن تلك الكلمات عززت أفكاره الإيجابية، كما حرص على السير على هذا الطريق في حياته.
ولعل معظمنا يخوض يوميا معركة داخلية مع عقله بمجموعة من الأفكار التي تسكنه والتي تتنوع بين الجيد والسيئ، وتقوده لدوامة من المشاعر المختلطة ليغيب عنا أن هذه المشاعر ما هي إلا نتيجة أفكارنا.
ومن الجانب النفسي، تبين الاختصاصية النفسية عصمت حوسو، أن الإنسان هو عبارة عن ترجمة لأفكاره، والأفكار تتحول إلى معتقدات، والتي بدورها تتحول إلى تأكيدات وبعدها اتجاهات، ثم تنتقل الفكرة للشعور، وتتحول إلى سلوك وهذه الدائرة التي تستمر بها حياة الانسان.
وتوضح حوسو، أن المعظم تربى على أن يركز على النقطة الوسطى، ألا وهي المشاعر فهي المرصد بالنسبة لتقييم أي أمر، بمعنى، "إننا ماذا نشعر تجاه الشخص أو الموقف؟.. وما الذي سيحصل؟"، ولكن في الحقيقة، لا يوجد شعور نشعر به سواء سلبي أو إيجابي إلا وقد ربط بفكرة ما في الدماغ، ولكن للأسف نحن لم نتعلم هذه الأمور". 
وتشير حوسو، إلى أن هذا الشعور يتحول إلى سلوك سواء إيجابي أو سلبي وجزء كبير من ثقافتنا ورثناها على نمط التفكير، والقلق السلبي أكثر من الإيجابي وفعليا بالعلم، والحقيقة أن فكرة سلبية واحدة تقضي على مائة فكرة ايجابية من شدتها وقوتها، والعقل عندما يعمل منذ سنين على نمط التفكير السلبي، الذي يسبب له مشاعر الخوف والقلق والغضب، ومن سلوكياته العصبية والانسحاب والهجوم وجميع هذه الأمور السلبية تحتاج إلى وقت طويل حتى يتحول نمط التفكير إلى الإيجابي، وهذا الأمر له علاقة بالمسارات العصبية في الدماغ.
وتوضح، بمعنى أنه عندما يفكر الشخص بطريقة معينة وبالسلبية ذاتها، يصبح هناك حجبا وإغلاقا "بلوك"، للناقلات العصبية، فلا تنقل الهرمونات التي تجعل ردة فعل الإنسان على المثير سواء الموقف أو الشخص أو الزمان والمكان بطريقة صحيحة، وذلك يعود لسببين، إما يكون إفراز الهرمونات التي تسبب القلق والتوتر مثل الكورتيزول أو وجود المعيقات لوصول هرمون السعادة "السيروتونين والدوبامين، وغالبا البعض يلجأون ويعتمدون على المواد والمهلوسات والحبوب من أجل أن يرفعوا هذا الشعور، وفق حوسو.
وعليه تشدد حوسو، على أنها دائما ما تنصح الفرد عندما يرهق عقله ويسبب ذلك له أي مرض عصبي سواء قلق أو اكتئاب بالتوجه للعلاج الفوري إلى الطبيب، وإذ لم يتم معالجة الأمراض العصبية، فإنها مع الزمن وبضعف الأدوات وكثرة الضغوط، التي حوله تتحول إلى أمراض ذهانية وهي الحالة المرضية التي يفقد فيها الفرد، اتصاله بالواقع، مؤكدة بذلك، أن الدواء بمفرده لا يكفي.
وتشير حوسو، إلى أن الجلسات العلاجية تدرب الدماغ على طريقة التفكير الصحيحة، موضحة أنه عندما نريد أن نغير فكرة سلبية نحتاج إلى 66 يوما، وذلك لأننا سنخلق مسارات عصبية جديدة، وأثناء التفكير بطريقة جديدة، تخلق مسارات عصبية بطريقة صحية، ولكن هذا يحتاج إلى صبر ووقت وجهد واستمرارية وديمومة في نمط التفكير الجديد، مع تفعيلها بمختبر الواقع "مختبر السلوك الإنساني" عن طريق التجارب .
وعلى سبيل المثال، إذ كان شخص يفكر أنه لا يعلم كيف يفرح بالرغم من أنه يمتلك كل شيء أو يعاني من قلق المستقبل أو دائما يكون في حالة خوف، فهذا شعور مرتبط بفكرة لها علاقة بطريقة التربية، وكيف عود عقله على التفكير.
وتقول: "لذلك علينا أن نجعله يركز على الواقع، وفكرة أنه يركز على الواقع تحتاج إلى وقت، موضحة، أول 22 يوما، نبدأ بزرع بذور الفكرة والـ22 يوما التي تليها، يكون هناك صراع ما بين القديم والحديث، ثم الـ22 يوما التي بعدها، نحول اتجاه الفكرة من أقصى اليمين لليسار أو العكس، وهنا، تخلق مسارات عصبية من أجل أن تساعد الإنسان كميائيا، وهو يساعد نفسه بالتفكير حتى تصبح مشاعره متوازنة وسلوكه متوازن ورود فعله تقابل المستوى المثير الذي أمامه".
وتلفت حوسو، إلى أنه من المفترض، أن ندرس ونعلم مهارات الحياة هذه للطلبة في المدارس والجامعات، فهذه الأمور غالبا نتعلمها بعد ثمن باهظ، وبعد تجارب مريرة، ومشاعر سيئة كثيرة، وبعد نمط تفكير مرهق، وعليه فكلما تقدم الإنسان في نمط التفكير السلبي، تصبح هناك صعوبة في تحول فكره إلى الإيجابي.
وتشير حوسو، إلى أن الفكرة الإيجابية: هي ذبذبات وطاقة تخرج في المحيط الذي حولها وتصبح تجذبك كالمغناطيس، لذلك إذا بقيت تفكر بها بطريقة صحيحة، فهذا يعني أن تجذب الامور الجيدة، وعندما يفكر الفرد بطريقة إيجابية مثلا، يريد شراء سيارة، فهنا الفكرة زرعت بذورها في دماغه، وبالتأكيد يجب أن تكون فكرة واقعية ومن الممكن تحقيقها في يوم من الأيام.
ومن جهة أخرى، إذ زرعت البذور، ولم تخرج النبته سريعا، فهناك أشخاص يشعرون باليأس، لكن الصحيح وفق حوسو، أنه يجب التفكير بأنه مع الوقت ستخرج الجذور والساق والبراعم وعندها تنتقل هذه الفكرة للشعور، ويصبح دائما يعيش شعورا حماسيا ومحفزا، ويبحث عن المعلومة والوسائل والحلول للوصول إلى الهدف والسلوك، يصبح هناك أيضا تفعيلا للمشاعر الإيجابية وهنا تتحقق الفكرة.
وتذكر حوسو، أن أكبر دليل على ذلك الأمثلة الشعبية، فقبل حلول النظريات والعلم دائما كان الأهل يخبروننا أن الذي يخاف من شيء يخرج له، وكانت تردد تلك العبارة من باب التجربة، فالإنسان القلق الذي دائما يخاف من حدوث شيء، دائما يحدث له وبالذات الأشخاص الذين دائما يفكرون بالحسد.
وتختتم حوسو: "عندما نشعر أنفسنا سلبيين أو بدأنا بسبب الضغوط والمشاكل نقع في فخ التفكير السلبي،  وقتها يجب أن نجلس مع أنفسنا ونقوم بمراجعة ذاتية ونبدأ بالتفكير بطريقة صحيحة، وهذا التفكير للإنسان الذي ليس لديه دمار عقلي نفسي، بسبب هذه الضغوط والمشاكل، وإذ لم يقدر وقتها على ذلك، عليه أن يتجه للمختصين الذين يدربونه بطريقة صحيحة، كيف يحول المسارات العصبية بطريقة التفكير وعليه، تكون المشاعر وردود الفعل متوازنة.